ريان يعيد “بوصلة الأخوة” بين المغاربة والجزائريين

النشرة الدولية –

على هامش التضامن العربي الواسع، مع قصة الطفل المغربي، ريان، الذي وقع في بئر، ولم تثمر الجهود المضنية حتى الآن لإخراجه، برز التعاطف الشعبي الجزائري، بشكل خاص، حتى قيل إن ريان “أطفأ نار الفتنة” بين الشعبين التي أثارتها الخلافات السياسية والتنافس الرياضي.

وعلى مدى عدة أشهر، سادت مواقع التواصل الاجتماعي ملاسنات بين الشعبين، خصوصا بعد إعلان الجزائر قطع علاقاتها بشكل أحادي مع الجارة الغربية، لتأتي كرة القدم وتبرز الخلاف أكثر خلال المنافسات الرياضية.

وأثارت خسارة المنتخب المغربي من نظيره الجزائري في ربع نهائي كأس العرب 2021 خلافات واسعة بين الجماهير المغربية والجزائرية، طعّمتها مواقع وصفحات على المنصات الاجتماعية.

وخلال كأس أفريقيا الجارية وقائعها في الكاميرون، أثار خروج الجزائر المبكر سخرية واسعة من قبل المغاربة،  ليرد الجزائريون بالمثل بعد خروج المغرب من الدور ربع النهائي إثر خسارته من مصر.

وظلت مواقع التواصل الاجتماعي وحتى وسائل الإعلام رهينة خطاب العداء في البلدين إلى أن سقط ريان في تلك البئر قبل نحو خمسة أيام، ليتحول الخطاب بين الجماهير مجددا إلى “خاوة خاوة” أي “نحن إخوة”.February 4, 2022

حادثة ريان أثارت تعاطفا كبيرا بين الشعبين، وأعادت “بوصلة الأخوة” إلى مكانها وفق تعبير أحد الباحثين في علم الاجتماع.

وعبّر مواطنون جزائريون، وصحفيون ونشطاء، عن تضامنهم مع الطفل ريان وعائلته من خلال تدوينات وتغريدات.

وتشارك رواد مواقع التواصل الاجتماعي من البلدين، الأخبار الواردة عن جهود إنقاذ ريان، على نطاق واسع.

وإلى غاية كتابة هذه الأسطر، لايزال مصير الطفل ريان مجهولا، بينما تستمر جهود إنقاذه ليل نهار ودون توقف.

مراسلة قناة الحرة في المغرب، المتواجدة في موقع عملية إنقاذ الطفل المغربي ريان، كشف السبت، أن هناك ترقبا لعملية الإنقاذ التي أشرفت على مراحلها الأخيرة. وقالت: “قد يكون هناك جديد في أي لحظة”.

وتخوض فرق الإغاثة، سباقا مع الزمن في جهودها المضنية التي تتقدم ببطء لإنقاذ ريان، على أمل إخراجه حيا.

آمالٌ كبيرة

وقال عبد الهادي الثمراني، المسؤول في اللجنة المشرفة على عملية الإنقاذ لوكالة فرانس برس “يصعب أن نجزم بأي شيء حول حالته الصحية”، موضحا أن الكاميرا المثبتة فوق البئر “تظهره مستلقيا على جانبه لا نرى سوى ظهره لكن الأمل كبير جدا”.

بالتوازي مع آمال إنقاذ ريان وإخراجه حيا، يسود أمل كبير في أن تكون هذه الحادثة قد “أطفأت بالفعل نار الفتنة بين الشعبين” يقول مدير مركز دراسات العلوم الاجتماعية بوهران (غرب الجزائر)، نجاح مبارك.

وفي حديث لموقع الحرة، أكد مبارك أن التضامن الذي “نشاهده بين الشعبين ليس بجديد” مذكرا بتضامن المغاربة مع أشقائهم الجزائريين عندما سقط شاب جزائري في بئر ارتوازية قبل أربع سنوات.

وفي ديسمبر 2018، سقط الشاب الجزائري، عياش محجوبي، في بئر ارتوازي تقليدي، ومكث هناك ستة أيام حتى توفي، رغم جهود إنقاذه التي لم تتوقف طيلة فترة بقائه في البئر.

الباحث المغربي في علم الاجتماع، علي شعباني، اعتبر التضامن بين الشعبين “استجابة طبيعية” للعواطف التي تربط بينهما.

وقال لموقع الحرة، إن “كل إنسان له قلب يتحرك وعاطفة تميل إلى المبادئ الأخلاقية لا بد أن تثيره هذه القصة” مشيرا إلى أن أي مأساة تصيب واحدا من البلدين لا بد وأن تثير البلد الآخر، مستدلا هو الآخر بتضامن الشعب المغربي مع الجزائريين خلال الحرائق التي ضربت منطقة القبائل بالجزائر، الصيف الماضي، وكيف عرض كثير من المغاربة التنقل للجزائر من أجل المساعدة في إخماد النيران.

وفي إجابته عما إذا كانت هذه مجرد عاطفة عابرة، أجاب بالقول: “لا أعتقد أن ما يربط المغاربة بالجزائريين مجرد عواطف عابرة، بل هي أحاسيس الانتماء الواحد الضارب في التاريخ التي تخرج في مثل هذه المحن”.

وتابع مؤكدا أن “السياسة شيء، والرياضة شيء آخر، رغم أنها سيّست كذلك، بسبب محاولة البعض توظيفها، وفق تعبيره “لكن علاقات الشعوب تستجيب لعاطفتها الإنسانية أكثر من شيء آخر”.

شعباني وصف التضامن بين الشعبين المغربي والجزائري بـ”التضامن الآلي والفطري”  الذي يتم بشكل تلقائي، وهو بذلك لا يستجيب لأي أغراض سياسية أو أهداف سلطوية.

وقال: “هذه الحادثة قد تعطي اللبنة الأولى لثقافة جديدة تنبني على التضامن الآلي مع أي إنسان متضرر، ومن ثم تعطي الأولوية للأخوة على الاختلاف السياسي أو أي خلاف آخر”.

من جانبه، قال مبارك، إن قصة الطفل ريان، أعطت مثالا لجميع الساسة الذين يسهرون على تفريق الشعوب لبسط سلطتهم أن مصير مشاريعهم الفشل، حيث أن روابط التعاضد بين الشعبين “ستحبط كل تلك المحاولات كما فعلت على مر التاريخ”.

وأشاد الرجل بتغير موقف العديد من وسائل الإعلام في البلدين، إثر حادثة سقوط ريان، وتحولها لأدوات تواصل وتقارب بعدما كانت تبث الفرقة، موازاة مع القرارات السياسية، التي يأخذها هذا البلد أوذاك.

وقال: لا أشك في أن أخوة الشعبين ستستمر، لكن ما أتمناه هو أن تساير وسائل الإعلام في البلدين هذه الديناميكية”.

 

 

 

زر الذهاب إلى الأعلى