في رثاء د. أحمد الخطيب
بقلم: د. عبدالمحسن حمادة

النشرة الدولية –

الفرق بين المديح والرثاء أن المديح يكون للشخص أثناء حياته، أما الرثاء فيكون بمدحه بعد وفاته، وقد يظهر في الرثاء نوع من الحزن والأسى على الفقيد، وهو من أهم أغراض الأدب، واشتهرت الخنساء بمراثيها لأخيها صخر في العصر الجاهلي، ومن أجمل ما قالت فيه:

يُذَكِّرُني طُلوعُ الشَمسِ صَخراً

وَأَذكُرُهُ لِكُلِّ غُروبِ شَمسِ

ومن القصائد المميزة في الأدب العربي قصيدة لابن الأنباري، يرثي الوزير ابن بقية بعدما صلب:

علوّ في الحياة وفي الممات

لحقٌّ أنت إحدى المعجزات

وفي العصر الحديث قصيدة لأمير الشعراء أحمد شوقي في رثاء حافظ ابراهيم، قال في مطلعها:

قَد كُنتُ أوثِرُ أَن تَقولَ رِثائي

يا مُنصِفَ المَوتى مِنَ الأَحياءِ

وقد مدحت الدكتور أثناء حياته وكان بمناسبة اعتزاله الحياة البرلمانية، كتبت مقالاً تحت عنوان “مجلس بلا الخطيب”، أشرت فيه إلى أن المجلس افتقد قامة وطنية عليا لغياب الخطيب عنه، ولقي ذلك المقال ترحيباً كبيراً، ليس حباً في كاتب المقال بل حباً بالدكتور أحمد، وشعرت بعدها أن الدكتور أحمد يشرف من يكتب عنه، ومن الشخصيات التي اتصلت بي وشكرتني المرحوم عبدالله يوسف الغانم، ود.أحمد الربعي، وفي المساء التقيت بالدكتور أحمد في ديوان زميله في النضال المرحوم جاسم القطامي، وكان من الحاضرين زميلهم في النضال المرحوم أبو طارق عبدالمحسن الدويسان الحافظ للحركة القومية، وما حدث فيها من انشقاق وتطور وأسباب كل ذلك، والذي أرجوه أن يكون سجل تلك التفاصيل، فهي تصلح لوضعها في كتاب، وشكرني الجميع على المقال وقال لي الدكتور أحمد بصوت منخفض وفيه الكثير من التواضع والأدب، أخجلتني في هذا المديح.

واليوم أرجو من الله أن يوفقني في رثاء هذه الشخصية المميزة الذي أحب الكويت وأحبته، وكرس حياته لخدمة وطنه وشعبه والحفاظ على مصالح الوطن، أكثر من اهتمامه بمصالحه الشخصية ومصالح أسرته.

لقد سبقني كثير من الكتاب في رثائه، وقرأت أكثر من 30 مقالا في ذلك، وسمعت الكثير في الدواوين يترحمون عليه، فأرجو أن يكون ذلك دليلا على حب الله فيه، فهناك حديث يقول فيه النبي: “إن الله تعالى إذا أحب عبدا دعا جبريل، فقال: إني أحب فلانا فأحببه، فيحبه جبريل، ثم ينادي في السماء، فيقول: إن الله يحب فلانا فأحبوه، فيحبه أهل السماء، ثم يوضع له القبول في الأرض…”، وأرجو أن يكون ذلك دليلا على حب ربه فيه، فهو بحاجة الآن لحب الله وأن يتلقاه لقاء حسنا، ويتجاوز عن سيئاته ويضاعف له من حسناته، فالله عفو كريم.

الموت مصير كل الكائنات، “كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ، وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ”، هذا ما قدره الله لمخلوقاته، وقدر لهم الفناء ولنفسه الدوام، فسعيد الحظ والفائز في الدنيا والآخرة من شهد له الناس بالتقدير والاحترام والإخلاص لوطنه ومواطنيه وأمته العربية، ولا أستطبع الاسترسال والإطالة فلابد من ختم المقال، لذلك أختمه بأن يرحم الله فقيدنا الغالي وفقيد الوطن العربي، الذي كرس حياته لخدمة وطنه خاصة والشعب العربي عامة.

 

زر الذهاب إلى الأعلى