المستشفيات اللبنانية مرغمة على استقبال مرضى الوزارة والبنك الدولي يدفع
النشرة الدولية –
المدن – عزة الحاج حسن –
دخل البنك الدولي على خط الأزمة الاستشفائية مباشرة، عبر عقدة تعرفة المستشفيات في لبنان، التي أرهقت آلاف المرضى، وحرمت أضعافهم من الطبابة والإستشفاء. فقد باشر البنك الدولي منذ أيام تطبيق برنامج جديد لدعم القطاع الصحي والاستشفائي بقطاعيه العام والخاص، ومساعدة العائلات على تحمل أعباء ارتفاع الأسعار.
فكيف سيتم تقديم الدعم الصحي والاستشفائي؟ وهل من آلية دقيقة لتغطية الفواتير الاستشفائية؟ من تشمل عملية الدعم؟ وهل من سقوف للمساعدة؟ كلها أسئلة تتردد على ألسنة المرضى، وكل مواطن عاجز عن تغطية فواتيره الطبية والاستشفائية. لكن يبقى السؤال الأهم، هل من ضابط أو لاجم لشهية المستشفيات على تضخيم فواتيرها؟ خصوصاً أن للمستشفيات الخاصة تحديداً تجارب حية تشهد بعدم شفافيتها ومبالغتها بأرقام الفواتير؟
دعم البنك الدولي
وضعت وزارة الصحة برنامجاً للتعاون مدعوماً من البنك الدولي، لتغطية التعرفة الاستشفائية عن مرضى وزارة الصحة، في المستشفيات الحكومية والخاصة، بنسبة 3.5 أضعاف التعرفة المعمول بها حالياً في المستشفيات ولدى الأطباء. هذا الدعم سيتم التوجه به إلى كافة مرضى الوزارة، في سبيل التخفيف من الأعباء التي ألقتها المستشفيات مؤخراً على عاتقهم، من خلال تحميلهم فوارق التعرفة بمبالغ مالية ضخمة.
ويوضح وزير الصحة العامة، الدكتور فراس أبيض، في حديث إلى “المدن”، خلفية وآلية الدعم، وهو عبارة عن قرض من البنك الدولي يعود لأربع سنوات سابقة بلغ 120 مليون دولار، خُصّص حينها لدعم وزارة الصحة، واستُخدم نصف المبلغ تقريباً بين مواجهة كورونا وأمور اخرى. والمبلغ المتبقي يتم الإنفاق منه حالياً على اللقاحات، فيما سيتم استخدام الباقي في تغطية الاستشفاء. كما يشرح بأن التغطية ستتم بناء على دراسة قامت بها الوزارة والبنك الدولي، ترتبط بموضوع التكلفة الاستشفائية وما يدخل بفواتيرها من أمور أخرى، كالمازوت والتنظيفات والصيانة وأمور غير طبية ومستلزمات غير مشمولة بالفاتورة الطبية. وتم التوصل إلى أرقام مرتفعة جداً. فنقابة المستشفيات الخاصة تقدر نسبة ارتفاع التكاليف بنحو 8 أضعاف، غير أنه جرى التوافق معها على رفع التكلفة إلى 3.5 أضعاف. وهو ما توافق عليه مع البنك الدولي.
كيفية التغطية
ارتأى البنك الدولي تغطية فواتير مرضى وزارة الصحة بنسبة 3.5 أضعاف الفاتورة على ما يؤكد أبيض، وجرى تقسيمها على ضعف واحد (أي قيمة الفاتورة الأساسية وفق التعرفة الحالية) يتم توزيعها بين الوزارة والمريض، (15 في المئة منها على المريض و85 في المئة على نفقة الوزارة) ويبقى ضعفين ونصف من قيمة الفاتورة يسددها البنك الدولي للمستشفى.
على سبيل المثال إذا كانت الفاتورة الإجمالية لعملية جراحية بقيمة مليون ليرة، يسدد منها المريض كما جرت العادة قبل موضوع القرض قيمة 15 في المئة، أي 150 ألف ليرة، وتسدد الوزارة للمستشفى 85 في المئة، أي 850 ألف ليرة، في حين يسدد البنك الدولي 2 مليون و500 ألف ليرة للمستشفى، أي ضعفين ونصف قيمة الفاتورة. وبذلك تكون المستشفى قد تقاضت قيمة الفاتورة بنحو 3.5 أضعاف ما هي عليه اليوم.
وإضافة إلى المستشفيات، فقد ارتفعت تعرفة أتعاب الأطباء أيضاً (K)، من 7500 ليرة إلى 26250 ليرة، بمعنى أن الطبيب الذي كان يتقاضى 200 ألف ليرة أو 300 الف ليرة بدل أتعاب عملية ولادة مثلاً، أصبحت مليوناً و50 ألف ليرة. ووفق أبيض، قد لا تكون التعرفة منصفة، لكنها من دون شك أفضل من التعرفة القديمة، على أن يستمر الوضع الجديد إلى حين إيجاد حلول نهائية ومرضية لجميع الأطراف.
ضبط تجاوز المستشفيات
بالنتيجة، بات من حق كل مريض على عاتق وزارة الصحة الدخول على أي مستشفى خاص أو حكومي، وتلقي العلاج من دون سداد أي فارق للفاتورة. وذلك، بناء على الاتفاق المبرم بين الوزارة والبنك الدولي بتغطية الأخير 3.5 أضعاف التعرفة الاستشفائية والطبية، وبناء على موافقة المستشفيات بشخص نقيبها سليمان هارون. وفي حال أي خلل أو مخالفة للاتفاق المذكور، فإن على وزارة الصحة اتخاذ الإجراءات اللازمة بحق أي مستشفى مخالف وصولاً إلى فسخ العقد معه.
أما فيما خص مراقبة الفواتير الاستشفائية الصادرة عن المستشفيات، فإنها ستخضع إلى رقابة مزدوجة. الأولى، من قبل وزارة الصحة. والثانية، من قبل شركة تدقيق بموجب Third Party Administrator (TPA) تم إحضارها من قبل البنك الدولي كشرط أساسي.
وحسب وزير الصحة، فإن “التدقيق المزدوج سيمكننا من ضبط أي تلاعب. فالتلاعب من شأنه أن يفقدنا أي جدوى للقرض”. وقد تمت مراسلة المستشفيات للتعهد بالالتزام بالقرار الجديد، خصوصاً بعد ورود معلومات عن أن بعضها لا يزال يحمل المرضى فوارق الفواتير. وهذا امر سيعرض المستشفى المخالفة لفسخ العقد.
إلى متى؟
من المرتقب أن يستمر الوضع المستجد والقائم على تغطية 3.5 أضعاف الفاتورة الاستشفائية بدعم من البنك الدولي، على مدى نحو 6 أشهر، على ما يتوقع أبيض. وخلال هذه الفترة الزمنية، على الدولة أن تكون قد توصلت إلى حل نهائي. فالمبلغ المذكور مجرد قرض، وهو إجراء مؤقت وليس دائماً.
ويرى أبيض أن هذا الاتفاق لن يقدم حلولاً للمرضى وحسب، بل سيقدم حلولاً أيضاً للمستشفيات. فبعض المستشفيات تعاملت مع المرضى بضمير ولم تكن تكبدهم فروقات كبيرة، وبالتالي كان مصيرها الإفلاس حكماً، ومنها المستشفيات الحكومية. وهي تعمل وفق التعرفة القديمة. هذه المؤسسات ستستفيد من الحل المؤقت كما الأطباء أيضاً.