“كي نحمي البلد عليكم أن تحموا المقاومة”
بقلم: غادة حلاوي
النشرة الدولية –
نداء الوطن –
في غضون أسبوعين يحسم «حزب الله» خياراته الانتخابية وأسماء مرشحيه. التقديرات تشير الى اتجاه لتبديل في عدد محدود من الاسماء سيطاول النائبين إيهاب حمادة بقاعاً وحسين الجشي جنوباً، مع أرجحية تغيير وجه نيابي ثالث ومن البقاع ايضاً. الامور لا تزال قيد البحث. لكن عموماً لا تغيير جذري، والتحالفات ستكون هي ذاتها وان كانت الالغام التي تعترض بعضها كثيرة ومتشعبة منها ما يرتبط بمرشحي حلفائه ممن اثبتت استطلاعات الرأي الانتخابية تراجع حضورهم بنسبة كبيرة، الى التباعد في ما بين هؤلاء. ما يتجنب «حزب الله» المجاهرة به او التعليق عليه سلباً او ايجابا ان بعض الحلفاء سيكونون بمثابة أثقال انتخابية فوق أكتافه، وهو مجبر على انقاذهم.
يكمن قلق «حزب الله» الفعلي في انتخابات العام 2022 من خفض نسبة الاقتراع وهو ما أشارت اليه استطلاعات الرأي ولذا توجه امينه العام السيد حسن نصر الله في جزء مهم من خطابه الاخير باتجاه الجمهور مفتتحاً حملته الانتخابية بالاعلان ان عنوان حملته الانتخابية سيكون «باقون، نبني ونحمي» مطلقاً منها معادلته الجديدة «كي نحمي البلد عليكم ان تحموا المقاومة».
لا تساور «حزب الله» شكوك حول إجراء الانتخابات في موعدها. هناك فرقاء متضررون من الانتخابات لانها ستعرضهم لخسارة مؤكدة او تراجع متوقع في حجم تمثيلهم النيابي كالحزب الاشتراكي والتيار الوطني الحر. التأجيل يقع لمصلحتهم لكن في الواقع الكل يعلم ان القوى الوازنة وعلى رأسها «حزب الله» وأمل تريد الانتخابات في موعدها، وكذلك المجتمع المدني المصر على اجراء الاستحقاق الانتخابي في موعده لدرجة ان فرنسا اكتفت بالتعليق على غياب الحريري بالتسليم بخياره من دون ان يفوتها الحديث عن الانتخابات فيما اخذت الامم المتحدة عل عاتقها تمويل الانتخابات في سبيل تأكيد حصولها.
السبب الذي يجعل «حزب الله» مصراً على الانتخابات ينطلق من حاجته الى تجديد شرعيته بعد الاتهامات التي كيلت بحقه بعد 17 تشرين وشككت بشرعيته ولذا يريد الاحتكام للصناديق لإثبات الواقع، وانه سبق وان رفض طرح الانتخابات المبكرة، وثالثاً لحاجة البلد الى مستوى من الاستقرار في ظل الازمة الاجتماعية والاقتصادية الراهنة والحاجة الى حوار ستقود الانتخابات حكماً اليه.
ليس خائفا ولديه الثقة بوضعه الانتخابي على الارض وأرقامه توحي بذلك. ارتياحه هذا ليس مماثلاً لدى الحلفاء، هؤلاء كلهم من أمل الى القومي فالتيار الوطني الحر لديهم هواجسهم الانتخابية ويواجهون تحديات على الارض مع صعوبة التحالفات. ومن هنا فإن تحدي «حزب الله» الاول والاساسي قبل خوض الانتخابات هو جمع حلفائه على كلمة سواء قبيل الانتخابات.
يدرك «حزب الله» ان المعركة في مواجهته ستكون قاسية، يحشد خصومه لخرق لوائحه ولو بمرشح شيعي واحد لا سيما في بعلبك الهرمل. مثل هذا ان حصل سيعتد هؤلاء به بكونه انتصاراً يسجل على الحزب في عقر داره.
