إدعاء عون على عثمان: خطوة قضائية بأبعاد سياسية؟
بقلم: غادة حلاوي

النشرة الدولية –

هل نحن في عصفورية ام انها حفلة جنون قضائي سياسي غير محسوبة العواقب؟ وهل هي محاولة للقضاء على آخر حصن قضائي في البلد ونهاية للمؤسسات؟ بعد العرقلة القضائية والتعطيل ها هو ما تبقى من عدل يستنزف في السياسة. ففي خطوة قضائية لا يمكن فصلها عن مسارها السياسي ادعت القاضية غادة عون على مدير عام قوى الامن الداخلي اللواء عماد عثمان أمام قاضي التحقيق الاوّل في جبل لبنان القاضي نقولا منصور، الذي حدّد جلسة استماع للواء عثمان الاسبوع المقبل وبلّغه عبر وزارة الداخلية وطلب من مديرية أمن الدولة تفاصيل ما جرى أثناء التوجه الى منزل سلامة أمس الاول. والقاضي المعني لم يطلع على الملف وطلب وقتاً لمعرفة حيثية ما حصل للبناء عليه.

 

وأحدثت الخطوة صدمة لدى رئيس الحكومة نجيب ميقاتي الذي «رفض تصرفات القاضية عون وقال ان اللواء عثمان قام بواجباته، وكان على تنسيق كامل معه ومع وزير الداخلية بسام مولوي الذي امتنع حكماً عن ابلاغ اللواء عثمان بالخطوة، وقرر مراجعة وزير العدل بالخطوة واتخاذ ما يلزم من خطوات لتطويقها، وقوبلت ايضاً باستغراب قضائي وتسببت باصطفاف طائفي واضطرت «تيار المستقبل» الى خرق قرار رئيسه تعليق نشاطه السياسي واتهام رئيس الجمهورية ميشال عون بتغطية القاضية عون، وهو ما نفاه مكتب رئاسة الجمهورية. زوبعة من الانتقادات طاولت اداء القاضية عون بالشكل والمضمون بالنظر الى اشكالية الادعاء على مدير عام لجهاز أمني، بتهمة «القيام بواجباته الامنية والقانونية بحماية شخصية ‏عامة جرى تكليف قوى الامن بحمايتها هو حاكم مصرف لبنان رياض سلامة‎.»‎

 

إجراء الامس رسخ قناعة لدى القوى السياسية بأن القاضية عون لا تتصرف من رأسها وانما بتغطية من رئيس الجمهورية ميشال عون، وذهب البعض أبعد من ذلك ليتحدث عن عملية انتقام وتصفية حسابات سياسية مع التركيبة السياسية التي يخوض عون حربه في مواجهتها.

 

وفي وقت وصفت مصادر معنية ما حصل على انه «قنبلة صوتية» هدفها التشويش على ملف الحدود البحرية والانتخابات النيابية، ربطت اخرى الخطوة برغبة عون بإقالة اللواء عماد عثمان من منصبه لاعتباره جزءاً من الحريرية السياسية، ولهذا السبب يتجنب رئيس الحكومة نجيب ميقاتي فتح باب التعيينات الادارية في حكومته. ويربط مرجع قضائي قرارات القاضية عون بالسياسة ويجزم بانها لا تعمل من تلقاء نفسها، مذكراً بمقولة سبق ورددها رئيس الجمهورية امام زواره بأنه اذا رمش بعينه الشمال توقف القاضية عون عملها، واذا رمش باليمين تابعته، ليقول: «يبدو ان الرئيس عون يستمر في رمش عينه اليمين بدليل خطوات القاضية عون».

 

وفي حين تحدثت القاضية عون عن وجود «محضرين رسميين من أمن الدولة يوثقان رسمياً ما حصل، بالإضافة إلى فيديو يثبت أن منع تنفيذ مذكرة الإحضار حصل بأمر من اللواء عماد عثمان بعد تهديد عناصر أمن الدولة بأن الإصرار على التنفيذ سيؤدي إلى مواجهة». نفى مصدر قضائي وجود مثل هذه المحاضر لدى جهاز أمن الدولة وان جهازي قوى الامن الداخلي وأمن الدولة أوضحا حقيقة ما حصل، فما الداعي الى الخطوات التي اتخذتها القاضية عون وكيف لها ان تدعي على جهاز من دون آخر؟ وقضائياً ايضاً تتهم القاضية عون بتجاوز صلاحياتها القضائية ولم تعد تلتفت لاي اجراء يتخذ بحقها، بينما يفترض بالتفتيش القضائي وضع حد لخطواتها أو وزير العدل الذي سبق وحولها الى التفتيش على خلفية التصريح من دون اذن مسبق.

 

خطوة القاضية عون قرأها «تيار المستقبل» على انها محاولة من الرئيس عون للنيل من المسؤولين في الدولة المحسوبين على رئيس الحكومة السابق سعد الحريري ومحاولة اقصائهم، بينما نفت رئاسة الجمهورية ان يكون الرئيس معنياً بأي اجراء يتخذه القضاء او الاجهزة الامنية، معتبراً «ان اتهامات المستقبل لها خلفية ثأرية تهدف الى اضفاء طابع تحريضي على مقام الرئاسة الاولى»، في وقت جزمت مصادر مطلعة على موقف الرئاسة الاولى بان رئيس الجمهورية لا يملك اي سلطة على القاضية عون ونفت ان يكون قد تحدث اليها بالامر، او انها تأتمر بأوامره اصلاً.

 

وبين اتهام ونفي، سجال سياسي بأبعاد طائفية، تم تأجيجه على خلفية ملف توقيف حاكم صرف لبنان الذي ترأس امس اجتماعاً لمجلس حاكمية مصرف لبنان، بينما تم تحويل الانظار باتجاه الادعاء على اللواء عثمان. ليكون السؤال ألم يكن من الممكن تجنب هذه الخضة القضائية؟ وهل يجوز اطلاق يد القضاء على نحو ما شهدناه؟

 

الخطوة بالتأكيد احرجت رئيس الحكومة داخل طائفته وهو الذي اشترط على رئيس الجمهورية يوم تسلم رئاسة الحكومة الا يتم التعرض لحاكم مصرف لبنان او لمدير عام قوى الامن الداخلي. لكن وعلى ما يبدو قد فتحت التعيينات الاخيرة الشهية على مزيد من التعيينات التي ينتظرها العهد ويدخل ضمنها منصب مدير عام قوى الامن الداخلي.

 

 

زر الذهاب إلى الأعلى