التاريخ السياسي للاستجوابات
بقلم: أ.د. غانم النجار

النشرة الدولية –

زاد عدد الاستجوابات منذ بدء الحياة الدستورية في الكويت على 130 استجواباً، ولم يزد عددها على 6 استجوابات في المجالس الثلاثة الأولى، لكنها زادت في حقبة التسعينيات إلى 120 استجواباً، ولم تكن الزيادة في العدد فقط.

 

كان أول استجواب لوزير شيخ، من النائب راشد التوحيد، لوزير الكهرباء الشيخ جابر العلي، يرحمهما الله، فيتصادف أن يُقدَّم استجواب لابنه الشيخ حمد جابر العلي، ويفصلهما 58 عاماً، أخذاً في الاعتبار التباين بين الاستجوابين، ولذلك حديث آخر.

 

أما نتائج الاستجوابات، فهي في أحسن حالاتها قد تؤدي إلى استقالة، وهي ليست مسألة مهمة في نظام “حتى إشعار آخر”، فالوزراء يروحون ويأتون، ولا أحد يعلم لماذا ذهب هذا ولماذا بقي ذاك.

 

منذ فصل ولاية العهد عن رئاسة الوزراء عام 2003، تم تقديم 27 استجواباً لرؤساء الوزراء المتعاقبين، فنال الشيخ ناصر المحمد 11، والشيخ جابر المبارك 10، ورئيس الوزراء الخالد 6، والملاحظ أيضاً، أن في كل تلك الاستجوابات تقريباً، يكون أحد عناصرها خلاف “شيوخي”، حتى صار جزءاً من الأعراف السياسية البرلمانية السائدة، ويتم استنزاف موارد الدولة لكسب المؤيدين.

 

ومما يؤسف له أن الكثير من الاستجوابات يتم باستعجال، ويكون غير مدروس، ويأتي كردود أفعال، وأحياناً لدوافع شخصية، ومع أن هناك استجوابات جادة، وجيدة، والتي تتبعها بعض الإجراءات الإصلاحية أحياناً، وقد تحقق نتائج إيجابية على مستوى الوعي العام، إلا أنها قليلة، خاصة أن طرح الثقة لا بدّ أن يمرّ بالاستجواب، لكنه لم يحدث حجب الثقة عن وزير.

 

فيبدو أن إقدام أي وزير على معركة طرح الثقة يوحي أنه متأكد من نَيلها، فإن لم تكن حساباته أكيدة، فالأرجح أنه يستقيل، والاستجواب الحالي لوزير الدفاع يبدو أنه يسير في هذا الاتجاه.

 

كما برزت ظاهرة غير معتادة في الاستجواب الحالي، عززت موقف الوزير، وهي تصريحات التأييد والدعم من عدد غير قليل من النواب، بغضّ النظر عن نواياهم، فالعملية تتم في محفل سياسي، لا قضائي، فقد جرت العادة أن يسعى المستجوبون إلى حشد الرأي العام ضد الوزير، بينما يلزم المؤيدون لمنح الثقة الصمت حتى يوم التصويت، أمّا هذه المرة فتصريحات الدعم مقاربة لتصريحات السَّحب والحجْب.

 

بالطبع لذلك أسبابه، ومن أبرزها أداء الوزير المتميز، وحالة الاستقطاب العام، وتركيز الاستجواب على قضية واحدة.

 

هناك بالضرورة حاجة إلى مراجعة أداة الاستجواب حتى تصبح أكثر فعالية وفائدة للمجتمع، بدلاً من الدوران في حلقة مفرغة وإنهاك المجتمع بلا فائدة.

زر الذهاب إلى الأعلى