هموم الحياة تقتل الوسامة والشباب لا يأبهون
بقلم: صالح الراشد

الوسامة آخر همومنا.. فلقمة العيش أهم

النشرة الدولية –

أصابت البعض الصدمة جراء استبعاد رجال الاردن من تصنيف الوسامة العالمي، لكن الغريب والصدمة ان الصدمة أصابت هؤلاء، وهذا يعني أنهم لا يدركون معاني الوسامة وكيف تترافق مع النفس البشرية، وكيف تنعكس خيوطها وظلالها على الوجه فتجعله مشرقاً، لذا فقد كان من الغريب أن يأتي رجال الأردن بين الأكثر وسامة في ظل الضغوط النفسية التي تُطارد رجال الأردن من صغرهم وحتى القبر، فالوسامة تحتاج لنفس هادئة مستقرة وإلى رجال يؤمنون بأن الغد أفضل، وعندها ستزداد وجوههم إشراقاً لكن رجال الاردن يشعرون بأن القادم أصعب وأسوء، لذا يُكثرون من التفكير في الحاضر والمستقبل ويترحمون على الماضي، وبالتالي فإن العديد منهم يسكن في الماضي لذا يقطنون في القبور مبكراً وقبل الأوان.

رجال الأردن خارج التنصيف، هذا أمر طبيعي وليس بالغريب، فالطفل يخرج للدنيا وعليه دين للبنك الدولي، وحين يكبر ويذهب للمدرسة لا يجد مدارس مناسبة ولا مناهج قادرة على جعله يبني نفسه بصورة سليمة، وتمر السنون ويتقدم لإمتحان التوجيهي المُرعب الذي يجعله لا ينام وهو يمني النفس بتجاوز الحد الأصعب في الحياة، ومن يتجاوزه عليه أن يبحث عن جامعة وعلى غالبيتهم أن يُكابدوا الحياة مع ذويهم في توفير المال الكافي للتعليم، وفي حفل التخرج يفرح الأهل فقد تراجعت قيمة الإنفاق وهناك موظف جديد في الأسرة سيساهم في زيادة الدخل، وهنا تتوقف عقارب الساعة، فينتظر الرجل السنة تلو الآخرى ثم يذهب للبحث عن واسطة فتتعب رجلاه دون أن يجد كونها محجوزة لأبناء الذوات.

وإذا حالفه الحظ ووجد عملاً فعليه البحث عن زوجة تجعله يُنفق ما جمعه دون أن يكون لها شأن في جميع النفاقات، وجل ما عليها وعلى أهلها وضع الشروط التعجيزية على غالبية الشباب حتى كرهوا الزواج، ثم يربي الابناء من تزوج منهم ويدور في الحلقة المُفرغة من جديد حتى يلاقي ربه، وقد يكون يعضهم قد حقق الإنجاز الأعظم بشراء شقة بالاقساط سترافقه أقساطها حتى باب القبر، وتركه لأبناء لا يكبلهم الدين وزوجة لا تعاني من المرض، فهل يتوقع أن يكون من يمر بهذه الظروف وسيماً.

وهنا دعونا نفكر ونتساءل، كيف سيصبح من يحمل هذه الهموم أنيقاً؟، كيف سيكون خالي البال للتفكير في مثل هذه الأمور التافة؟، وهل لديه الوقت أصلاً للإهتمام بنفسه فلقمة العيش صعبة وربما مستحيلة؟، لذا فإن الرجال في الأردن يعملون ويكدون على أمل أن تكون حياتهم وسيمة لا وجوههم، وقد يتساءل البعض أين الاثرياء من ذلك ولماذا لا يتواجدون بين الأكثر وسامة كونهم لا يعانون كبقية افراد الشعب؟، وهذا سؤال في مكانه، لكن هؤلاء أشد قباحة من الفقراء كونهم يركزون على جميع المال ومنعه من الوصول لغيرهم، فتصبح أنفسهم قاتمة مسودة وهو ما ينعكس على أناقتهم ووسامتهم، فهم أنيقون بملابسهم لكن لا وجود للوسامة لديهم، لذا نحن خارج التصنيف وهو أمر سليم لأننا في مجتمع غير سليم.

زر الذهاب إلى الأعلى