الرئيس الأمريكي يصف بوتين بأنه ‘مجرم حرب’
النشرة الدولية –
وصف الرئيس الأميركي جو بايدن، الأربعاء، نظيره الروسي فلاديمير بوتين بأنه “مجرم حرب”، متعهّدا تقديم مساعدات عسكرية كبيرة لأوكرانيا حيث قُتل نحو عشرين مدنيا بعمليات قصف روسية طاولت متجرا وسوقا ومبنى سكنيا في شمال البلاد، وفارين من ماريوبول في الجنوب.
وفي معرض ردّه على صحافية وصف بايدن نظيره الروسي بأنه “مجرم حرب”.
وسارع الكرملين إلى إدانة تصريحات الرئيس الأميركي التي وصفها بأنها “غير مقبولة ولا تُغتفر”.
وجاء ذلك بعيد تعهّد سيّد البيت الأبيض تقديم مساعدات إضافية بقيمة 800 مليون دولار إلى أوكرانيا لدعمها في مواجهة القوات الروسية، ما يرفع قيمة المساعدات الأميركية المعلنة لأوكرانيا خلال أسبوع إلى أكثر من مليار دولار.
وقال بايدن إنه قرّر “بناء على طلب” من الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي الذي وجّه كلمة للكونغرس، تزويد أوكرانيا بـ”أنظمة إضافية مضادة للطائرات بمدى أبعد”.
وفي كلمته امام الكونغرس التي ألقاها عن بعد، استعاد زيلينسكي بيرل هاربور وهجمات 11 ايلول/سبتمبر وعرض شريط فيديو يظهر فداحة ما خلفته الهجمات الروسية من إصابات ودمار.
وطالب زيلينسكي واشنطن بفرض منطقة حظر طيران حتى “لا تتمكن روسيا من ترويع مدننا الحرة”، قبل ان يخاطب بايدن بالانكليزية قائلا “أتمنى أن تكون قائد العالم. وكونك قائد العالم يعني انك قائد السلام”.
وسبق أن رفض بايدن وحلف شمال الأطلسي مناشدات زيلينسكي للانخراط في مواجهة عسكرية مباشرة ضد روسيا النووية، خشية ان يؤدي هذا إلى حرب عالمية ثالثة، لكن زيلينسكي في حديث مع شبكة “إن بي سي” الأربعاء اعتبر أن هذه الحرب “ربما تكون قد بدأت بالفعل”، مضيفا أن “الحضارة بأكملها” باتت على المحك.
وأعلن مدعون أوكرانيون الأربعاء أن عشرة أشخاص قتلوا بنيران القوات الروسية في وقت سابق اليوم، أثناء انتظارهم في طابور للحصول على الخبر في مدينة شرنيهيف الواقعة شمالا، عند العاشرة صباحًا (08,00 ت غ).
وأفادت أجهزة إغاثة بأنه تم العثور تحت أنقاض مبنى في شرنيهيف على خمس جثث، تعود ثلاث منها لأطفال.
وفي خاركيف قتل ثلاثة أشخاص وجرح خمسة في سوق من جراء حريق نجم عن قصف طاول المدينة الواقعة في شمال شرق أوكرانيا.
وعصرا استهدف قصف بصواريخ غراد قافلة مدنيين هاربين من ماريوبول المحاصرة والتي تتعرض لقصف مستمر أوقع حصيلة غير محددة من القتلى والجرحى، بينهم طفل إصابته خطرة، وفق الجيش الأوكراني.
وأعلنت بلدية ماريوبول أن غارة جوية روسية استهدفت مسرحا يؤوي مئات المدنيين ودمرته.
وفي كلمته المسائية اليومية لم يعط الرئيس زيلينسكي تفاصيل حول الهجوم، لكنه قال “قلبي ينفطر عندما أرى ما تفعله روسيا بشعبنا، وبماريوبول”.
ولأول مرة منذ اندلاع الحرب استهدفت مدينة زابوريجيا التي يلجأ إليها المدنيون الهاربون من المعارك، وقد أصيبت محطة للنقل المشترك فيها بصاروخ واحد على الأقل.
وتضم المدينة أكبر منشأة نووية في أوروبا، علما بأنها تحت سيطرة الروس منذ الرابع من آذار/مارس.
وفي خاركيف (شمال شرق)، ثاني أكبر مدينة في أوكرانيا، قتل 500 شخص على الأقل منذ بدء الحرب.
وفجرا سمع دوي انفجارات في العاصمة الأوكرانية حيث تصاعدت أعمدة دخان كثيف.
وخلت كييف التي تحاول القوات الروسية محاصرتها من نصف سكانها على الأقل البالغ عددهم 3,5 ملايين نسمة منذ بدء النزاع في 24 شباط/فبراير.
وقال إدوارد ديمينتشوك، وهو موظف خمسيني في شركة أمنية خاصة “إذا اقتضت الضرورة، سنحمل السلاح وسندافع عن المدينة”.
هذا وطلبت المملكة المتحدة والولايات المتحدة وألبانيا وفرنسا والنروج وإيرلندا عقد اجتماع طارئ لمجلس الأمن الدولي حول أوكرانيا عصر الخميس، على خلفية تدهور الأوضاع الإنسانية في البلاد، وفق ما أفادت الأربعاء مصادر دبلوماسية.
وفر أكثر من ثلاثة ملايين أوكراني من البلاد منذ بدء الحرب، نحو نصفهم من الأطفال، غالبيتهم إلى بولندا.
