هل بات حزب الله مأزوم سياسياً فعلاً وهو على مشارف الانتخابات البرلمانية؟
بقلم: ايناس كريمة
النشرة الدولية –
لبنان 24 –
بالتوازي مع اقتراب الانتخابات النيابية، الاستحقاق الذي يشكّل الحدث الأهم بحسب المراقبين، يطرح سؤال أساسي داخل الحيّز السياسي اللبناني يقوم على فكرة أن الأعوام القليلة الماضية شهدت مجموعة من الضغوط السياسية والإعلامية والاقتصادية ضد “حزب الله” ، فهل بات الحزب في ظلّ الأوضاع الاقليمية الراهنة وهو على مشارف الانتخابات البرلمانية مأزوماً فعلاً؟
الاجابة على هذا السؤال تفترض النظر الى قسمين من الواقع السياسي، الداخلي والاقليمي، خصوصاً وأن الحزب هو قوّة فرضت حضورها الوازن في الساحة الاقليمية ولديها ارتباط كامل بحلفائها الاقليميين، لذلك فإن الاجابة على تراجعه محلياً تستوجب ملاحظة هذين العاملين الرئيسيين.
في الواقع الداخلي كاد “حزب الله” أن يكون قاب قوسين أو أدنى من خوض معركة انتخابية عسيرة للحفاظ على الاكثرية النيابية، بل بدا هذا الامر في وقت من الاوقات شبه مستحيل لا سيما مع تقهقر قوّة حلفائه حيث أجمعت كل التحليلات السياسية على أن الحزب سيخرج من ساحة الانتخابات كخاسر للاكثرية في حين أن خصومه لا يملكونها أيضا، إذ سينقسم الواقع النيابي الى ثلاث كُتل؛ كتلة الثامن من آذار، الرابع عشر من آذار المشتّتة، وكتلة المجتمع المدني بغضّ النظر عن حجمها.
لكنّ انسحاب “تيار المستقبل” من المعركة وتعليق عمله السياسي أعاد خلط الاوراق، ومنح لـ “حزب الله” وحلفائه فرصاً كبيرة للفوز بالاكثرية النيابية، ما يعني أن المخاوف من إجراء الانتخابات في موعدها، والتي كان يفترض البعض أنها أحد أكبر هواجس الحزب، سقطت بالضربة القاضية، إذ بات من اول المستفيدين من حصولها لأنه سيتمكّن من تعزيز واقعه الشعبي وتكريس حضوره مع حلفائه داخل المؤسسات كما حصل في العام 2018.
من هنا، فإن الرواية التي تحدثت عن أزمة تواجه الحزب في هذه المرحلة باتت غير واقعية، وقد تهيء له الوقائع السياسية والانتخابية عملية الحفاظ على غطائه المسيحي، بل سيزيد عليه غطاء سُنياً، حيث أن “سنّة حزب الله” سيعززون كتلتهم النيابية بغض النظر عن مدى استحكامها، وعليه فإن الحزب في الواقع الداخلي سيخرج من الانتخابات النيابية ويحبط كل الاهداف التي تمّ السعي اليها من وراء الضغوطات السياسية والاقتصادية.
اما بالنسبة للواقع الاقليمي، فإن كل ما يُحكى في الاوساط الداخلية والخارجية عن رغبة بتحجيم دوز الحزب، تنفيه وقائع أساسية توحي بغير ذلك. فالحزب، وبالتوازي مع المفاوضات الايرانية – الاميركية اعلن عن بدء مرحلة التصنيع العسكري، ما يعني أنه اكد على ان دوره العسكري مستمرّ حتى بعد الاتفاق النووي.
يضاف الى ذلك ان التسوية الاميركية – الايرانية ستمكّن الحزب من إرساء واقعه المالي والتنظيمي وحتى السياسي، فكيف الحال اذا كانت تلك المفاوضات تسير بالتزامن مع مفاوضات خليجية – ايرانية وخليجية – سورية؟ ذلك سيؤمّن حتماً غطاءً عربياً لحلفاء الحزب ويخفّف من وتيرة التوترات ويمكّن هذه الدول من الوصول الى تقاطعات حول الساحة اللبنانية الامر الذي يتمناه الحزب ويسعى الى تحقيقه.