كاميراتي الأمنية
بقلم: أحمد الصراف

النشرة الدولية –

لا شك أننا نعيش في عالم يتزايد فيه عدد المجانين أكبر بكثير من تزايد عدد الحكماء. فعدد غير المستقرين نفسياً، لسبب أو لآخر، والأغلبية تحسبهم طبيعيين، ليس بالصغير، والدليل هذا العدد الكبير من المرضى النفسيين المقيدين لدى مستشفى الطب النفسي.

كما يمكن الاستدلال على درجة «اختلال العقل الجمعي» لمجتمع ما من مراقبة حركة السير، وعدد حوادث السيارات التي ترتكب يومياً، وأسبابها، وقلة احترام أغلبية مستخدمي الطرق لقواعد وأنظمة المرور، وكل المؤشرات تبين خطورة الوضع، ففي كل مرة أجد نفسي على الطرق السريعة باتجاه المزارع أو الشاليهات، ألاحظ مدى انشغال عشرات دوريات المرور بملاحقة سيارة هنا، وأخرى في الاتجاه المعاكس، وتحرير كم هائل من مخالفات المرور، وفي أية ساعة من ساعات الليل أو النهار، فكيف يمكن للإدارة المعنية ملاحقة كل هذا العدد الهائل من المخالفين والمستهترين ومجانين القيادة، ومنهم نسبة لا بأس بها من المتعاطين؟ هذا غير كم المخالفات الأخرى من سرقة البيوت وأغطية المناهيل وجرائم الضرب والقتل، والتشحيط والتشفيط في المناطق السكنية، وظاهرة قيام الأطفال بقيادة السيارات، وغيرها الكثير حيث لا يمكن لقوة الشرطة في أية مدينة في العالم ملاحقتها وضبطها، فهذا شيء أصبح من الماضي في عالمنا المجنون هذا، ولهذا استعانت السلطات الأمنية في كل المدن الكبرى بكاميرات مراقبة دقيقة التي بإمكانها كشف مرتكبي الكثير من المخالفات والجرائم الكبيرة، والتعرف على وجوه المطلوبين والمشتبه بهم، وبالتالي ملاحقتهم.

تحتاج هذه الكاميرات إلى خريطة انتشار واسعة ومدروسة بعناية، وفريق مؤهل قادر على إدارتها وحسن استغلالها أولاً فأول، من خلال نظام اتصال سريع يسمح بالتحرك لموقع الجريمة خلال دقائق!

***

قد يعترض البعض على انتشار الكاميرات الأمنية، التي بوشر بتركيبها على أعمدة تشبه أعمدة الإنارة على الطرق السريعة، والتي أصبحنا نجدها هنا وهناك، لأنها برأي البعض تمثل رقابة على الحياة، وتدخلاً في الحرية الشخصية وفي خصوصيات الغير، ولكن المثل يقول: لا تسرق لا تخاف! وبالتالي أنا لست ضدها، فعالمنا المجنون يحتاجها.

كما نتمنى في هذه العجالة أن يعطي مجلس الأمة أهمية قصوى لقانون المرور الجديد، الذي نحن بأمس الحاجة إليه لتضمنه عقوبات رادعة، فوكيل وزارة الداخلية المساعد لشؤون المرور بحاجة إلى من يسنده في عمله، فمن السخف اتهامه بالتقصير، وفي الوقت نفسه تعطيل مجلس الأمة إقرار القوانين التي تساعده في تأدية عمله، بأعذار غير منطقية، نتيجة انشغال أغلبية الأعضاء بمعارك شخصية.

إن تمرير قانون المرور سيقلل حتماً من مشاكل المرور التي نعاني منها جميعاً، كما أن الكاميرات الجديدة ستساهم في الكشف عن كثير من المخالفات والجرائم والمجرمين.

 

زر الذهاب إلى الأعلى