التغيير في الانتخابات اللبنانية وهم أم حقيقة؟
بقلم: حمزة عليان

النشرة الدولية –

لم يعد عندي أمل في أن الانتخابات النيابية القادمة يمكن أن تحدث تغييراً في تركيبة البرلمان اللبناني، وذلك لعدة أسباب منها:

 

1- عجز المجلس الدستوري عن تصحيح مادة تنص على انتخاب 6 نواب يمثلون الاغتراب في الخارج وبذلك يسقط دور المغتربين بالتغيير.

 

2- ستجري الانتخابات يوم 15 مايو 2022 وفقاً لقانون الانتخاب الحالي، وسأكون أول المقترعين لكن ذلك لن يغير الحال، يعني مكانك راوح.

 

3- ما زالت عمليات التصويت تتم على أساس التوزيع الطائفي، هناك 3.800 ملايين ناخب موزعون على 14 طائفة ولكل منها حصص ومقاعد يتنافسون عليها من ضمن الطائفة الواحدة، فتوزيع الناخبين مذهبياً يتم بحسب جداول تعدها وزارة الداخلية.

 

4- التغيير سيكون في بعض الوجوه وربما من المجتمع المدني، لكن المنتج واحد والصندوق واحد والمجلس واحد، وسيبقى زعماء الطوائف الفاسدون موجودين وسعيدين بإنتاج أنفسهم وعبر مجموعات “مؤدلجة ومنظمة” تعمل على الريموت كونترول.

 

من يتابع الفضائيات اللبنانية ويراقب الخطاب الانتخابي يعجب مما يراه ويسمعه من “ملوك الطوائف وزعرانها” وأنه لا علاقة له بالواقع المرير والفاجعة الاقتصادية التي وصل إليها حال الناس في هذا البلد! فـالنكبة اللبنانية تجاوزت بكثير حدود الأزمات السياسية والاقتصادية والترقيع فيها لم يعد ينفع، والقصة أعمق من ذلك بكثير وتتصل بهوية لبنان ومستقبله، وأي لبنان نريد؟

 

دع عنك الشعارات والصراخ باسم الفقراء والمجاهدين والمغلوب على أمرهم وباسم السيادة والطوائف، فهذه حفلة تكاذب ودجل ودغدغة لمشاعر المجتمع، فقد وصلنا إلى طريق مسدود، ولدينا صيغة حكم لم تعد تصلح للعيش الآدمي، ومن لم يدرك ويتفهم ذلك فلن تفتح لنا نافذة أمل نرى فيها حالنا وحال أولادنا في المستقبل، ففي الأحاديث الدائرة بين اللبنانيين، حالة من عدم التوازن والضياع، ماذا نفعل؟ وهل يمكن بعد أن يتم الإصلاح الذي نرى فيه “دولة وبمؤسسات دستورية” يمكن أن نعيش في ظلها كمواطنين متساوين؟! أعتقد أن هذا يشبه حلم إبليس في الجنة!

 

سنعود إلى المربع الأول، زعيم الطائفة سيتحكم في مصيرك من المهد إلى اللحد، ولا مناص من “زعيم” أو “قائد” أو “مقدس”، يأخذك رهينة معه إلى القبر! فالتناقض الرهيب بين ما يصل إلى مسامعك من حكايات توجع القلب وتجعلك تكفر بشيء اسمه نظام سياسي لبناني وقيادات مغيّبة عن معاناة وقهر وذل الغالبية التي تداس كرامتها وعيشها دون خجل أو رحمة، وبين ما تقرأه أو تراه على شاشات التلفزيون، فكيف يهتم قيادات وزعماء طوائف ويلهثون وراء مرشحيهم في الانتخابات التي يمارسون فيها لعبتهم المفضلة، في الوقت الذي يقوم فيه عدد كبير من القضاة بكتابة الأحكام بخط اليد، وتذهب قاضية لشراء علبة حبر للطابعة بـ40 دولاراً تدفعها من جيبها ثم تتوجه إلى قصر العدل بسيارتها بعد أن تملأ خزان السيارة بالبنزين، وتدفع 600 ألف ليرة في مشوار واحد، وبذلك تكون قد صرفت راتبها بالكامل؟! وكيف لقاضية تحكم بالعدل بين الناس أن تمارس مهمتها؟ بالله عليكم أليس هذا كفراً؟

 

صديق جاء مؤخراً من بيروت بعد زيارة أهله، طلب من ابنته أن تشتري له كيلو مكسرات، فراحت الابنة وأبلغت صاحب المحل مع التوصية، فاستوقفها قليلاً واستفسر منها عن الهدية، فأجابته “والدي مسافر إلى الكويت وهو يرغب في أن يحمل شيئا من لبنان لأصحابه”، فقال: “بلغي سلامي إلى والدك واطلبي منه أن يضعني في حقيبته بدلاً من المكسرات وينقذني من هذا الجحيم الذي نعيشه”.

 

عندنا طبقة سياسية امتهنت إذلال الناس الفقراء وغير الميسورين والذين لم تهتز شعره في رؤوسهم من وراء الأزمات التي يغرق فيها هذا البلد كل يوم، فالمجتمعات الحية شهدت “ثورات للجياع”، وانتفضت في وجه السلطة وصححت المعادلة، فمتى يأتي الدور على اللبنانيين الذين سحقتهم حالة الفقر والذل وهم يسألون كل صباح: كم أصبح سعر ربطة الخبز؟ أو تنكة البنزين؟ أو علبة الدواء؟ أو قسط المدرسة؟ أو حتى سندويش الفلافل؟

زر الذهاب إلى الأعلى