روسيا تفشل في تمرير مشروع قرار يتعلق بالوضع الإنساني في أوكرانيا.. 13 دولة تمتنع عن التصويت
فشلت روسيا في تمرير مشروع قرار يتعلق بالوضع الإنساني في أوكرانيا، وذلك بعد أن صوتت دولتان فقط لصالحه، هما روسيا والصين، وامتنعت 13 دولة عن التصويت، وبذلك أعلنت رئيسة مجلس الأمن السفيرة لانا نسيبة، عدم تبني مشروع القرار الروسي.
ويطالب القرار بتوفير الحماية الكاملة للمدنيين ومنهم العاملون في مجال تقديم المساعدة الإنسانية والأشخاص الذين يعيشون في أوضاع هشة، بمن فيهم النساء والأطفال؛ ويطالب جميع الأطراف المعنية بكفالة احترام وحماية جميع الأفراد العاملين في المجال الطبي وفي مجال تقديم المساعدة الإنسانية الذين يضطلعون حصرا بمهام طبية، وكذلك وسائل نقلهم ومعداتهم والمستشفيات وغيرها من المرافق الطبية.
ويدعو جميع الأطراف المعنية إلى أن تسمح بالمرور الآمن ودون عوائق إلى وجهات خارج أوكرانيا، بما في ذلك للرعايا الأجانب دون تمييز، وأن تيّسر وصول المساعدة الإنسانية بأمان ودون عوائق إلى المحتاجين إليها في أوكرانيا وحولها، مع مراعاة الاحتياجات الخاصة للنساء والفتيات والرجال والفتيان والمسنين والأشخاص ذوي الإعاقة.
قال المندوب الروسي الدائم لدى الأمم المتحدة، فاسيلي نبينزيا، إن بعض الدول وخاصة الولايات المتحدة لا ترغب في المشاركة في أي طريقة ممكنة في مشروع القرار الذي قدمته روسيا. وتساءل قائلا: “بهذه الحالة، لماذا امتنعتم؟ كان بإمكانكم معارضة القرار، إننا نفهم جميعا الدوافع الحقيقية التي تقف خلف امتناعكم.”
وأكد أن غياب قرار صادر عن مجلس الأمن سيعقّد حياة العاملين الإنسانيين في الميدان، وسيسمح للطرف الأوكراني بتجاهل المطالب بتنفيذ وقف لإطلاق النار من أجل إجلاء الناس وإقامة ممرات آمنة على حد تعبيره. وقال: “ستسمر كييف في استخدام المدنيين كدروع بشرية، ونشر الأسلحة الثقيلة قرب المستشفيات والحضانات.”
وأضاف أن الدول رفضت التصويت لأسباب سياسية، “كان لديكم الخيار، وقمتم بالاختيار.” ودعا إلى عدم تسييس القضية الإنسانية.
ونفى مرة أخرى ما وصفه بالاتهامات الزائفة التي وجهتها بعض الوفود حول استعداد روسيا لاستخدام أسلحة كيميائية وبيولوجية في أوكرانيا. وقال: “اتهام الاتحاد الروسي بهذا الشكل ببساطة غير جدير، هنا في مجلس الأمن، وخاصة أن مثل هذه الأسلحة تم تدميرها من قبلنا قبل مدة طويلة.”
قالت السفيرة الأميركية، ليندا توماس-غرينفيلد، إن روسيا – مرة أخرى – تحاول استخدام مجلس الأمن “لتوفير غطاء لأفعالها.”
وتابعت تقول: “إنه لمن غير المعقول حقا أن تمتلك روسيا الجرأة لطرح قرار يطلب من المجتمع الدولي حل الأزمة الإنسانية التي خلقتها روسيا وحدها.”
كما حذرت مجددا – وللمرة الثالثة يوم أمس – وأعربت عن قلقها من أن روسيا ربما تخطط لاستخدام عوامل كيميائية أو بيولوجية. وقالت: “روسيا وحدها هي المسؤولة عن الحرب في أوكرانيا.”
