عـام النتائج
بقلم: بروجيكت سنديكيت
النشرة الدولية –
ننتظر، مرة أخرى، نتيجة ما، ربما يكون أحد أحبائنا، صبي صغير على سبيل المثال، التقط العدوى في المدرسة، ومن المفترض أن تكون لدينا النتائج الليلة، لكن من يدري؟ ربما ظهرت بالفعل؟ لماذا يجري تحديث الشاشة بهذا البطء الشديد؟ هل يعني هذا التأخير شيئاً بعينه؟ هل من المحتمل أنهم يمنحوننا لحظة لالتقاط الأنفاس قبل أن ينقلوا إلينا الأخبار؟ لا شيء حتى الآن. انتظر، كيف أعيد تحديث الشاشة؟
في فيلم تشارلي شابلن الرائع «العصر الحديث» (Modern Times)، تتمثل الصورة المعبرة عن الحداثة في تسريع الزمن، وفي رؤيته التي تدور في عالم الواقع الفاسد المرير، تدفع الآلات السريعة الناس إلى حياة أسرع، ومع ذلك، من الصعب أن نتخيل أن الوقت يمضي بسرعة من منظور شخص يعمل في «كشك» تحصيل ويراقب السيارات تمر به مسرعة، أو في محل طباعة يشاهد طابعة عالية السرعة تقذف آلاف الصفحات.
ليست الآلات، كما يبدو لنا، بل المعالم التي يمكن التنبؤ بها هي التي تجعل الوقت يمر سريعاً: الغداء في الثانية عشرة والنصف، والقهوة في الثالثة عصراً، ورحلة العودة إلى البيت في الخامسة مساء، والتسوق في عطلة نهاية الأسبوع، ومباراة كرة القدم بعد الظهيرة، والإجازة المدرسية القادمة، والرحلة السنوية لزيارة العائلة، كانت الحياة في الأيام الخوالي تبدو بطيئة لأننا كنا ننتظر شيئاً ما دائماً، ننتظر الأمطار لتنقذ المحصول، أو ننتظر أن تتوقف الحرب، أو ننتظر حملاً في رحم امرأة، أو ننتظر انحسار وباء.
يأتي الانتظار غالباً مصحوباً بعنصر المصادفة، في السراء والضراء، ربما تأتي المكالمة، وربما تأخرت الرسالة، وقد تندلع العاصفة في الوقت المناسب ويُلغى الاختبار، ربما يحمل التقرير بشرى سارة في نهاية المطاف، إلى أن نعلم، ستظل قلوبنا تنبض بسرعة أكبر بعض الشيء، وسيكون تنفسنا أثقل قليلاً، وستقفز عقولنا عشوائياً من فكرة إلى أخرى في حين لا تنحرف أبداً بعيداً عن ذلك الشاغل الغامر، الانتظار في حد ذاته همٌ وحيرة.
كان عامنا هذا في المقام الأول عام انتظار للنتائج التي وصلت على نحو غير متوقع ودفعت بنا إلى حالة من الانفعال: شخص تناولنا معه وجبة الغداء، والذي نعرف عنه أنه شديد الحرص، انتهت به الحال على نحو غير متوقع إلى تشخيص إيجابي، «كنا من المخالطين» واحدة من تلك العبارات الجديدة المخيفة التي غزت حياتنا، جنباً إلى جنب مع اختبارات تفاعل البوليمراز المتسلسل (PCR) والأحمال الفيروسية، ولقاحات الحمض النووي الريبوزي المرسال (mRNA) وأقنعة الوجه KN95، لذلك، كان لزاماً علينا أن نخضع للاختبار عدة مرات، واضطررنا إلى انتظار النتائج عدة مرات، وفي بعض الأحيان كانت الأخبار سارة، وكانت سيئة أحياناً، وفي أحيان أخرى لم نكن على يقين ماذا ينبغي لنا أن نفكر، هل كان من الأفضل أن نتلقى اختباراً سلبياً، أم أن نعلم أننا أصبنا بالفيروس بالفعل، لكن الأمر انقضى ولم نلحظ ذلك قَط؟
كنا سنفعل أي شيء لجعل بعض النتائج تأتي بشكل أبطأ، وفي موجة مرض فيروس كورونا (كوفيد 19) الثانية في الهند، ارتفعت الأرقام إلى عنان السماء في غضون أيام، مما أدى إلى إرباك نظام الرعاية الصحية الذي يعاني نقص التجهيز بالفعل، فاضطرت ملايين الأسر إلى انتظار الأسرّة في المستشفيات وخزانات الأكسجين لأحبائهم؛ وبعد ذلك، في أغلب الأحوال، كان لزاماً عليهم أن ينتظروا مكاناً في محرقة الجثث أو في مقبرة.
