المحتفلون بذكرى سليماني إذ ينسون من قضى عليه!
بقلم: طوني فرنسيس

النشرة الدولية –

من المُثير متابعة وقائع إحياء إيران وأنصارها في المنطقة ذكرى إغتيال قائد “فيلق القدس” الإيراني قاسم سليماني في هجوم أميركي صريح تبنّته الإدارة الأميركية في أعلى مستوياتها.

والمثير على نحو خاص الفارق بين الخطاب الإيراني في المناسبة من جهة، وبين خطاب الجماعات الموالية لها في المنطقة العربية من جهة أخرى، على أن ميزةً واحدة جمعت خطاب هؤلاء فحواها مهادنة فاقعة للشيطان الأكبر وتابعه الأصغر، اسرائيل!

إعتمدت إيران المؤمنة بدور القضاء، المسار القضائي في محاسبة أميركا ورئيسها السابق دونالد ترامب الذي اتخذ قرار الإغتيال. وقال الرئيس ابراهيم رئيسي: “اذا لم يُحاكم ترامب ووزير خارجيته مايك بومبيو أمام محكمة عادلة فإن “المسلمين” سيثأرون لشهيدنا”. الاساس في كلمة رئيسي هو اللجوء الى العدالة والمحاكم وربما المحقق العدلي، أما ثأر “المسلمين” فمسألة متروكة للإجتهاد.

حتى المرشد خامنئي أدلى في المناسبة وبحضور زينب ابنة سليماني، التي أثارت التعليقات بظهورها مع هاتفها الأميركي من نوع “أي فون”، بتوجهات عامة. لم يهاجم الأميركيين بل قدّم وصفاً لتقدم “محور المقاومة”: “في العراق يتظاهرون… وعلى الإخوة العراقيين أن يتابعوا الأمر بدقة… وفي اليمن تتقدم جبهة المقاومة، وبشكل عام فإن تيار المقاومة ومناهضة الاستكبار في المنطقة… أكثر ازدهاراً وسعادةً وأملاً مما كان عليه قبل عامين…”.

في المقابل انصرف أنصار ايران إلى إحياء الذكرى ضمن مستويين: الإنضواء تحت أولوية المصالح الإيرانية الإقليمية، وما يعتقده هؤلاء الأنصار أولوياتهم الخاصة الملتحقة بإيران وأهدافها. في العراق أمعنوا في تحركاتهم المرتبطة برفض نتائج الإنتخابات، في محاولة لفرض شروطهم عشية تشكيل حكومة جديدة. وفي هذا السياق تُفهم التظاهرات الهاتفة ضد الأميركيين ومحاولات إطلاق القذائف على قواعد عسكرية أو على المنطقة الخضراء في استمرار لعملية محاولة اغتيال الكاظمي قبل أسابيع.

وفي اليمن ورداً على هزيمة الحوثيين في شبوة ومراوحتهم حول مأرب سنحت الفرصة لإحياء ذكرى سليماني بإختطاف سفينة إماراتية ستعود الى اصحابها على الأرجح بسبب حرص ايران على علاقتها مع الإمارات!

أما في لبنان فحدّث ولا حرج. كانت ذكرى المسؤول الإيراني مناسبةً لهجوم لا يقبله عاقل او عقل سليم على الملك السعودي، ولزرع الضاحية البيروتية ومدخل مطارها بصور سليماني والشعارات المعادية للمملكة، فيما انتظمت حملة تشجير لغرسات الزيتون على طول الحدود مع اسرائيل.

لم يفعل محتفلو بيروت سوى الإمعان في تحدي بقايا سلطة المؤسسات ونداءات الحلفاء في الحكومة والرئاسة والقول لهم ولغالبية اللبنانيين ان لبنان منصتنا وهي بتصرف المرشد وارشاداته.

إنها وقائع تدعو الى التفكير والتبصر. فإيران يُفهم انها لا تريد إثارة أميركا واسرائيل وهي منهمكة في مفاوضات ڤيينا، لكن لماذ ينهمك الشباب من اتباعها في تخريب أوطانهم والعمل على إفقادها أدنى مقومات المناعة والنهوض؟

لكن والحمد لله بقي هنالك من لم ينسَ العدو الصهيوني في ذكرى مصرع قائد فيلق القدس، فإضافة الى صاروخي التذكير من الجهاد الاسلامي اللذين سقطا في البحر المتوسط قبالة تل ابيب، هناك من سجّل خرقاً تكنولوجياً فدخل موقعي الجريدتين الصهيونيتين “جيروزاليم بوست” و”معاريف” ثم خرج إلى قواعده سالماً!

زر الذهاب إلى الأعلى