“صدمة الكهرباء” تشعل غضب الأتراك… ارتفعت 50% على الأسر ذات الطلب المنخفض

النشرة الدولية –

الحرة –

تطغى “أسعار الكهرباء” على حديث المواطنين والتجار وأصحاب المهن في تركيا، منذ بداية شهر فبراير الحالي، بعدما تلقى هؤلاء “صدمة الفواتير”، التي ارتفعت قيمتها مرتين على الأقل، مقارنة بشهر ديسمبر 2021.

ومع حلول العام الجديد كانت الحكومة التركية قد رفعت الأسعار بنسبة 125 في المئة للمستهلكين التجاريين ذوي الطلب المرتفع، وحوالي 50 في المئة للأسر ذات الطلب المنخفض، بينما قفزت أسعار الغاز الطبيعي بنسبة 25 في المئة للاستخدام السكني و50 في المئة للاستخدام الصناعي.

وتربط الحكومة هذه الزيادة بارتفاع أسعار البترول عالميا، فيما يشير محللون اقتصاديون ورؤساء جمعيات حرفية إلى أن الأمر يرتبط بزيادة معدلات التضخم في البلاد، والتي لامست نسبته، الشهر الماضي، حاجز 50 في المئة.

وعبّر مواطنون وتجار، على مواقع التواصل الاجتماعي، عن غضبهم من “الفواتير المضاعفة”، والتي تفاجؤوا بها بعد صدورها بشكل متواتر، خلال الأيام التسعة الماضية.

وفي الوقت الذي اشتكى فيه المواطنون من الحال المذكور، مستعرضين صورا للفواتير التي تلقوها، قال تجار إن تضاعف الأسعار أثر بشكل سلبي على أعمالهم، وبالتالي سينعكس ذلك في الأيام المقبلة على المواطنين العاديين، في مختلف القطاعات.

في مدينة أنطاليا علق أصحاب المتاجر على واجهات محالهم ملصقات توضح تفاصيل فواتير الكهرباء، وانسحب ذلك إلى باقي الولايات في البلاد، بينها إسطنبول، والتي يقول منها التاجر، محمد أوغوز، إن الفاتورة التي تلقاها عن شهر يناير الماضي باتت تقارب إيجار المحل الذي يعمل فيه.

ويضيف التاجر لموقع “الحرة”: “أدفع 4000 ليرة تركية كإيجار شهري لمحلي الصغير الذي أبيع فيه المشروبات الساخنة والباردة. الفاتورة التي تلقيتها تخطت حاجز الـ2000 ليرة. هناك آخرون من أصحاب المصالح الكبيرة تخطت قيمة فواتيرهم الإيجارات التي يدفعونها”.

وكذلك الأمر بالنسبة لجنكيز ككشي، وهو مواطن تضاعفت قيمة فاتورة الكهرباء الخاصة بمنزله مرتين قياسا بشهر ديسمبر الماضي، ويوضح لموقع “الحرة” أن “الفواتير التي كنت أدفعها في السابق تراوحت بين 200 إلى 250 ليرة تركية. عن شهر يناير فقط وصلت إلى 1000 ليرة تركية”.

"صدمة الكهرباء" تشعل غضب الأتراك... ارتفعت 50% على الأسر ذات الطلب المنخفض

تعتبر الكهرباء في تركيا العصب الرئيسي لكل الأعمال التجارية والصناعية وغيرها، وذلك ما جعل منها “أبرز قضية على جدول الأعمال”، بحسب ما تشير إليه صحف ووسائل إعلام تركية.

صحيفة “حرييت” نشرت مقالا، الأربعاء، للكاتب عبد القادر سيلفي، جاء فيه أن ارتفاع “فواتير الكهرباء والغاز الطبيعي في تركيا أصبح لا يطاق لكل من المواطنين والشركات التجارية”، وقال: “يجب أن تكون هذه هي المشكلة الأكثر أهمية للسلطة الحاكمة في البلاد”.

وتحدث سيلفي عن إجراءات ودراسات تجريها وزارة الطاقة في تركيا، على أن يتم الإعلان عنها في غضون أسبوع إلى عشرة أيام، في مسعى لتصحيح ما حصل خلال الشهر الماضي، مشيرا إلى أن الهدف من ذلك “تخفيف أعباء الفواتير التي تصيب المواطن”.

من جهته، قال الكاتب في صحيفة “سوزكو”، مراد مراد أوغلو، الأربعاء، إن ارتفاع الأسعار “سينعكس على كل منتج خلال شهرين، مما سيزيد الأسعار أكثر”.

وأضاف في تعليقه أن الشركات وأصحاب المصالح التجارية سيتخذون إجراءات لارتفاع الأسعار في الأيام المقبلة، “لقد زادت تكاليفهم. كيف سينتجون المزيد من السلع؟ لن يكونوا قادرين على الإنتاج!”.

أما الصحفية، غمزي بال، فقد قالت في صحيفة “سوزكو”: “بعد أن تجاوزت الفواتير الإيجار، زادت القوائم بنسبة 10-50 في المئة، وبدأت بعض المطاعم في فرض رسوم دخول تصل إلى 70 ليرة تركية”.

ونقلت الصحفية عن رئيس جمعية جميع المطاعم والسياحة (TÜRES)، رمضان بينغول، قوله: “مع أسعار الطاقة هذه، لن يكون من الممكن الجلوس مع فنجان من الشاي والقهوة. سوف ينهار العمل”.