امتدت فترات انتظار أخرى لسنوات، ومثلنا مثل كثيرين في مختلف أنحاء العالم، كنا ننتظر انتخابات رئاسية أميركية أخرى منذ اليوم الذي تولى فيه دونالد ترامب منصبه، وامتد هذا الانتظار إلى عامنا هذا، عندما صدق الكونغرس على انتخاب جو بايدن أخيراً، ويبدو أن انتظار نتائج الانتخابات، في ظل التغطية الإعلامية اللحظية، أصبح أكثر إثارة للحنق مما كان عليه في الماضي، فهل تتحول ولاية وسكنسن؟ هل تنقلب النتائج في ولاية جورجيا؟ لماذا استغرق الأمر كل هذا الوقت في ولاية نورث كارولينا؟
ولم ينته الانتظار عند ذلك الحد، ولم يكن من المتوقع أن يتوقف سباق السيطرة على مجلس الشيوخ الأميركي على مقاطعة واحدة في جورجيا، وأقل من 1 في المئة من الأصوات، لكن هذا هو ما حدث، وقد جرى إحصاء الشهادات في مجلس الشيوخ في نهاية المطاف، ولكن ليس قبل أن يسعى ترامب وأنصاره إلى منعه من خلال تنظيم تمرد في مبنى الكابيتول الأميركي.
عكس منحنى (كوفيد 19) في بعض النواحي رئاسة الرجل الذي رفض التعامل مع المرض بجدية، فشهدنا الصدمة عندما اندلعت الجائحة، ثم الهدوء والسكينة عندما بدا الأمر وكأن كل شيء سيكون على ما يرام، ثم التحول البطيء إلى الأسوأ، وعلى طول الطريق، توالت النتائج الجديدة التي استحقت الهوس بها: العلامات الحيوية، ومستويات الأكسجين، والحمى. كانت النتائج تصل يومياً، وشيء واحد آخر يجب انتظاره دون معرفة ما تعنيه النتيجة أو كيف يكون التصرف الواجب، هل كان الخبر ساراً لأن حالة المريض لم تتدهور، أم كان سيئاً لأن حالته لم تتحسن؟
صاحبت ذات الازدواجية تسليم إحصاءات أرقام العدوى اليومية، والتي ظهرت كل مساء على هواتفنا بفضل تطبيق صممته الحكومة الفرنسية، TousAntiCovid (قضينا العام الدراسي الماضي في فرنسا). هل الرقم 20000 مرتفع أم منخفض؟ من المؤكد أنه مرتفع عن القدر المريح، ولكن يبدو أنه أقل من أن يجعل الحكومة تتحرك للقيام بالكثير حياله.
وصلت نتائج أخرى بسرعة غير متوقعة، وكانت تجارب اللقاح مفاجأة سارة، وتوالت النتائج حتى قبل أن نتقن التمييز بين الفاعلية وسريان المفعول، فكانت الأخبار طيبة، إذ كان نجاح العديد من اللقاحات يفوق أماني أي شخص، ولكن مع تحول الفيروس إلى متحورات جديدة قد تقلل من مفعول اللقاحات الحالية، يظل لدينا دائماً المزيد من النتائج التي يجب أن ننتظرها ونتأملها.
قدمت لقاحات (كوفيد 19) مصدراً جديداً للأمل، وسبباً جديداً للانتظار، ولا يزال قسم كبير من العالم يتساءل متى يتوفر القدر الكافي من اللقاحات لكل المواطنين، في حين يناضل «قادة العالم» لدعم تصريحاتهم حول الحاجة إلى التطعيم الشامل بجرعات حقيقية.
ولكن حتى بين أولئك المحظوظين الذين حصلوا على التطعيم، يظل سؤال جديد قائماً بلا إجابة، عندما ننظر إلى الندوب التي خلفتها الجائحة حتى الآن، ماذا سنرى؟ هل نرى ألم العزلة فقط، أم نرى أيضاً بهجة التواصل البشري اليومي؟ ربما حان الوقت للبدء بالبناء على الذكريات التي لا تزال حية نحو تضامن جديد عالمي دون تجريد، ومبني على المتعة الملموسة المتمثلة في وجود الناس معاً، لكنه يمتد إلى نهايات العالم، وربما يساعدنا هذا في التغلب على أكبر مصدر للقلق في عصرنا.
هذه النتائج أيضاً يجب أن تكون في الحسبان: كان الكوكب يشتعل حرفياً في الصيف الماضي، وبدأ موسم الأعاصير مبكراً، وكوكب الأرض يزداد سخونة وسيستمر في اكتساب المزيد من الحرارة، مما يجعل الحياة مستحيلة في بعض المستوطنات البشرية الأكثر كثافة اليوم، وسبب الانتظار الآن هو أن نرى ما إذا كانت الإرادة الجماعية متوافرة لمواجهة هذه النتائج، للنهوض والصراخ: «كفى»، للاعتراف بأن الوقت لم يعد فيه متسع للأعذار، وبأن قادتنا يجب أن يكثروا من العمل ويقتصدوا في الكلام.
* أبهيجيت بانيرجي حاصل على جائزة نوبل في علوم الاقتصاد، وأستاذ الاقتصاد في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا. وشيان أوليفييه فنانة ورسامة.
«بروجيكت سنديكيت، 2021» بالاتفاق مع «الجريدة»