«شيفرة» كورونا..!
بقلم: احمد ذيبان
النشرة الدولية –
الرأي الأردنية –
تحول وباء كورونا إلى ما يشبه «الشيفرة» الغامضة، التي عجزت أكثر الدول تقدما بما يتوافر لديها من مراكز أبحاث ومختبرات علمية عن تفكيك لغز هذه الشيفرة، وهو غموض أشعل حربا كلامية، وفتح الابواب على مصاريعها لسيل جارف من الاشاعات والتكهنات والتوقعات وتبادل الاتهامات، بين الدول بشأن مصدر الفيروس: هل هو طبيعي أو مصدره حيواني أم مصنع؟ وهل تقف خلفه مؤامرة وأهداف خفية ذات طابع سياسي واقتصادي!
بل تحول المشهد التنافسي بين الدول والشركات، الى سباق محموم بغرض تحقيق سبق في التوصل الى تفسير لمصدر الفيروس.. وكانت الجائحة فرصة للشركات العالمية الكبرى التي سارعت الى تصنيع المطاعيم بسرعة قياسية لتحقيق أرباح هائلة، فيما تسبب الفيروس بخسائر هائلة لاقتصادات الدول.
وتتصدر أميركا والصين المشهد في حرب الاتهامات، ولا تزال هناك شكوك كبيرة وشبهات بمسؤولية الصين عن انتشار الوباء، ووصفه الرئيس الأميركي السابق ترامب بالفيروس «الصيني”!
وفي ظل حالة غموض طبيعة الفيروس وسرعة انتشاره وتناسل متحوراته، انتقل الجدل الى الرأي العام ولا يزال هناك الكثير من الأشخاص، حتى في الدول المتقدمة يعتقدون بوجود مؤامرة لتسويق اللقاحات ويرفضون تلقيها..!
أنا شخصيا قد أخذت جرعتين من مطعوم «سبوتنيك v» الروسي في شهر نيسان الماضي، وحسب نصائح الحكومة قررت أخذ الجرعة الثالثة المعززة أو «المدعمة»، وهو توجه تشجعه منظمة الصحة العالمية وبدأت بتطبيقه الكثير من دول العالم، بل أن بعضها بدأ بإعطاء الجرعة الرابعة، وبحثت منذ شهرين عن المطعوم الروسي في عديد المراكز المعتمدة للتلقيح، لكي يكون هناك تجانس في الجرعات ولم أجده، وسألت وزارة الصحة فكان الجواب أنه غير متوافر، وشعرت من إجابات الصحة بأنه لا نية لتوفيره، وأن المتوفر بكثرة هو مطعوم «فايزر» الأميركي ولقاح «سينوفارم» الصيني، واقترحوا علي أخذ المطعوم الصيني، لأن تقنية تصنيعه مشابهة للروسي، لكن المتوافر بكثرة هو فايزر الأميركي الذي يتزود الأردن به كمساعدات.
وقررت أخذ الجرعة الثالثة «المعززة» من مطعوم فايزر، فكان السؤال الذي يشغلني: كيف يمكن المزج بين التناقضات السياسية التي تزداد سخونة بين أقوى دولتين في العالم المعاصر، والاختلافات التكنولوجية بينهما، رغم التفوق الأميركي الواضح اقتصاديا؟
أخذت الجرعة الثالثة نهاية الأسبوع الماضي، وراقبت نفسي جسديا بدقة: هل ستحدث تفاعلات وكيف يمكن المزج بين الخصمين المتنافسين! وعندما أخذت المطعوم الروسي لم أشعر بأي ردود فعل أو مضاعفات نهائيا، بالنسبة لفايزر كان بذهني العديد من الأشخاص الذين أخذوا هذا اللقاح، وكان بعضهم يشكو من مضاعفات وآلام وإرهاق لعدة أيام، لكنني شخصيا لم أشعر بهذه المضاعفات، كل ما شعرت به هو آلام بسيطة في مكان الإبرة، لكن التفاعلات التي كانت تشغلني هي ذهنية وتساؤلات حول: أين يتجه العالم في ضوء الخصومة بين العملاقين؟