قبل لا نفلّس!
بقلم: أسرار جوهر حيات

النشرة الدولية –

كانت الصدمة كبيرة علينا كمواطنين، عندما قرأنا للمرة الأولى تصريحاً رسمياً عن العجز في الميزانية والشح في السيولة، قبل نحو عام، صادر من وزير المالية.

لكن مع توالي الأخبار عن العجز، وانخفاض التصنيف الائتماني للكويت، وآخر الأخبار تحذير موديز بخفض التصنيف الائتماني بأكثر من درجة، لم نعد مصدومين.. بل نستغرب كيف لم تستطع الحكومات المتعاقبة، أن تخلق لنا اقتصاداً متنوعاً ومتيناً، لا يهتز بتذبذبات أسعار النفط كما هي الحال الآن!.

ويبدو، أن عجز الحكومة، كان أكبر من عجز الموازنة، بمراحل، حيث إن الحكومة بمختلف الوزراء الذين تعاقبوا على وزارة المالية، سواء اقتصاديين، أو أساتذة جامعيين، أو حتى وزراء تكنوقراط، لم تتمكن من تحويل اقتصادنا من أحادي المورِد إلى متعدد الموارد، فاستمرار هذا العجز يبدو أنه أخطر بكثير من عجز الموازنة!

اليوم، نحن على أعتاب تشكيل حكومي جديد، في عهد جديد وأجواء سياسية تميل نحو الاستقرار أكثر، بينما طموح الشعب يتخطى ذلك، حيث إن أولوياتنا تنمية مستدامة، وضمان برفاه معيشي مستدام، فهل ستكون الحكومة الجديدة قادرة على تحقيقه؟!.

وبدت التوجيهات الأخيرة، تنصب كذلك وتؤكد ضرورة التنوع الاقتصادي، وتنمية الاستثمارات داخلياً وخارجياً، الأمر الذي يعكس أهمية هذا الملف وضرورة الاهتمام به.

وللأسف، ليست مبالغة إن قلنا إن الكويت يبدو أنها تفتقر لرسم سياسة اقتصادية متكاملة، فالسياسة الاقتصادية ترسمها وزارة اقتصاد، لا وزارة المالية، فإعداد الموازنة شيء، ورسم السياسة الاقتصادية شيء آخر، ونحن أحوج ما نكون الآن لرسم سياسة تضمن لنا اقتصاداً متنوعاً، وتدفقاً في الايرادات حتى لا نواجه عجزاً في الميزانية أو شحاً في السيولة، ولسنا بحاجة لوزير مالية يخرج علينا بعبارة «نعاني من شح بالسيولة» بينما لا يعطي حلولاً منطقية وواقعية، بل لا يدرك ما هو وقع هذه العبارة على مواطن لا يملك سوى راتبه الذي يتقاضاه من الحكومة.. والتي بدورها تعاني من شح في السيولة، فأول ما يخطر ببال المواطن «كم شهراً ستكفي السيولة لدفع الرواتب!».

ورغم اننا بموضع علينا محاسبة المسؤول عن التقصير في عدم ايجاد بدائل للاقتصاد الكويتي، رغم أن حقيقة ربط ايرادات الدولة بمورد واحد، ناضب ومتغير السعر كالنفط، هي حقيقة واضحة وقديمة نعرفها جميعاً، ورغم ذلك لم تحرك وزارة المالية ساكناً تجاه ايجاد بدائل! فالعجز الذي واجهناه خلال أزمة كورونا ليس محطة سنعبرها، بل التوقعات تشير الى أن الاقتصاد المبني على النفط عرضة للاهتزاز ليس بفعل الأزمات فقط، بل لأن هناك بدائل أرخص للطاقة، فالطلب على النفط في انخفاض مستمر، هذا فضلاً عن التجاذبات السياسية الدولية التي تؤثر كذلك على مؤشرات العرض والطلب ومن ثم على سعر البرميل، أوَلَم يحن الوقت لئلا تكون لقمة عيش المواطن مربوطة بسعر البرميل؟!

ونأمل كل الأمل، أن تتم اعادة هيكلة حكومية، في الحقائب الوزارية، وانشاء حقيبة تهتم برسم السياسة الاقتصادية، واختيار وزير صاحب كفاءة لها، حتى نطمئن بأن هناك من سيحقق حلولاً لايجاد سياسة متكاملة لتعافٍ اقتصادي للكويت.. وبلا شك فإن نهج الاختيار بالمحاصصة لن يحقق ذلك.

نريد وزيراً يجيد ادارة اقتصادنا، قبل لا نفلّس!.

زر الذهاب إلى الأعلى