‘الكويت التطورات السياسية والتجربة الديمقراطية’ موسوعة تاريخية للقارئ العربي… أشار الى قضية البدون وتطرق الى الحلول المطروحة

النشرة الدولية –

من جديد نعود لخوض غمار تاريخ الخليج العربي الحديث والمعاصر بعد سلسلة من المؤلفات التي صدرت، ويأتي الكتاب الجديد الكويت (1896-2018) التطورات السياسية والتجربة الديمقراطية، والصادر عن (منتدى المعارف للنشر) في بيروت أواخر عام 2019، وبسبب جائحة كوفيد-19- تم توزيعه في الدول العربية في عام 2020.

كان النفط في الكويت كما بقية دول الخليج العربي، ظاهرة جديدة في سياق تكوينها التاريخي، تميزت بالثروة المالية والرفاه الاقتصادي والتغير الاجتماعي، إلاّ إنّ تاريخ الكويت يجب أنّ يفهم بأنّه لم يرتبط بظهور النفط واستثماره، بل أنّها دولة برزت فيها الحياة الاقتصادية والتجارية قبل ظهور النفط وبعده، وحدثت فيها تغيرات اجتماعية ونهضة ثقافية، وتجربة برلمانية وديمقراطية تعتبر رائدة بين دول المنطقة.

ويهتم الكتاب بدراسة تاريخ الكويت منذ عهد الشيخ مبارك الصباح (الكبير) منذ عام 1896، وحتى عهد الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح لكي يتوقف عند عام 2018، فإنّ تاريخ الكويت السياسي يرتبط بأسرة آل الصباح من الامارة القبلية، التي تحولت إلى دولة حديثة بعد حصولها على الاستقلال واعلان دستورها، ثم انشاء أول تجربة برلمانية في دول الخليج، بدءاً من المجلس التشريعي الأول عام 1938 كنواة للحركة الاصلاحية في الكويت واستمرار التجربة هذه حتى اليوم .

ويمكن القول إنّ الكتاب ربما يكاد أنّ يوصف كموسوعة عن تاريخ الكويت الحديث والمعاصر، وسوف نعرض محتوياته بالتفصيل لكي يدرك القارئ أهمية هذا العمل، حيث تناول الجوانب السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية في الكويت كمدخل في الفصل الأول لدراسة تاريخ الكويت السياسي والاقتصادي والبرلماني في الفصول التالية.

ويتضمن الكتاب خمسة فصول أساسية، وأعتمد مصادر ومراجع تضمنت مختلف الدراسات الكويتية والعربية والأجنبية التي تناولت تاريخ الكويت من الكتب والبحوث والمواقع الالكترونية العلمية المهمة.

يتناول الفصل الأول من الكتاب، الأبعاد السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية للكويت، وسبقها التمهيد لدراسة الجغرافيا والسكان في الكويت، ثم تحدث الفصل عن البعد السياسي، النظام القبلي والحكم الوطني، والتحول من القبيلة الى الامارة، ثم العلاقات الخارجية للكويت خاصة مع بريطانيا العظمى في القرن التاسع عشر الميلادي، ثم متابعة البعد الاقتصادي ومرحلة ماقبل ظهور النفط، العيش والبحث عن الرزق في البادية والبحر والغوص على اللؤلؤ، والصيد وركوب البحر،والتحول بعد اكتشاف النفط إلى الوظائف الجديدة التجارة والشركات والأعمال.

أما البعد الاجتماعي بعد النفط، فتطرق فيه المؤلف لظهور الفئات الاجتماعية الجديدة، والنخب المثقفة في الكويت في الأربعينيات والخمسينيات من القرن العشرين، وتزايد هجرة الوافدين العرب والأجانب بعد حقبة النفط.

وأبرز خصائص سكان الكويت وأصولهم وتعدادهم السكاني، وقضية المرأة في الحجاب والسفور والتحرر.

وفي البعد الثقافي، أسهب المؤلف في متابعة النهضة التعليمية والثقافية منذ نهاية القرن التاسع عشر في الكويت مروراً إلى منتصف القرن العشرين، وأبرز التحولات الثقافية بعد اكتشاف النفط في مجالات التعليم الحديث والجامعات والمعاهد، والمكتبات ودور النشر، والصحافة الحكومية والأهلية، والأندية الثقافية والجمعيات الأدبية، والآداب والفنون.

وتحدث الفصل الثاني من الكتاب،عن تاريخ الكويت منذ الحماية البريطانية إلى الاستقلال الوطني وبناء الدولة الحديثة حتى عام 1977، في دراسة نشأة أسرة آل الصباح الحاكمة، وعهد مؤسس الدولة الحديثة الشيخ مبارك الصباح (الكبير) (1896-1915)، وعقد اتفاقية عام 1899مع بريطانيا، وحكم الشيخ جابر بن مبارك، والشيخ سالم بن مبارك بين(1916-1921) في الشؤون الداخلية والعلاقات بين الكويت ونجد في عهد ابن سعود. ثم تناول المؤلف عهد الشيخ أحمد الجابر الصباح (1921-1950)، الذي شهد حركة التحديث وبناء الدولة، وإنشاء المجلس التشريعي الأول عام 1938، وعمل شركات التنقيب عن النفط، وبدايات التطور الاقتصادي والاجتماعي في البلاد.

