إحياء الذكرى السنوية الأولى لرحيل الفنان أبو عجرم برعاية وحضور وزير الثقافة القاضي مرتضى

النشرة الدولية –

الأنباء –

برعاية وحضور وزير الثقافة القاضي محمد وسام مرتضى، أحيت مكتبة بعقلين الوطنية وعائلة الفنان الراحل د. عماد أبو عجرم الذكرى السنوية الأولى لرحيله في قاعة مسرح المكتبة الوطنية.

حضر الحفل النائب السابق مروان حمادة ممثلا رئيس الحزب التقدمي الإشتراكي وليد جنبلاط ورئيس كتلة اللقاء الديمقراطي النائب تيمور جنبلاط، شيخ عقل طائفة الموحدين الدروز الشيخ د. سامي أبي المنى ممثلا بالشيخ فوزات العرم،، الأستاذ وليد البستاني ممثلا  الوزير السابق المحامي ناجي البستاني، مشايخ، مدير مكتبة بعقلين الوطنية غازي صعب، ممثلون عن كل من الجامعة اللبنانية، كلية الفنون الجميلة والعمارة، جمعية الفنانين اللبنانيين للرسم والنحت، نقابة الفنانين التشكيليين اللبنانيين، ومؤسسة العرفان التوحيدية، رؤساء بلديات، فعاليات حزبية، تربوية وإجتماعية، شخصيات فنية وثقافية، وحشد من المهتمين ومن أهالي بلدة بعقلين غصت بهم قاعة مسرح المكتبة الوطنية.

الأشقر
البداية مع النشيد الوطني اللبناني، وتقديم من الإعلامية نوال الأشقر التي قالت “كيف يكون رحيلا ذلك الغياب، فيما تلك الريشة التي جسدت فأبدعت، حملت قروية بعقلين، وزمرد جبل لبنان وأرجوانة بيروت إلى أصقاع الأرض، لتزرع هناك في كل متحف، في كل مدينة في كل صرح ثقافي ومعرض فني، لتزرع شيئا من روح الحاضر الأكبر بيننا ومعنا المبدع، الفنان الكبير اللبناني والعربي والعالمي الدكتور عماد أبو عجرم”.

واضافت “لا تتوقعوا مني أن أفي شخصية فنية بمصاف الفنان عماد أبو عجرم حقها ببضعة سطور، ففي توصيف سيرة ذاخرة، لست ادري عن أية ناحية سنتكلم، عن الباحث، عن الكاتب، عن المؤلف، الأستاذ الجامعي، عن الرسام المتميز، عن المنحاز لصمود الفلاح وفرح الأطفال وجمالية لبنان، عن حامل لواء قضية فلسطين، عن المتواضع، عن المحب والمتفاني، عن سفير السلام في منظمة السلام العالمية، عن مؤسس صروح ثقافية، عن أحد صناع مشهدية لبنان الجميل، ففي كل محطة من محطات حياته منارات تحتاج إلى ندوات وأبحاث وكتابات للإحاطة بها، كيف لا، واسم عماد أبو عجرم ورد في عشرات الموسوعات العالمية، وكنزه الفني زين أبرز متاحف العالم ولم يزل”.

بعدها جرى عرض السيرة الذاتية للراحل بصوت رئيس نقابة الفنانين المحترفين الفنان جهاد الأطرش.

روحانا
رئيس جمعية الفنانين اللبنانيين للرسم والنحت الأستاذ ميشال روحانا قال “عماد أبو عجرم ترك لنا مسيرة فنية، وطنية وعالمية نفتخر بها، مثل وطنه افضل تمثيل في أعماله خس مرهف، خيال مجنح، لوحة مشعة مترامية الخطوط، مدوية في نورها. اسلوب سهل فياض، جو عابق بالتراث، مواضيع من الحياة القروية، شخصية هادئة، شفافة حساسة حنونة وبارعة في التعامل والسيطرة على المادة. هذا هو عماد ابو عجرم، سيرته الفنية غنية من دراسة في الجامعة اللبنانية، إلى دراسات في باريس وموسكو، عضو في جمعيات عدة في باريس وموسكو ولندن، حصد العديد من الأوسمة، كان آخرها وسام الارز من رتبة فارس من القصر الجمهوري، عين سفيرا للسلام العالمي، معارضه كثيرة في لبنان والعالم، حائز على الكثير من الجوائز والميداليات، وأعماله موجودة في عدة متاحف عالمية”.

