توالي فصول البدعةُ اللبنانية غير المسبوقة في عالم الدولار الأميركي…. هل تطال بعض التجار العقوبات الأميركية؟
النشرة الدولية –
لبنان 24 – نوال الأشقر –
تتوالى فصولًا البدعةُ اللبنانية غير المسبوقة في عالم الدولار الأميركي، برفض بعض التجّار والصرّافين قبول الطبعة البيضاء من ورقة الـ 100$ بحجة أنّها طبعة قديمة، ووضع المواطن أمام أمر واقع، من خلال مقايضة قبوله بالنسخة البيضاء لقاء اقتطاع نسبة منها كعمولة تتراوح بين 7 و10 دولارات. هذه الممارسات أقلقت المواطنين، بحيث سارع بعضهم إلى تبديل النسخة البيضاء بأخرى زرقاء مستسلمًا للإبتزاز الحاصل والعمولة المطلوبة لقاء عملية التبديل.
هذه البدعة غير قانونية بطبيعة الحال، ولكنها تطبّق في السوق الموازية المتفلتة من أيّ ضوابط، ولم تقتصر على بعض الصرافين، بل شملت مصارف وشركات تحويل أموال،. وفق مصدر اقتصادي ومالي، افتعال قصة الدولار القديم ليس بريئًا في هذا التوقيت، والقصد منه الإحاطة بحجم الكتلة النقدية من العملات الأجنبية ومعرفة مكان وجودها، من خلال استدراج المواطنين الذين يدّخرون دولاراتهم في منازلهم لإعادة طرحها في السوق بقصد مبادلتها، الأمر الذي من شأنه أن يكشف حجم هذه الكتلة النقدية الدولارية.
من يمنع الصرّافين وغيرهم من رفض التعامل بالإصدار القديم من فئة الـ 100 دولار أو فرض عمولات؟ ماذا لو تكرّست هذه الممارسات في الأسابيع والأشهر المقبلة، من يضبطها؟ وهل من إطار قانوني لمعاقبة المرتكبين؟
رئيس مؤسسة JUSTICIA الحقوقية المحامي الدكتور بول مرقص لفت في اتصال مع “لبنان 24” الى أنّ هذه الممارسات تقع تحت عنوان “الجرائم التي تنال من مكانة الدولة الماليّة أو السندات المصرفيّة اللبنانيّة أو الأجنبيّة المتداولة شرعًا أو عرفًا في لبنان، وجرائم تقليد وتزييف وترويج العملة والأسناد العامة والطوابع وأوراق الدمغة” والتي يتعيّن على النائب العام المالي أن يلاحقها بموجب المادة /19/ قانون أصول المحاكمات الجزائية التي تعقد إختصاصه، معتبرًا ما يحصل فعليًّا هو عملية جباية غير مشروعة من أموال المواطنين بطرق متعددة، وبمثابة جعالة غير مبرّرة تمثل استغلالاً إضافيًّا للمواطن من قِبل كل من يمتنع عن قبول طبعة الـ 100 دولار البيضاء.
يضيف الدكتور مرقص “أتى هذا التصرف ليزيد من مشاكل المواطنين المتراكمة والتي فُرضت عليهم نتيجة الممارسات المصرفية، بحيث لم يعد المواطن قادرًا على سحب أمواله نقداً من المصارف، وحتى التصرّف بالدولار النقدي في منزله، كما لا يقبل التجار ببطاقات الدفع، وكذلك حال الشيكات، وكلها قيود اضافية مرهقة على حياة المواطن”.
كما لفت الدكتور مرقص إلى أنّ “قانون تنظيم مهنة الصرافة رقم /347/ لسنة 2001 يمنح سلطة الرقابة على الصرّافين إلى لجنة الرقابة على المصارف، وذلك بموجب المادة /14/ منه. أمّا بالنسبة إلى فرض العقوبات في حال حصول مخالفات من قبل الصرّافين، فإنّ الأمر يقع على عاتق كلّ من مصرف لبنان والهيئة المصرفية العليا سنداً إلى المادة /18/ من نفس القانون. وبالنسبة للمصارف وعلى نحو إضافي فإنّ قانون النقد والتسليف يعهد بالرقابة على المصارف إلى مصرف لبنان.
هذا في النصوص القانونية، لكن من الناحية العملية، يستبعد دكتور مرقص أن تتحرك السلطات القضائية والأمنية لسببين “الأول ورغم صراحة النص، هو أنّ العملة أجنبية وليست محليّة، والثاني أنّه من الصعب إلزام المصرف أو الصرّاف بقبول عملة ورقيّة. لكنني ورغم ما تقدّم وبالنظر إلى الشرح القانوني السابق أعلاه، فإنّني أحذر جميع المعنيين من عواقب هذا التعامل لأسباب لن أذكرها اليوم وأكتفي بالقول: آمل أن لا تطالكم أي عقوبات نتيجة عدم قبولكم الدولار، والسعي للحطّ من فئة معينة منه، فحذار!”.
يذكر أنّ التمادي في رفض الطبعة القديمة من الدولار دفع بالسفارة الأميركية في بيروت إلى التأكيد أنّ فئة المئة دولار صالحة قانونياً للتداول بغض النظر عن تاريخ إصدارها، وبأنّ كل تصاميم الإحتياطي الفدرالي الورقية هي عملة قانونية أو صالحة قانونياً للمدفوعات، بغض النظر عن تاريخ إصدارها. هذه السياسة تشمل كل الفئات الورقية للاحتياطي الفدرالي من العام 1914 إلى اليوم. في حين أنّ مصرف لبنان في بيان صادر عنه، لفت إلى أنّ مواصفات الأوراق النقدية من الدولار الأميركي القابلة للتداول تحدد من قبل Bureau of Engraving and Printing وهي هيئة تابعة لوزارة الخزانة الأميركية، وأن مصرف لبنان يحدد فقط مواصفات العملة اللبنانية القابلة للتداول.