وفي السياق، بحث البابا الكاثوليكي فرنسيس والبطريرك الأرثوذوكسي كيريل في الصراع في أوكرانيا الأربعاء وتمنيا حلول “السلام” بحسب بيان صادر عن بطريركية موسكو.
وقالت منظمة الصحة العالمية الأربعاء إن المرافق والطواقم الصحية في أوكرانيا تتعرض لهجمات بوتيرة غير مسبوقة منذ بدء الغزو الروسي.
وقال مدير الطوارئ في المنظمة مايكل راين للصحافيين “لم نشهد على المستوى العالمي… هذه الوتيرة من الهجمات على منشآت الرعاية الصحية” محذرا من “وصول هذه الأزمة إلى نقطة باتت معها منظومة الصحة في أوكرانيا على شفا الهاوية”.
في هذا السياق، أمرت محكمة العدل الدولية روسيا الأربعاء بوقف عملياتها العسكرية في أوكرانيا على الفور. وقالت جوان دونوهيو رئيسة المحكمة “على جمهورية روسيا الاتحادية فورًا تعليق العمليات العسكرية التي بدأتها في 24 شباط/فبراير في أراضي أوكرانيا”.
من جانبه، أكد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الأربعاء أن عمليته العسكرية في أوكرانيا “ناجحة” موضحا أن موسكو لن تدع هذا البلد يتحول إلى “منصة” يتم الانطلاق منها لتهديد روسيا.
وقارن بوتين العقوبات الغربية التي فرضت على روسيا واقتصادها ورياضييها وثقافتها ب”الاضطهاد” الذي عانى منه اليهود، منددا بالسلوك “الشائن” و”غير اللائق” للغربيين.
وقال بوتين خلال تصريحات متلفزة “العملية تسير بنجاح، بما يتوافق بدقة مع الخطط الموضوعة مسبقا”، مؤكدا مرة جديدة أنه لا يسعى إلى “احتلال” أوكرانيا. وأشار إلى أنه شن الهجوم لأن “كل الخيارات الدبلوماسية” قد استنفدت.
وكرر الرئيس الاوكراني دعوته للولايات المتحدة وحلف شمال الاطلسي بإنشاء منطقة حظر طيران فوق أوكرانيا “حتى لا تتمكن روسيا من إرهاب مدننا”.
ويستبعد بايدن فرض منطقة حظر طيران فوق أوكرانيا، وهو ما رفضه مرارا أيضا حلف شمال الأطلسي خشية تصعيد من شأنه أن يجر الحلف إلى مواجهة مباشرة مع القوات الروسية.
لكن الحلف الأطلسي أبدى عزمه على تعزيز انتشار قواته شرقا.
إلا أن الأمين العام للحلف ينس ستولتنبرغ أعلن الأربعاء أن الناتو لن ينشر قوات برية ولا جوية في أوكرانيا.
على الجانب الدبلوماسي، قال الكرملين، إن “حياد أوكرانيا على نسق السويد أو النمسا هو الخيار الذي يناقشه حاليا (مفاوضو البلدين) والذي يمكن اعتباره تسوية”، لكن كييف سرعان ما أعلنت رفضها هذا المقترح.
وقال وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف أن “هناك صيغًا محددة جدا أعتقد أنها ستكون محور اتفاق قريب” مشيرا في الوقت نفسه إلى أن المحادثات “ليست سهلة”.
من جانبها، أعلنت الرئاسة الأوكرانية الأربعاء أنها ترفض فكرة أن تكون كييف محايدة على غرار السويد أو النمسا مطالبة ب”ضمانات أمنية مطلقة” في وجه روسيا.
وقال المفاوض الأوكراني ميخائيلو بودولياك في تعليقات نشرتها الرئاسة “أوكرانيا في حالة حرب مباشرة مع روسيا الآن. والنسق لا يمكن أن يكون إلا ‘أوكرانيا'”.
في الوقت نفسه تتواصل جهود الوساطة من جانب تركيا العضو في حلف شمال الأطلسي والتي رفضت الانضمام إلى العقوبات المفروضة على موسكو. وزار وزير الخارجية التركي مولود تشاوش أوغلو موسكو الأربعاء حيث أجرى محادثات، ومن المقرر أن يتوجه إلى أوكرانيا الخميس.
ومن المقرر عقد قمة استثنائية للناتو مخصصة للنزاع في 24 آذار/مارس في بروكسل، بالإضافة إلى قمة لقادة الاتحاد الأوروبي. وستعقد قمة الحلف بحضور بايدن لإعادة تأكيد التزام الولايات المتحدة “في كل الظروف” تجاه حلفائها حسب البيت الأبيض.
عاد رؤساء الوزراء البولندي والتشيكي والسلوفيني ماتيوش مورافيتسكي وبيتر فيالا ويانيز الأربعاء إلى بولندا بعد زيارة كييف الثلاثاء، بعد رحلة طويلة بالقطار لتأكيد دعمهم للرئيس الأوكراني.
وكتب مورافيتسكي على تويتر قبل العودة إلى وارسو الأربعاء “لن نترككم بمفردكم أبدا. سنكون بجانبكم لأننا نعلم أنكم لا تقاتلون فقط من أجل حريتكم ومن أجل منزلكم وسلامتكم لكن أيضا من أجلنا”.
وفي الوقت نفسه، دعت بولندا إلى إنشاء “مهمة سلام” لحلف شمال الأطلسي “تحميها القوات المسلحة” لمساعدة أوكرانيا.