منذ ما يزيد على الشهر ومساعي قيادة «حزب الله» لم تتوقف في محاولة لإصلاح ذات البين بين أمل والتيار الوطني الحر، وحل أزمة الحزب القومي الداخلية، لا يزال هناك متسع من الوقت للقيام بما يجب.
اما التعاطي مع الخصوم ولا سيما من بينهم من كان يتجنب خوض معركة كسر عضم في مواجهتهم فسيكون مختلفاً هذه الدورة. يدخل في استراتيجية «حزب الله» الانتخابية راهناً إجهاض جهود الخصوم اي القوات والاشتراكي الذين يحاولون الاستفادة من غياب رئيس الحكومة السابق سعد الحريري. الغياب الذي يأسف لحصوله سيحاول «حزب الله» ان يملأه بدعم حلفائه في كل المناطق بدءاً من حسن مراد بقاعاً وفيصل كرامي وجهاد الصمد شمالاً وغيرهم.
اما بالنسبة لآلية التعاطي مع المرشحين الدروز او الاشتراكي على وجه التحديد، فيعتزم «حزب الله» دعم حلفائه في الشوف وعاليه مثل وئام وهاب وطلال ارسلان وستكون له لائحة من دون تمثيل للاشتراكي في البقاع الغربي. بحسبة «حزب الله سيكون جنبلاط أكثر المتضررين انتخابياً هذه الدورة، كتلته النيابية التي تتشكل عادة بحصيلة أصوات السنة والشيعة، ستشهد تراجعاً لان المقعد الدرزي في حاصبيا وفي بيروت كما في بعبدا عاليه سيكون محور معركة يستعد «حزب الله» لخوضها بكل ثقله وان كان يعتريها لغاية اليوم ذاك التحالف بين رئيس مجلس النواب نبيه بري وجنبلاط والذي هو موضع نقاش الثنائي حالياً.
بريبة ينظر «حزب الله» الى تعليق مشاركة الحريري في الحياة السياسية. غيابه أحدث انقلاباً في المشهد السياسي كما في غالبية المناطق انتخاباً وترشيحاً بوصف السنة هم الطائفة الوحيدة المتواجدة في كل المحافظات ويساهمون في ايصال نصف النواب المسيحيين عموماً. غياب المستقبل صعب الخيارات ويحتم على «حزب الله» دراسة الخيارات البديلة بتروٍّ، فيما الصورة من ناحية المرشحين السنة لا تزال ضبابية فهل تتشكل لائحة ظل من تيار المستقبل ومن هي الشخصيات المرشحة؟
اغلب الظن ان تحالفه مع الاحباش سيتجدد هذه الدورة ايضاً ولكن الأمر لا يزال موضع نقاش من قبل الأحباش. اما في جبيل فسيكون لـ»حزب الله» مرشحه حكماً الذي يصر على ان يكون شخصية قريبة منه ومن حركة امل غير محازبة ومن ضمن البيئة المسيحية في جبيل.
ما يهم «حزب الله» التأكيد عليه في هذه الانتخابات الفوز بغالبية نيابية، تفوق أهميتها مسألة ادارة شؤون البلد التي لا تدار الا بالتوافق وانما الاهم في الاستحقاقين المقبلين اي انتخاب رئيس مجلس نواب ورئيس جديد للبلاد وهنا بيت القصيد.
المعركة الانتخابية لم تنطلق بوتيرتها الحامية بعد، وفي «حزب الله» يعتبرون أن «السيد لم يضع كل ثقله في التجييش لها»، الوقت لا يزال كفيلاً بتحسين الوضع حتى بين الحلفاء. اما الخصوم، فحملتهم ضد الحزب قد تشكل مكسباً لديه استناداً الى التجارب السابقة.