ولي ولي العهد
بقلم: بدر خالد البحر
النشرة الدولية –
في فجر اليوم منذ أربعة وتسعين عاماً اعتدى العراق على مركز الصامتة الكويتي بالحدود الشمالية، ويعود تاريخها بعد سماح الكويت للجيش العراقي بالدخول لأراضيها للدفاع عن ميناء أم قصر من التهديدات الإيرانية أبريل 1969، ولما زالت التهديدات رفض العراق الخروج بدعوى حاجته لمنفذ بحري وراح يساوم على جزيرتي وربة وبوبيان، وبعد رفض الكويت، وفي مثل هذا اليوم أطلق قذائفه ومدافعه على مركز الصامتة، فردت عليه قطاعات الجيش والطيران الكويتي فانسحب العراق في اليوم نفسه مخلفاً ضحايا من الجيش الكويتي.
ذلك يعني أن الأطماع العراقية لا يمكن لها أن تضمحل بزوال الغزو لوجود عقدة حقه التاريخي الزائف، وعقدة أخرى إستراتيجية في موقعه الجغرافي تجعله، كما ذكرنا سابقا، جزءا من فكي كماشة طرفها الآخر إيران، التي لا تنفك تتربص بنا بدليل عملياتها العدائية وآخرها خلية «العبدلي»، مما يوجب علينا إعادة تقييم حليفنا الأميركي، الذي وقف معنا بالتحرير، بعد أن، كان سببا ثانويا للغزو، والذي بالطبع قد تغير وفق معطيات مصالحه، حيث لا يمكن الركون إليه بأمان مستقبلا.
إن أميركا منذ عهد أوباما كشفت عن وجهها الآخر المداهن لإيران، فاليوم أيضا من عام 2009 وجه الرئيس الأميركي أوباما خطابا للإيرانيين بمناسبة رأس السنة الفارسية عرض عليهم تجاوز نزاع دام 30 عامًا، والذي رحبت به إيران، لنذكر للمرة العاشرة أن الرئيس الحالي بايدن كان جزءا من تلك السياسة عندما كان نائبا لأوباما، وهو من ذهب لاياد علاوي بالعراق يطلب منه التوسط لخروج درع الجزيرة من البحرين عام 2011، الذي دخل للدفاع عنها بعدما صارت الفوضى الداخلية وشيكة وبتدبير من إيران، ليتضح الوجه القبيح للسياسه الأميركية، وها هي إدارة بايدن الآن، في خبر نقلته القبس الاسبوع الماضي عن موقع أكسيوس، تدرس إزالة الحرس الثوري الإيراني من قائمة الإرهاب، مما يؤكد ما حذرنا منه في مقالاتنا في مايو ويوليو عام 2011 عن مخاطر تحالف الأعداء، وذكرناكم بها في نوفمبر 2020 بعد فوز بايدن بالانتخابات.
كل ذلك هو ما يمكن أن نسميه الخطر خارج هذا الصندوق الذي نتعارك فيه بالداخل، خطر إقليمي علينا تداركه بإعادة لتوسيع قائمة حلفائنا كي لا تقتصر على أميركا غير الآمنة، خطر تغفل عنه الأغلبية، ويبدو وشيكا بإعادة ترسيم خريطة النزاع ومراكز القوى والتحالفات التي قد لا تصب في مصلحتنا، والتي طالما حذرنا منها لسنوات حتى أصبحت الآن أوضح بعد الحرب الروسية – الأوكرانية التي دعا بوتين مؤخرا حلفاءه بالشرق الاوسط للدخول معه، ويقصد إيران وحلفاءها المتاخمين على حدودنا المكشوفة.
وعليه صار واضحا حاجتنا الماسة لجبهة داخلية متماسكة وصلبة لتدارك حجم الإحباط والفساد الذي كان نتيجة تناحر سلطتين تنفيذية وتشريعية بدت الحكومة خلاله أضعف، نتماسك حتى لا تتصدع ساحتنا المحلية في أي لحظة، والتي قد يستغلها الأعداء لهشاشتها، وهي بحاجة إلى جرعة إنقاذ وطني وولادة قيصرية لإعادة بناء جسور الثقة بين الأمة مصدر السلطات جميعا وبين السلطات ذاتها وبين القيادة.
إنه في حالة عدم الاستقرار هذه يبقى لنا خيار وحيد وهو اللجوء للقيادة السياسية، فكلنا قد استمعنا ورأينا مقابلة السيد عادل الصبيح، الذي تحدث عن لقائه مع القيادة، والتي نقل لنا حبها للشعب الذي تعتبره كأبنائها، وهو ما يؤكد يقين متانة العلاقة وديمومتها، وتفاصيل أخرى ذكرها في لقائه قد تتطلب بناء مستويات أخرى يلتقي ويلتحم فيها الشعب مع قيادته، وإن تطلب ذلك توسيع هيكل القيادة الحاكمة لإفساح المجال للشباب، الذين تزخر بهم أسرة الحكم باستحداث منصب ولي ولي العهد.
***
ذكرنا بالسابق أن دساتير الدول العظمى لم تضعها مجالس نيابية، بل صاغها حكماء، وقد بات من الضروري، برأينا، مراجعة الدستور، فإن كانت الحكومة تخشى المجلس، والمجلس يتوجس منها فلابد أن يحتكما في تعديلهما إلى لجنة يُتفق عليها من الحكماء.
***
إن أصبت فمن الله وإن أخطأت فمن نفسي والشيطان.