وردّا على سؤال المندوب الروسي الذي وجهه بشأن الاكتفاء بالامتناع عن التصويت بدلا من معارضته، قالت السفيرة الأميركية: “لم أعتقد أن المشروع الذي تم تقديمه لنا يستحق أن تستخدم الولايات المتحدة من أجله قوة حق النقض الثمينة. امتنعت 13 دولة، وهذا هو المطلوب لهزيمة هذا القرار.”
وأكدت أن الولايات المتحدة قدمت حتى الآن أكثر من 600 مليون دولار من المساعدات الإنسانية إلى الشعب الأوكراني، “وسنواصل تقديم أكبر قدر من المساعدة على النحو المطلوب لأوكرانيا وللدول المجاورة التي تستضيف بسخاء الشعب الأوكراني وتدعمه.”
علّل سفراء العديد من الدول امتناعهم عن التصويت بأن القرار ليس فيه ما يخفف من المعاناة الإنسانية، وفشل في الدعوة إلى وقف للأعمال العدائية بدون شروط.
وقال سفراء إنه إذا أرادت روسيا اتخاذ خطوات للتخفيف من المعاناة، فيجب عليها أن تنهي الحرب فورا. كما أشارت المندوبة النرويجية إلى أن روسيا طرف في الصراع، وليست محايدة، مشيرة إلى أن القرار ليس محايدا وغير متوازن، بل الغرض منه الإلهاء.
ووصف مندوب فرنسا الدائم لدى الأمم المتحدة، نيكولاس دي ريفيير، مشروع القرار بأنه “مناورة” تقوم بها موسكو لتبرير عدوانها على أوكرانيا. وقال: “إنها تتظاهر بأنها قلقة على الوضع الإنساني في أوكرانيا” وأشار إلى مساعيها في استخدام المجلس كأداة. وقال: “دعونا نكون واضحين، إذا كانت روسيا قلقة بالفعل على السكان المدنيين، فعليها أن تفعل شيئا واحدا: أن توقف الهجوم وتسحب قواتها من أوكرانيا.” وأضاف أن “روسيا تسعى إلى الحصول على الإذن للاستمرار في الحرب، وهذه المناورة لا تنطلي على أحد.”
من جانبها، قالت مندوبة المملكة المتحدة الدائمة لدى الأمم المتحدة، باربرا ودورد، إن الأوكرانيين في ماريوبول يخضعون لحصار من القرون الوسطى: “لا مياه صالحة للشرب، ولا طعام للمحاصرين في المدينة. لا تشك المملكة المتحدة أن ثمّة أزمة إنسانية في أوكرانيا.”
لكن، شددت أن بلادها لن تصوّت – لا في مجلس الأمن ولا في الجمعية العامة – على أي قرار لا يعترف بأن روسيا هي المسبب الوحيد لهذه الكارثية الإنسانية. وقالت: “دعا مشروع القرار الروسي جميع الأطراف إلى احترام القانون الإنساني الدولي، وتجاهل أن روسيا ترتكب جرائم حرب. ودعا مشروع القرار إلى حماية المدنيين بينهم النساء والأطفال، لكنّه لم يذكر أن روسيا تقصف مستشفيات الولادة والمدارس والمنازل.”
من جانبها، أكدت الصين التي صوتت لصالح القرار أنها ترّحب بأية مبادرة تخفف من معاناة السكان وتحل الأزمة الإنسانية في أوكرانيا. وقال مندوب الصين الدائم لدى الأمم المتحدة، تشانغ جيون، إنه على مدار الأسابيع الماضية أجرى المجلس مشاورات متواصلة بشأن مشاريع قرارات قدمتها فرنسا والمكسيك والاتحاد الروسي، والصين دعت باستمرار جميع الأطراف إلى التركيز على المسألة الإنسانية، ووضع الخلافات السياسية جانبا، وفعل كل ما في وسعها للتوصل إلى توافق لمعالجة الأزمة الإنسانية.
وقال: “من المؤسف أن المجلس لم يتمكن من الوصول إلى أي اتفاق في نهاية المطاف.” إلى جانب تعزيز وقف إطلاق النار ووقف القتال، يجب أن يستجيب المجلس أيضا إلى الأزمة الإنسانية بطريقة إيجابية وبنّاءة وبراغماتية، على حدّ تعبيره.