ضاهر
وتحدث نقيب الفنانين التشكيليين اللبنانيين، الفنان التشكيلي د. نزار ضاهر قائلا “إن خير ما نقوم به كنقابة للفنانين التشكيليين اللبنانيين، التنسيق التام مع العائلة الكريمة والمعنيين بهذا الأمر هو تأمين المكان اللاىق بالتعاون والتنسيق التام مع المؤسسة الاولى المعنية بالحفاظ على التراث الثقافي في لبنان، أي وزارة الثقافة، ومن أجدر منها بالحفاظ على الإبداع ونشره وتربية الأجيال القادمة على القراءة والفنون”، متمنيا على وزير الثقافة  العمل على إيجاد السبل الملائمة لإنشاء متحف وطني للفنون التشكيلية بالتزامن مع تربية الإنسان اللبناني على تقبل فكرة الثقافة العامة والفنية منها من أجل إزكاء الفنون ودعمها وتشجيعها في شتى المجالات.

وختم واعدا الفنان الراحل أبو عجرم “سوف نحيا لنرسم الفرح وتقدمه على أطباق السعادة، لنبني وطنا شعاره الثقافة، العلم، القن والإزدهار، فالحياة للأقوياء في نفوسهم لا للضعفاء”.

الغصيني
من جهتها أوضحت عميد كلية الفنون الجميلة والعمارة الأستاذة د. نهى الغصيني أبو عجرم “لا انسى شخصيا بصمات الفنان د. عماد أبو عجرم البيضاء على أعمال بلدية بعقلين وإتحاد بلديات الشوف السويجاني خلال تواجدي في رئاسة مجلسيهما، حين أحيى العديد من الإحتفالات والنشاطات الفنية، سواء بإقامة سمبوزيوم لتشجيع الفنانين الناشئين، وكنت أمنى أن نكمل سويا إقامة مشروع وضع لوحة السلام في سوق بعقلين غير أن ظروف البلدية حينها حالت دون ذلك، كما عمل جاهدا على إعلاء شأن بعقلين”، داعية طلابه في الجامعة اللبنانية إلى التعمق في تفكيك رموز فنه المتألق وأسلوبه المتفرد من أجل إثراء المسار الأكاديمي للفن التشكيلي في لبنان.

مرتضى
استهل المرتضى كلمته بالقول المأثور: “من فتح مدرسة أغلق سجنا، إنه مثل تناقلته الأجيال واللغات، بألفاظ شتى وتعابير متنوعة، في دلالة على أن العلم نور يضىء دروب الخير ويبعد المرء عن السوء المفضي إلى الجريمة فالعقاب فالسجن. وحدها بعقلين قلبت الصورة، معلولا على علة أو نتيجة على سبب وجعلت ما كان مثلا مأثورا مثالا منظورا حين أغلقت سجنَها وحولَته إلى المكتبة التي نجلس فيها الآن”.

أضاف: “ما كان هذا ليكون لولا تجذر الفكر في الشوف اللبناني وتمدده في شرايين الوطن والعروبة، منذ اليازجيين والبساتنة في القرن التاسع عشر، كي لا أعود إلى ما قبله، حتى المعلم الشهيد كمال جنبلاط، وتلامذته الذين اقتدَوا به سيرة ومسيرة، ومنهم الفنان الدكتور عماد أبو عجرم الذي نحيي اليوم الذكرى السنوية الأولى لرحيله.  ومع أني أخالف قليلا أمير الشعراء أحمد شوقي على قوله: وقد يموت كثير لا تحسهم كأَنهم من هوان الخطب ما وجدوا، وذلك إيمانا مني بأنَ كل خطْب عند أصحابه جليل، وكل نفس ذائقة الموت غالية عند ربّها واهلها، لكن الحقيقةَ الموضوعية والتاريخية اثبتت على مر العصور أن الخسارات ليست سواسية، بل تتفاوت تأثيرا على مجرى الحياة، وأن أعظمها خسارة المثقف والمبدع في أيِ صنف من صنوف المعرفة. وفي هذا المعنى يقول ال’مام علي: “إذا مات العالم، ثلم في الإسلام ثلْمة لا يسدها شيء إلى يوم القيامة”. قاعدة أرادها سلام الله عليه منطبقة على الفقه، لكنها تنطبق أيضا على الأدب  والفن وسائر المعارف الإنسانية، وبها يصير موت المبدعين نكبة لا لأهل فقط، بل للبلاد والحضارة أيضا”.

وتطرق المرتضى إلى “ماهية الفن التشكيلي عند أبو عجرم  والتزامه القضية الفلسطينية”، وقال: “عماد أبو عجرم من رعيل تشرب الشوف، تراثا وطبيعة وإنسانا ووشائج انتماء. ورغم ولادته وسكنه في بيروت، فإنه حمل في ألوانه جمالات القرى الشوفية وسحنات فلاحيها وعطفات دروبها الموصلة إلى القلوب قبل البيوت. فنان تشكيلي تماهى في ريشته المكان والحنين، حتى غدت لوحاته ألسنة ناطقة بهذا الشغف الريفي الذي استولى على جميع أعماله، ذلك أن التزامه الفكري قاده إلى وجوه البسطاء قضية وإلى الحوار مع الأرض فنَ حياة، فأثبت أن العالميةَ انغراس في الذات واكتناه لما حولَها قبل كل شيء. ولعل لوحتَه الشهيرة الفلاح اللبناني عنوان لمذهبه الفني الذي ترتبط فيه الرؤية بالرؤيا. هذه اللوحة تذكرني كلما نظرت إليها بلوحة أخرى للفنان مصطفى فروخ، نقل فيها بالألوان المائية وجها حقيقيا لفلاحٍ كوراني، كان التقاه في إحدى زياراته للأديب العظيم فؤاد سليمان في قريته فيع بقضاءِ الكورة. أنا لا أعرف إن كان عماد أبو عجرم أخذ لوحته عن وجه إنسان ما، شأنَ مصطفى فروخ، لكنني أوشك أمام اللوحِ العجرمية أن أقبض بكلتا يدي على أَمارات العزم والمروءة التي تتقطّر من تجاعيد فلاحها”.

