اعرفوا الرجال بالحق ولا تعرفوا الحق بالرجال
بقلم: صالح الراشد
النشرة الدولية –
“يُعرفُ الرجالُ بالحق ولا يُعرفُ الحق بالرجال”، كلمات ثمينة قالها أمير المؤمنين علي بن أبي طالب كرم الله وجهه، فالوقوف إلى جانب الحق والصمود في وجه الباطل يُظهر معدن الرجال، لنصفهم حينها بأنهم رجال حق وهؤلاء الذين يبنون البنيان ويُعلون الأوطان، ولا يعرف الحق بالرجال مهما بلغ علمهم ومعرفتهم ومناصبهم كون سرائرهم عند علام الغيوب، كما ان تصرفاتهم قد تذهب بعيداً عن الحق حين تسلمهم المناصب العليا ويحكمهم الهوى، فيكون هؤلاء رجال بالإسم لكن دون حق، فالرجال لا تصنع الحق الدائم بل الحق هو من يصنعهم ويُعظم صورهم في المجتمعات .
فقد تسلم العديد ممن يدعون أنهم يساندون الحق ويذودون عنه مناصب متنوعة، وأشاعوا أن أبوابهم مفتوحه للدفاع عن الحق، وحين ننظر إلى تصرفاتهم نجد أنها ليست كما يصفون ويُروجون، فهي تسند الباطل وتدعمه وتروج لاصحابه، وعندها تتضارب المشاهد وتُصبحُ ضبابية متزايدة عند أصحاب الحقوق فيعتقدون ان الحقوق قد ضاعت كون من يسلبون الحق يعتبرون صفوة في المجتمع السياسي والاقتصادي والإعلامي، فيفقد هؤلاءوقتها صفتي الرجولة والحق فيما يفقد أصحاب الحقد ثقتهم بالحقوق.
في المقابل ينتصر البعض للحق ويذودون عنه فيصبحوا من وجه نظر أصحاب الحقوق رجال وطن، وشتان بين من تصنعه المواقف وبين من يحاول إصطناع المواقف والتسلق بالكذب، وهذا أمر شاهدناه في الحياة السياسية الاردنية من وزراء ونواب، حيث المواقف تتغير ووجهات النظر تتبدل،فيصبح ما أعلنوا حرمته بالأمس محلل اليوم، ليسقط هؤلاء في اختبارات الحق والعدل والإنسانية ويتم تصنيفهم كتجار مواقف ومنافقون ونهازون للفرص.
إن الحق أبلج يجذب أصحاب الخُلق الرفيع لمناصرته، فيما بعض الرجال تطفوا عليهم صبغة السواد فيختفي الحق في المُحاق، لذا على المجتمع أن يُجيد قراءة المشهد والبحث عن الرجال الحقيقيين الذين سيتواجدون في معاقل الحق فيما الآخرون يتكاثرون في معاقل الباطل المدعوم في غالب الاوقات بقوة الظلم، لذا نجد أن المواقف غير ثابتة كون القلوب تبحث عن الأهواء ليبقى الحق وحيداً يبحث عمن يرافقه لينال هؤلاء لقب رجال الحق والقوة، لكنهم يتناقصون في عصر المال والبحث عن الجاه، ورغم قلة عددهم إلا أنهم كالأقمار ينشرون الضياء في الليالي الظلماء، وكالشمس يهزمون الظلال ويجعلون الحقائق تتكشف .