وشهد عهد الشيخ عبدالله السالم الصباح (1950-1965)، معالم ومحطات بارزة من تاريخ الكويت المعاصر، أشار اليها الكتاب بالكثير من المعلومات التاريخية، ومنها استقلال دولة الكويت عام 1961، واصدار الدستور عام 1962، والأزمة مع العراق في عهد عبدالكريم قاسم(1958-1963) والمطالبة بضم الكويت، واستمرار عملية البناء والعمران والتحديث الاقتصادي والاجتماعي والتعليمي في الكويت.

وتبع ذلك مبحث جديد في الكتاب عن حكم الشيخ صباح السالم الصباح (1965-1977)، حيث استمرار حركة التحديث والتنمية وبناء الدولة ومؤسساتها، وتطور السياسة الخارجية للكويت وعلاقاتها العربية والدولية، ومساهمتها في القضايا العربية والقضية الفلسطينية بشكل خاص، مع الأزمات التي رافقت عمل الحركة البرلمانية ومجلس الأمة، والأحداث العربية في نكسة حزيران/يونيو1967، وحرب تشرين الأول/أكتوبر1973 ومواقف الكويت تجاه تلك التطورات.

وتناول الفصل الثالث بشكل تفصيلي التطورات السياسية الداخلية والعلاقات الخارجية للكويت في ضوء المتغيرات التي واجهتها في عهد الشيخ جابر الأحمد الجابر الصباح (1977-2006)،والانجازات التي تحققت في عهده، ولاسيما التطورات بين 1980و1990 وأبرزها موقف الكويت من الحرب العراقية –الايرانية، وتحدث الكتاب عن محاولة اغتيال الشيخ جابر، وتأسيس مجلس التعاون الخليجي عام 1981، وحالة مجلس الأمة والسلطة التشريعية وتعاقب دوراته، والرفاه الاجتماعي والاقتصادي في هذه المرحلة، والغزو العراقي للكويت في 2 آب/أغسطس 1990،وحرب الخليج الثانية1991 وتحرير الكويت، والتطورات الداخلية والخارجية التي شهدتها الكويت مابعد التحرير.

وتحدث الكتاب عن مغادرة الجالية الفلسطينية الكويت بعد الغزو، ثم موقف الكويت من الغزو الأميركي للعراق في ربيع عام 2003،وتناول المؤلف في نهاية الفصل وفاة الشيخ جابر الأحمد الجابر الصباح.

وناقش الكتاب في الفصل الرابع،عهد الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح (2006-2018)، وتولي الحكم في عام 2006، وانتقال السلطة من الشيخ سعد العبدالله الصباح إلى الشيخ صباح، والتطورات السياسية الداخلية التي عرفتها الكويت، والاحتجاجات الشبابية عام 2009، ثم أحداث “الربيع العربي” 2011-2012، وماشهدته العلاقات العراقية-الكويتية بعد عام 2006، والسلطة وعلاقتها بالمعارضة، والسياسة الخارجية،والانتخابات البرلمانية للأعوام 2006 و2008 و2009 و2011 و2013 و2016.

وعالج المؤلف الوضع الاقتصادي للكويت، والعلاقات مع العراق بعد عام 2016 وموقف الكويت من القضية الفلسطينية، وصدور قانون التجنيد الالزامي، ودبلوماسية الوساطة التي اتبعها الشيخ صباح في الأزمة الخليجية عام 2014 واستمرارها، وأشار الكتاب بشكل موجز إلى (قضية البدون) وتفاعلاتها الداخلية والحلول والرؤى المطروحة.

ومن القضايا التي طرحها الكتاب هي التجربة البرلمانية والديمقراطية في الكويت بين(1963-2015)، تأسيس تجربة البرلمان 1963، وتطور الحياة التشريعية بين1971و2003، واستمرار التجربة الديمقراطية في الكويت بعد ذلك بين (2003-2015) بكل ايجابياتها والأحداث والتطورات التي واجهتها في ظل التحديات الداخلية والخارجية التي واجهتها الكويت في تلك الفترة. وطرح المؤلف ابرز المآخذ والعثرات التي واجهتها، وانعكاساتها على الوضع الداخلي، كما طرح محاولة تقويم للتجربة الديمقراطية الرائدة في نهاية الفصل الخامس والأخير.

ويطرح المؤلف في خاتمة الكتاب، رؤيته بالايمان الراسخ بأهمية دراسة التاريخ المعاصر بعمق ورؤية تحليلية، بعيداً عن السرد والوصف والاجترار، بغية الاستفادة من تجاربه الغنية لرسم مستقبل أفضل نستمد منه الخبرة والدروس لتفكيك المشكلات التي تواجه العرب ودول الخليج خاصةًف ي الحاضر والمستقبل.

ويشكّل هذا الكتاب محاولة تاريخية ربما غنية، وعرض في عمل رصين في التحليل والاستنتاج،ويعتبر الكتاب بمثابة دليل للقارئ الكويتي والعربي، والباحث لاغنى عنه لحداثة معلوماته،ومنهجيته التاريخية،وموضوعية طرحه، وحيادية تقييمه، ومعاصرة أحداثه عن الكويت الى نهاية عام 2018.

زر الذهاب إلى الأعلى