أضاف: “لن أعدد المعارض الشخصية والمشتركةَ التي أقامها ولا الجوائز المحلية والعالمية التي نالَها، فإن المقام يضيق بالتعداد، ولكن بحسبي أن أشير إلى أنه لم يكتف في لوحاته بأن يحمل طبيعةَ لبنان وتراثَه النهضوي والاجتماعي إلى أصقاعِ الأرض، بل كان أيضا ريشة لاهجة بقضية فلسطين، ولوحات تنبض بنضالات شعبِها. ويقتضي علينا أن نجعل فلسطين في صلب كل حدث وكل فعالية فنية أو ثقافية، فما من شاردة وواردة، إلا ولفلسطين علاقة بها وما من جهد صادق، إلا وهو مفتوح على جراحاتها وآلامها. وهذا إرث معروفي عروبي لحمته مكافحة الظلم وسداه التشبث بالحق، ونتيجته الحتمية انتصار الحق والعدل على الظلم والظالمين”.

ودعا إلى “التفكير في طاولة حوار ثقافية”، وقال: “رددت كثيرا في خطاباتي بمناسبات عدة أن الثقافة، فكرا وسبيل عيش، عنوان للبنان الذي نريد له أن يعود على هذا الصعيد كما كان جامعة الشرق ومكتبته ومعرضه ومسرحه وفضاء حريته في التعبير والمعتقد، ضمنَ الأطر الدستورية والقانونية التي تنتظم تحتها هذه الفنون والحريات. وهذا أمر لن يتم ما لم نستعد أولا عافيتنا الاقتصادية وسلامنا الاجتماعي وسيادتنا السياسية. وإذا كان اللبنانيون مجمعين على هذه المبادئ، فهم في الوقت نفسه مختلفون حول مضامينها، بحيث ينبغي لنا التفكير في طاولة حوار ثقافية يتدارس فيه أهل الاختصاص علميا معاني هذه المصطلحات ومديات تطبيقها في نظامنا السياسي. إنها فكرة أطلقها من هنا، من مكتبة بعقلين، في هذه المناسبة الثقافية التي، وإن شابها حزن الرحيل، تؤكد أن الجبل  الذي كان في الماضي نواة قيام هذا الوطن مؤهل بطبيعته لأن يكون نواة قيامة لبنان الجديد”.

وختم المرتضى: “رحم الله الدكتور عماد أبو عجرم الباقي حيا في ضمير الفن الأصيل، ودمتم رسلا للفكر والثقافة والوحدة الوطنية”.

أبو عجرم
أما كلمة العائلة فألقاها نزار أبو عجرم نجل الفنان الراحل، فقال “في الذكرى السنوية الأولى لرحيل والدي وما اصعبها من مناسبة، إجتمع فيها الأحبة والأصدقاء والأهل وغاب عنها الاب والسند والاخ، مناسبة نلتقي بها لنقول لمن رحل عنا بأنك عماد الداعم لنا في كل خطواتنا، والحارس لنا في كل أفعالنا، عماد الصامد في قلوبنا وعقولنا، فنم قرير العين يا والدي الحبيب، سنبقى عائلة تغرد فيها عصافير الدار كما كنت تتمنى”.

خلال الحفل تسلمت عائلة الفنان الراحل د. أبو عجرم وساما تكريمية بإسم جمعية الفنانين اللبنانيين للرسم والنحت ومنحوتة تقدمة سيدات آل أبو عجرم من تصميم الشيخ وئام العرم تتضمن أبيات رثاء للشاعر منير ابو كامل.

كما أعلنت عائلة الفنان عماد أبو عجرم عن إطلاق “جائزة عماد أبو عجرم للرسم التشكيلي”، من خلال لجنة علمية من أهل الخبرة والإختصاص، وبالتعاون مع نقابة الفنانين التشكيليين، وجمعية الفنانين اللبنانيين والجامعة اللبنانية، وذلك تخليدا لذكراه.

وكان وزير الثقافة القاضي محمد وسام مرتضى قد جال قبل الحفل على أقسام المكتبة الوطنية في بعقلين.

زر الذهاب إلى الأعلى