وصرح بينغول أنه “مع تأثير كل هذه التكاليف الباهظة، ستختفي المطاعم ذات الدخل المتوسط”، مضيفا “نشعر بالصدمة في هذا القطاع. عندما يكون مبلغ فاتورة بعض الشركات مثل الإيجار، في حين أن البعض الآخر ضعف الإيجار “.

وبينما دفع حديث الكهرباء الحكومة التركية للتعليق وإطلاق وعود لتحسين الحال في الأيام المقبلة، جادلت أحزاب المعارضة في ذلك، محمّلة الأولى المسؤولية.

وقال المتحدث باسم الرئاسة التركية، إبراهيم كالن، الثلاثاء، إنه سيتم اتخاذ خطوات جديدة في فواتير الكهرباء، مضيفا خلال لقاء تلفزيوني على قناة “خبر تورك”: “ستكون هناك لائحة جديدة لفواتير الكهرباء قريبا جدا”.

وتابع كالن: “رئيسنا أعطى تعليمات، وهو يتابع العملية عن كثب. والمبدأ الأساسي هنا هو اتخاذ خطوات عاجلة لن تسحق مواطنينا ضد التضخم. سنرى النتائج قريبا. وسيتم اتخاذ خطوات جديدة لتخفيف العبء على المواطنين”.

في المقابل، أصدرت رئاسة محافظة أنقرة لـ”حزب الشعب الجمهوري” بيانا صحفيا، الأربعاء، في ساحة أولوس، احتجاجا على ارتفاع أسعار الكهرباء والغاز الطبيعي.

ومتحدثا نيابة عن أعضاء الحزب المجتمعين في الساحة، قال رئيس مقاطعة “الشعب الجمهوري”، علي حكمت آكيلي، إن “الناس فقراء بسبب غلاء المعيشة. الكهرباء حق من حقوق الإنسان، وينبغي أن تكون متاحة”.

وأضاف آكيلي “يجب سحب الزيادات الباهظة في الكهرباء والغاز الطبيعي على الفور وإعادة تعرفة 2021″، وأنه “يجب إعادة ضبط ضريبة القيمة المضافة، على الأقل في أشهر الشتاء”.

وعقب التصريحات الصحفية، أحرق أعضاء الحزب المعارض فواتير الغاز الطبيعي والكهرباء الخاصة بهم وهتفوا “لا للتسلق والقمع”.

في غضون ذلك، تتضارب الأسباب التي دفعت الحكومة التركية لرفع أسعار الكهرباء والغاز الطبيعي.

وهذه الخطوة كان اللافت أنها جاءت على وقع الأزمة التي شهدتها الليرة التركية، خلال الأشهر الأخيرة، حيث انخفضت قيمتها إلى مستويات قياسية أمام الدولار الأميركي، كما أنها تزامنت مع الإعلان عن ارتفاع معدلات التضخم في البلاد.

ورغم أن الحكومة التركية تمكنت، مع حلول العام الجديد من تثبيت سعر صرف الليرة، إلا أنها واجهت “عقبة” أخرى، تمثلت بارتفاع معدلات التضخم، وهو ما أظهرته بيانات حديثة نشرها “معهد الإحصاء التركي”، الأسبوع الماضي.

وأشارت البيانات إلى أن أسعار الاستهلاك في تركيا ارتفعت بنسبة 48.69 بالمئة على أساس سنوي في يناير، في أعلى رقم يسجل منذ أبريل 2002.

والإثنين، حذّر الرئيس التركي، رجب طيب إردوغان، من أن الأتراك سيضطرون إلى “تحمل” عبء التضخم “لبعض الوقت بعد”، قائلا: “بعون الله دخلنا فترة يكون فيها كل شهر أفضل من السابق”.

بينما استبعد وزير الخزانة والمالية، نور الدين نباتي، أن يكون هناك أي انخفاض إضافي في قيمة الليرة التركية، مشيرا إلى أن “تركيا ستواجه مشكلة تضخم مهمة، لكن دولا أخرى في العالم تعاني أيضا من نفس المشكلة”.

واستعرض الكاتب والصحفي، محمد آجات، في مقاله له على صحيفة “يني شفق”، الأربعاء، عدة أسباب دفعت الحكومة لرفع أسعار الكهرباء والغاز الطبيعي، مؤخرا.

وقال: “بسبب الجفاف في عام 2021، لا يمكن الحصول على كفاءة كافية من محطات الطاقة الكهرومائية التي تغذيها السدود. على هذا النحو، كان لا بد من تحميل ذلك على كل من الغاز الطبيعي والفحم ليس فقط للتدفئة، ولكن أيضا لتوليد الكهرباء”.

ومع ارتفاع أسعار الغاز الطبيعي والفحم فوق الدولار، تابع آجات أنه “تمت إضافة التأثير السلبي لهجمات العملة إلى ذلك”، مشيرا إلى أن هذا هو “السبب الرئيسي لارتفاع فواتير الكهرباء، وخاصة المتعلقة بالمؤسسات التجارية”.

وتحدث الكاتب التركي عن “توقعات متفائلة لحل مشكلة الفواتير في أشهر الربيع”، وأنه واعتبارا من شهر مارس “من المتوقع أن تنخفض الحاجة إلى الغاز الطبيعي، حيث ستنخفض الحاجة إلى التدفئة وستتم إعادة تنشيط محطات الطاقة الكهرومائية بشكل أكبر”.

وأضاف “مع انخفاض تكلفة توليد الكهرباء، من المرجح أن يقلل ذلك الضغط على الفواتير، ما لم تكن هناك بالطبع تطورات جديدة ستؤدي إلى ارتفاع تكاليف الطاقة، مثل تحول أزمة أوكرانيا إلى حرب”.

زر الذهاب إلى الأعلى