رجال من ورق!
بقلم: صالح الراشد

النشرة الدولية –

رجال من ورق ولعل الأصدق أن نقول نجوم من ورق، وهؤلاء مجموعة من الرجال لا يملكون رأيهم وينفذون سياسات وطلبات غيرهم، فيهرفون بما لا يعرفون ويتحدثون بما لا يدركون، فمصلحتهم هي الشعار ليتحولوا إلى مجرد عبيد وأبواق عند الأسياد، كل ذلك مقابل الحلوى التي يطلبها أطفال يرتدون ملابس الرجال، ويعتقدون أنهم يلعبون دور البطولة في مواقع لها رجالها من أصحاب المباديء والقيم، ليجدو أنفسهم على مواقع الضلال الإجتماعي معتقدين أن كثرة متابعيهم ستغير هالتهم الكاذبة وستحولهم إلى أبطال حقيقين.

والغريب ان هذه النوعيات من الكائنات لم يكن لها وجود في سابق الأزمان، لنجد أن المؤلفين المبدعين قد كتبوا بإبداع عن الرجال الذين هم من ورق، ويقال عنهم باللهجة المصرية “خيال مآته”، فكتب البريطاني وليام غولدينغ رواية “رجال من ورق” وآية محمود يحيى رواية “تروكاج – رجال من ورق” وعماد العالم رواية “رجال من ورق ونساء من زجاج” وهند الأشعل رواية “رجال من ورق وعروس من حلوى”، لكنهم جميعاً لم يصلوا بحسهم الإبداعي وقراءتهم للمستقبل للنوعية الجديدة من نمور العصر الحالي المكونين من ورق، والذين يتكسرون من أسهل موقف ومع أول سقوط.

وتطرق المؤلفون المبدعون والمبدعات، للرجال في شتى مواقف الحياة، لكنهم لم يكتبوا عن أهل بيت الرياضة والسياسة والإقتصاد، حيث يكثر الورقيون المتسلقون على أكتاف رجال الحق، وقد يظن البعض أنهم ما أن أصبحوا نجوماً تهتف الجماهير باسمائهم أو أصحاب قرار يتصدرون صفحات الجرائد، حتى تحولوا إلى عباقرة يفهمون في كل شيء حتى الغيبيات، بل قد يظنون أنهم يفوقون أنشتاين في الفيزياء وجون دالتون في الكيمياء وأسحاق نيوتن في علم الرياضيات، ويتجاوزن ابن الهيثم في الطب وإدوين هايل في الفلك وياني وبيتهوفن وموزارت في الموسيقى، وللحظات قد يتوقع البعض منهم بأنهم كجول ريمية وبيليه ومايكل جوردون ومايكل فيلبس، بل قد تذهب بهم ورقيتهم الطائرة إلى أنهم من صنعوا الألعاب الأولمبية وأشاروا بها على قدماء اليونان وربما على زيوس.

هذا هو الحال في العصر الحديث زمن الردة، حيث يرتقي المنافقون ويرتفع الورقيون ويصبح لهم رأي رغم أنهم يختفون مع أول موقف فكري، لذا ما أن يتحدثون حتى تتكشف حقائق أنفسهم وسرائرهم، معتقدين أن متابعيهم سيصفقون لهم على إبداعاتهم الخيالية الباحثة عن إخفاء الحقائق، لكنهم يظهرون على حقيقتهم بأنهم مجرد صور ذائبة في المياة لا مستقبل لها لينساهم متابعوهم قبل غيرهم، فالتاريخ يؤرخ لأصحاب الفكر والرؤى وليس للأبواق المارقة.

آخر الكلام

لا أقصد شخص بعينه إلا من شك بنفسه فهو أعلم بحاله مني.

زر الذهاب إلى الأعلى