نوايا مبيتة خلف تعطيل الحكومة وقضية البيطار أصبحت خلفنا
بقلم: اكرم كمال سريوي

النشرة الدولية –

الثائر نيوز –

لا يزال البحث عن حل للأزمة الحكومية على خلفية الخلاف حول تنحية المحقق العدلي القاضي بيطار تراوح مكانها، وأفادت معلومات للثائر أن الحل الذي طرحه الرئيس نبيه بري، بأن يتولى المجلس النيابي وفقاً للدستور موضوع معالجة ملف محاكمة الوزراء، الذين طلب التحقيق معهم القاضي بيطار، لم يتم التوافق عليه بعد، وهو مرتبط بملف الطعن بقانون الانتخاب الذي قدمه التيار الوطني الحر أمام المجلس الدستوري.

لم تنظر محكمة التمييز بصحة دعوى الأرتياب التي تقدم بها الوزراء علي حسن خليل وغازي زعيتر وطلبهما رد وتنحية المحقق العدلي في قضية جريمة انفجار المرفأ، لكنها ردت الطلب استناداً لعدم الاختصاص، وأوضحت في متن القرار أن المحقق العدلي ليس قاضياً من قضاة محكمة التمييز، وأن الصلاحيات الممنوحة له بموجب المادة ٣٦٣ أ م ج لا تجعله تابعاً للنيابة العامة التمييزية، وبالتالي فإن طلب رده لا يُقدّم أمام هذه المحكمة. ولم تُحدد محكمة التمييز المرجع الصالح لتقديم طلب رد المحقق العدلي.

هذا القرار رغم صحته يخلق إشكالية قانونية وتساؤلاً كبيراً، حول من هو المرجع الصالح لتنحية المحقق العدلي؟ وفي هذه القضية أو في قضية أُخرى، قد تُحال أمام المجلس العدلي، فمَن يُنصف طالب الرد ويُحقق له العدالة، فيما لو كان طلبه مُحقّاً؟

يرفض مجلس الوزراء وعلى لسان رئيسه نجيب ميقاتي التدخل في عمل القضاء واتخاذ قرار بتنحية القاضي بيطار، وفي نفس الوقت هذه الصلاحية لا تنعقد لمجلس القضاء الأعلى الذي رفض أيضاً البت في الأمر، وفي ظل إصرار الثنائي الشيعي على مقاطعة جلسات الحكومة حتى حل هذا الموضوع، ما زالت الأمور تراوح مكانها، رغم تفاقم الأزمة المعيشية التي باتت تُنذر بعواقب وخيمة وانهيار شامل في الأشهر المقبلة.

تنص المادة ٣٤٠ من قانون أصول المحاكمات الجزائية على: للنائب العام التمييزي وحده أن يطلب نقل الدعوى لسبب المحافظة على السلامة العامة.

قال مرجع قضائي للثائر : بعد ما حصل في الطيونة من أحداث خطيرة متعلقة بتنحية القاضي بيطار كان يمكن لمدّعي عام التمييز غسان عويدات استخدام صلاحيته في هذا الموضوع، فهو يرأس جميع النيابات العامة ولا يخرج عن صلاحياته عمل المحقق العدلي بيطار، فالنائب العام التمييزي وفقاً للمادة ٣٦٣ أ م ج يحق له أن يطّلع على ملف الدعوى لدى المحقق العدلي وأن يبدي ما يراه من مطالعة أو طلب.

يرى بعض الاجتهاد في لبنان أنه يحق لمحكمة التمييز تنحية و رد أي عضو من أعضاء المجلس العدلي، والوحيد الذي لا يحق لها رده هو رئيس المجلس العدلي، أي ( الرئيس الأول لمحكمة التمييز) كونه مُعيّناً بالقانون وليس بمرسوم أو بقرار من وزير العدل مثل المحقق العدلي. ويستند هذا الرأي إلى كون القانون لم يُعيّن مرجعاً آخر للنظر في طلبات رد المحقق العدلي وأعضاء المجلس العدلي، ولا يجوز وفقاً لأحكام العدالة إهمال البت بهذه الطلبات، فإنه من الضروري وبات لزاماً على محكمة التمييز اعتبار هذا الأمر من صلاحياتها وقبول الدعاوى بشأنه.

لكن محكمة التمييز ذهبت باتجاه آخر في الاجتهاد، معتبرة أن رد وتنحية المحقق العدلي ليس من صلاحياتها سنداً للمواد ١٢٣ و ١٢٥ من قانون أصول المحاكمات المدنية، وبالتالي رفضت النظر في الطلب المقدّم أمامها من قبل الوزيرين خليل وزعيتر.

صرح مصدر سياسي للثائر بالقول : لم يعد موضوع تنحية القاضي بيطار أمراً قانونياً بحتاً، بل أصبح له طابع سياسي، ولا أحد من القضاة والمراجع القضائية يريد حرق أصابعه في هذا الموضوع، باتخاذ قرار تنحية القاضي بيطار، أولاً لِأنّه لا ضمانات بانتهاء المشكلة في حال تمت تنحية البيطار وتعيين قاض آخر. وثانياً لِأنّ ذلك سيكون له تداعيات، وسيضع صاحبه في مواجهة مع مراجع سياسية وأهالي الضحايا، ويضعه في خانة الاتهام بأنّه لا يريد تحقيق العدالة.

ويضيف المصدر: بأنَّ موضوع البيطار أصبح خلفنا عملياً، فالتحقيق سيُستكمل وفقاً للقانون، وستتم إحالة ملف الوزراء المتهمين إلى المجلس الأعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء، وهذا المخرج بات يلقى قبولاً لدى معظم الأطراف، أولاً لمطابقته لنصوص الدستور وثانياً لِأنَّه السبيل الوحيد للخروج من الأزمة.

لكن عن موضوع استمرار تعطيل جلسات الحكومة يقول المصدر: إن الأزمة ترتبط مبدئياً بمسألة استقالة الوزير قرداحي، وكيفية ترتيب العلاقات مع دول الخليج، ويبدو أن الوساطة الفرنسية باءت بالفشل في هذا المجال والسعودية تريد أكثر من استقالة الوزير وقد يتظهر ذلك في الزيارة المرتقبة للرئيس إيمانويل ماكرون إلى دول الخليج في ٣ و ٤ من هذا الشهر.

ويضيف المصدر: لقد أخطأ قرداحي ومن خلفه بعدم تقديم استقالته، وكان عليه أن يأخذ بنصيحة البطريرك الراعي ولا يُفشل مبادرته، ويضع مصلحة الوطن فوق المصالح الخاصة، والابتعاد عن المناكفات والتصريحات المضرّة بلبنان واللبنانيين، والآن يبدو أننا أمام حسابات أُخرى أيضاً ترتبط بملف الانتخابات ونتائج الطعن المقدم أمام المجلس الدستوري، وربما أكثر من ذلك، فهناك من ينتظر نتائج مفاوضات فيينا، ولقد فُتحت معركة رئاسة الجمهورية على مصراعيها، خصوصاً بعد تصريحات الرئيس عون عن الخلف وإمكانية التمديد وعدم تسليمه للفراغ، كل هذا لا يدل على أن مسعى الرئيس ميقاتي في تدوير الزوايا وتأمين عودة مجلس الوزراء للأنعقاد، سيتكلل بالنجاح قريباً.

زر الذهاب إلى الأعلى