غالبية اللبنانيين لـ”حزب الله”: مش طايقينك!
بقلم: فارس خشان
النشرة الدولية –
الخائفون من “حزب الله” في لبنان ليسوا قلّة، ولكنّ الغاضبين منه أصبحوا أكثرية.
حتى الأمس القريب، كانت الأصوات المناهضة لهذا الحزب الذي توفّر له الجمهورية الإسلامية في إيران ” الميزانية والمأكل والمشرب والصواريخ” محصورة بعدد محدود من الشخصيات، ولكنّها، في هذه الأيّام، تكاد أن تكون شبه شاملة.
وبغض النظر عن أهدافه السلطوية، وتوسّله أدبيات “ملطّفة”، إلتحق رئيس الجمهورية ميشال عون، في “كلمة المصارحة” التي وجّهها إلى اللبنانيين، يوم الإثنين الأخير، بهذا “الركب” معلناً أنّ “المسؤولية الأساسية للدفاع عن الوطن هي للدولة التي تضع وحدها الإستراتيجية الدفاعية وتسهر على تنفيذها”، موجّها، بأسلوب تجاهل العارف:” ما هو المبرّر لتوتير العلاقات مع دول الخليج والتدخل في شؤون لا تعنينا؟”.
وانتقال عون من ضفّة الدفاع غير المشروط عن “حزب الله” إلى ضفّة “الإستياء” ليس تفصيلاً، نظراً لتبادل الخدمات الكبير بين الطرفين، على مدى خمسة عشر عاماً.
وهذه هي المرّة الأولى التي يعبّر فيها عون عن استياء “سيادي” من “حزب الله”، على الرغم من أنّها ليست المرّة الأولى التي يدخل فيها و”التيار الوطني الحر” في “نزاع بلدي” مع “الثنائي الشيعي”.
ويؤسّس استياء عون “السيادي” من “حزب الله” نفسه على كلام كان قد قاله البطريرك الماروني بشارة الراعي في حضوره، بدا كأنّه “شرط” بكركي للوقوف الى جانب بعبدا:” لا بد من إنقاذ لبنان بمبادرات جديدة من بينها اعتماد مشروع حياد لبنان لذلك نساندكم كي يستعيد لبنان توازنه وموقعه في العالم العربي وبين الأمم وكي ترفعوا غطاء الشرعية عن كل من يسيء الى وحدة الدولة والشراكة الوطنية”.
وفي هذا السياق، لا يمكن تجاوز رسالة رؤساء الجمهورية والحكومة السابقين التي وقعوها وسلّموها الى الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، وتضمّنت مطلباً واضحاً وصريحاً بوجوب تطبيق القرارات الدولية التي تدعو الى نزع سلاح “حزب الله” وإعادة الإعتبار الى “إعلان بعبدا” الذي كان أوّل مستند لبناني رسمي يرفع شعار تحييد لبنان عن حروب المنطقة وصراعات محاورها.
والموقعون على هذه الرسالة ليسوا “تفصيلاً مهملاً” في الحياة السياسية اللبنانية، فإلى رئيسي الجمهورية السابقين ميشال سليمان وأمين الجميل برز إسم رئيس “تيار المستقبل” سعد الحريري ومعه الرئيسان فؤاد السنيورة وتمّام سلام.
وفي موضوع “تحييد لبنان”، لا يقف رئيس الحكومة الحالي نجيب ميقاتي، على الرغم من “زئبقيته” هنا و”استرضائياته” هناك، إلّا في الضفة نفسها، فهو، أيضاً، في مؤتمره الصحافي الأخير تحدّث عن “وجوب عدم الإنخراط في ما لا شأن لنا به ولا سيّما في اليمن”.
الأهم في هذا الموضوع أنّ هذه المواقف المندّدة بسلوك “حزب الله” جاءت، بمثابة تأكيد، على ما أعلنه التحالف العربي عن امتلاك أدلة على تورّط “حزب الله” في حرب اليمن وفي العدوان “الحوثي” على المملكة العربية السعودية، وواكبها بيان جديد – هو الثالث من نوعه منذ الأزمة التي تسبّبت بها تصريحات الوزير المستقيل جورج قرداحي-أصدرته وزارة الخارجية اللبنانية يندّد بقصف جازان السعودية.
هذه الخارجية التي كانت في ما مضى ترفض، بشكل قاطع وبتوجيه من رئيس “التيار الوطني الحر” جبران باسيل، أن تأخذ موقفاً داعماً للرياض في وجه الهجومات “الحوثية” على الأهداف المدنية في المملكة العربية السعودية.
وإذا ما أكملنا الجولة على مواقف سائر الأطراف اللبنانية التي صدرت ضد “حزب الله”، في الأسابيع الأخيرة، فإنّ هذه المقالة تخرج عن طبيعتها وتتحوّل الى بحث سياسي، ولذلك لا بد من إبقاء العرض مقتصراً على “المستجد”.
ولكن، ما هو مؤكّد أنّ هذا المنحى السياسي اللبناني الذي يتجسّد برفع الصوت عالياً في مواجهة نهج “حزب الله” يواكب موجة شعبية عارمة لم تعد قادرة على إيجاد أيّ مبرر للأضرار المأساوية التي يلحقها هذا الحزب بهم وبوطنهم.
ومن حيث يدري أو لا يدري، يُعزّز “حزب الله” هذا المسار الغاضب، فهو كلّما نطق ممثل له وسّع الشرخ الذي يفصله عن سائر اللبنانيين، كما حصل، أمس عندما راح نائب الأمين العام الشيخ نعيم قاسم يُعدّد ما قدّمه لجمهوره، في ظل المآسي الوطنية، متناسياً أنّ الجميع يعرف أنّ مصدر ما يُنفقه هو ثمن استتباع لبنان لأجندة الحرس الثوري الإيراني، ونتاج التهريب عبر المعابر غير النظامية على حساب مصالح سائر اللبنانيين، وللإتّجار الممنوع والمحظور الذي كبّد البلاد مقاطعة مكلفة للغاية، وتالياً، فهو كلّما أدخل الى خزنته قرشاً تسبّب بحجب الملايين عن خزينة الدولة.
لا أحد يمكنه أن يعرف إلى أين يمكن أن تصل هذه الموجة اللبنانية المدعومة عربياً ودولياً ضد “حزب الله”، ولكن ما يدركه الجميع أنّ عدد هؤلاء الذين يقول لسان حالهم لهذا الحزب “مش طايقينك” أصبح كبيراً وكبيراً جدّاً.