فراغ رئاسي طويل قبل نضوج التسويات!
بقلم: ايناس كريمة
النشرة الدولية –
لبنان 24 – ايناس كريمة –
وسط استفحال الازمات الكبرى التي تعصف بلبنان يبدو أن بوادر حلحلة نسبية تلوح في الأفق بدأت مع انخفاض سعر صرف الدولار الاميركي في السوق الموازية الامر الذي ترافق مع قرار استئناف جلسات مجلس الوزراء لإقرار الموازنة ما يوحي بأن ثمة قرار بالتهدئة بين القوى السياسية تمهيداً للانتخابات النيابية.
لكنّ السؤال الاساسي الذي يُطرح اليوم يدور حول التسوية الكبرى الحاسمة التي ستعيد انتظام الواقع السياسي اللبناني.
يربط البعض التسوية الداخلية في لبنان بالتطورات الاقليمية التي تخطو خطوات سريعة في مفاوضاتها سواء بين المملكة العربية السعودية وإيران من جهة وبين الولايات المتحدة الاميركية وإيران من جهة اخرى بشأن الاتفاق النووي، لكن هذه النظرية تقول أن التسوية في لبنان مرتبطة حصراً بالإقليم، حيث أن نجاح المفاوضات يعني حتماً اتفاق الدول المعنية في الشأن اللبناني على خارطة تقسيم النفوذ داخله، وبالتالي حلّ الازمة والخروج من دوامة الانهيار.
نظرية أخرى تتحدّث عن أن التسوية في لبنان تحتاج أولاً الى اكتمال عواملها داخلياً أيضاً، فالتسويات الخارجية المرتقبة أساسية بلا شك وتنسحب على لبنان الذي لن يبقى على هامش الاولويات الاقليمية، الا إن التطورات المحليّة المرتبطة بشكل مباشر بالانتخابات النيابية التي سيكون لها دور بارزا في إعادة رسم التوازنات بين القوى السياسية وتحديداً وضع “حزب الله” وحلفائه داخل المؤسسات، تعني أن لا تسوية صريحة تنعكس على لبنان قبل نضوج المشهد الداخلي ومعرفة مدى تأثير الضغوط على الحزب وفريقه السياسي وحجم تراجع قوّته على المستوى الشعبي.
من هنا يُجمع أصحاب النظريتين على أن التسوية الكبرى في لبنان لن تحصل قبل الانتخابات النيابية المُقبلة وبالتالي فإن مجمل الأزمات حتى السياسية منها وانعدام سبل الحلول المستدامة تراوح مكانها حتى صدور نتائج الانتخابات، لذلك فإن الحديث عن أي تسوية سيكون محصوراً بين مُهلتين مرتبطتين بالاستحقاق البرلماني والرئاسي.
ترى مصادر سياسية مطّلعة أن انتخاب رئيس للجمهورية اللبنانية سيكون مرتبطاً بالتسوية الكبرى، اذ إن الانتخابات النيابية ستفرز توازنات في الداخل ما سيدفع بالخارج الى ترتيب واقع جديد يُنتخب على أساسه الرئيس المُقبل، بحيث تشبه معه رئاسة الجمهورية الواقع التسووي في البلاد والتوازنات الموجودة، وعليه فإننا سنكون أمام تسوية واضحة ما بين الاستحقاقين النيابي والرئاسي من دون حسم موعدها، إذ ثمة هواجس من أن يغرق لبنان في فراغ رئاسي طويل في إطار الكباش السياسي قبل الوصول الى التسوية الكاملة.