الصين وروسيا.. مُتّحِدتان «مثل الصَخّرة».. تقول الصين
بقلم: محمد خرّوب
النشرة الدولية –
يكتسب إعلان رئيس الدبلوماسية الصينية.. «وانغ يي» يوم أمس, أنّ «العلاقات الروسية/الصينية, بعد اجتيازها (لاختبارات مختلفة) أصبحت نموذجاً لتعاون الثقة الاستراتيجي المفيد للطرفين بين الدول الكبرى».. يكتسِب أهمية إضافية, خصوصا وأنّ الوزير الصيني شدّد على أنّ روسيا والصين اليوم» مُتّحدتان مثل الصخرة». ما يسمح بالاستنتاج وبغير تسرّع, أنّ البلدين – وبخاصّة بعد القمّة الافتراضية التي عقدها زعيما البلدين الأربعاء الماضي 15/12- قرّرا السير قدماً في مواجهة المخططات الأميركية, التي تروم احتواء «أحد» البلدين وتحديداً ?وسيا، مُفضلة – لو أتيح لها ذلك – العمل على كبح الصين. لجهة تطويقها بالتحالفات العسكرية التي اتّخذت طابعاً لافتاً, حتّى لو أدّى ذلك إلى إغضاب حليفتها الأطلسية فرنسا, ودعوة قادة الاتحاد الأوروبي للبحث عن صيغة ما تسمح لأوروبا بتشكيل قوة عسكرية للدفاع عن نفسها بعيداً عن حلف الأطلسي، بعد أن تمّ إشهار تحالف «أوكوس» الثلاثي (بريطانيا، أستراليا والولايات المتّحدة) إضافة إلى رباعية «كواد» المكوّنة من الولايات المتّحدة وأستراليا واليابان والهند. في مسعى لشمل المحيط الهندي مع المحيط الهادئ وجعلهما بؤرة صراع واحدة في ?واجهة الصين، استغلالاً بالطبع للعلاقات المتوترة تاريخياً بين نيودلهي وبكين، ناهيك عن المعاهدة العسكرية الأمنية بين اليابان وفيتنام (علاقات الأخيرة متدهورة مع الصين).
ليس عبثاً والحال كذلك، إعلان الوزير الصيني في كلمة ألقاها أمس في افتتاح مؤتمر حول «الوضع الدولي الحديث والدبلوماسية الصينية», أن الصين لا تخشى المواجهة مع الولايات المتحدة, وانه «بصرف النظر عن تغيّر الوضع الدولي، فإنّ الصداقة بين روسيا والصين التي تنتقل من جيل إلى جيل آخر، لن تضعف, ولن يتغيّر -أضاف- الهدف لتطوير التعاون المفيد للطرفين, ولن يتلاشى العزم على حماية العالم».
هو إذن «نعي» أو إحباط (ضمن أمور أخرى) لمساعي واشنطن للانفراد بإحدى القوتين احتواءً أو إضعافاً وبثّ الخلافات بينهما, خصوصاً روسيا، عبر الزعم بأنّ الأخيرة تساورها الشكوك بشأن «الأطماع» الصينية في ثرواتها، وبخاصّة المنطقة الجنوبية المحاذية لحدودها الصين الشمالية، ناهيك عن ضعف الاقتصاد الروسي (مقارنة بالاقتصاد الصيني)، وخصوصاً «أطماع» الصين واستثماراتها الكبيرة في سيبيريا والمتجمد الشمالي، زد عليها تراجع عديد سكان روسيا مقارنة بالمليار ونصف المليار صيني.
من السذاجة الاعتقاد أنّ روسيا والصين لا تدركان أبعاد وخطورة المساعي الأميركية الأطلسية ورهط حلفائها في المحيطين الهندي والهادئ، وبخاصّة اليابان وموروث العلاقات العِدائية بين البلدين، وإعلان رئيس الوزراء الياباني السابق شينزو آبي أنّ «الولايات المتّحدة واليابان لن تقفا مُتفرجتين إذا ما هاجمت الصين تايوان»، أضِف إليهما أستراليا وفيتنام والفلبين وباقي الدول المشاطئة لبحر الصين الجنوبي. دون إهمال ما يجري الآن بين روسيا وحلف الناتو بشأن الأزمة الأوكرانية, والاحتمالات المفتوحة لانزلاقها إلى مواجهة عسكرية قد يكون?منطلقها إقليم «الدونباس», ما سيكون صعباً على الذي يبدأ التحرش الفوز فيها (ستكون أوكرانيا رأس الحربة الغربية فيها). مع إعلان واشنطن كما لندن، أنهما لن تتدخّلاً عسكرياً دعماً لكييف، لكنهما ستواصلان – مع غيرهما من الدول الأوروبية/الأطلسية- ضخّ المزيد من الأسلحة الفتّاكة للجيش الأوكراني, الذي يقول الخبراء الغربيون أنفسهم أنّه «لن يصمد سوى ساعات معدودات, حال قرر قادته التحرّش بروسيا أو محاولة اجتياح شبه جزيرة القرم..
لعلها مفارقة لافتة.. أن تكون تايوان هي الذريعة التي تتمسك بها واشنطن للتحرش بالصين، تارة بإعلان التدخل العسكري المباشر وطوراً بالتراجع عن ذلك، ولكنها تواصل دعمها بالخبراء والأسلحة كاسرة التوازن، وبالزيارات الاستفزازية لوفود من الكونغرس والقيادات العسكرية، وهو ما لفت الانتباه إليه وزير الخارجية الصيني أمس, بوصفه تايوان بمثابة «ابن ضالّ سيعود في نهاية المطاف». في الوقت ذاته الذي أكّد فيه أنّ بلاده «لن تسمح لأحد باستخدام تايوان كقطعة شطرنج خدمة لمصالحه الأنانية، مُشدداً على أنّ «الصين يجب أن تكون مُوحّدة وستك?ن بالتأكيد كذلك».
في وقت تُعلن موسكو أيضاً وبحزم مُشابه, أنّها «لن تقف مكتوفة اليدين حال اقتحم الجيش الأوكراني «الدونباس”, لأنّها -موسكو- ستدافع عن المواطنين الروس في هذا الإقليم وهم يشكلون غالبية سكانه.
تبدو الأجواء الدولية مُلبدة بالغيوم ومفتوحة الاحتمالات الصاعدة نحو خطورة وتوتر شديديْن، وهو ما استبطنته تصريحات وزير الخارجية الصيني أمس عندما قال: «نأمل أن تكون الولايات المتّحدة وَفِيّة لكلامها, ولن تبدأ حرباً باردة جديدة, ولن تسعى إلى المُواجهة والتناقضات»، لأنّ «مستقبل العالم بأسره يعتمد على ما إذا كان بإمكان بكين وواشنطن تنظيم علاقاتهما الثنائية». وأحسب أنّ هذا ما انطوت عليه أيضاً المطالب الأمنية الروسية لواشنطن/وحلف شمال الأطلسي.,.إضافة بالطبع إلى ما اتّخذته روسيا والصين من خطوات ميدانية «مُضادة». كا?بدء بالتخلّي عن الدولار في تعاملاتهما التجارية, وتزويد موسكو بكين بمنظومة «س 400» والغاز وصفقات الأسلحة المختلفة, ومنها مقاتلات سوخوي من الجيل الخامس, وبخاصة قيامهما بمناورات ودوريات مُشتركة بحرية/وجوية في المحيط الهادئ.