الدستور في عيدها ال 56 أم الصحافة الأردنية وسنديانتها
بقلم: د. دانييلا القرعان
النشرة الدولية –
الدستور منارة إعلامية وسنديانة شامخة راسخة، لم تسقط يوما منذ تأسيسها ولم تتوقف عن العطاء، تنتقل من تميز الى ابداع تسطره صفحات الورق وتخزنه ذاكرة الوطن. هي اللغة وهي الفكر والحضور، وهي عمود الصحف الأردنية وأمها التي تربت على يديها الكثير من المواهب الرائدة، وشحذت أقلام الكتاب والمبدعين والمفكرين والمحللين، والذين وجدوا الدستور البيئة الحاضنة لأقلامهم الوطنية الحرة التي لا تنطق الا للوطن وللقائد وللشعب، وهي الوفية للقيادة الحكيمة وللأمة التي تنتمي إليها، والوفية لكتابها وقرائها ومتابعوها، هي الصحيفة التي استمدت أسمها العريق عند تأسيسها من دستور الدولة الأردنية وهيبتها وقوتها وركائزها الثابتة.
تعد الدستور السنديانة الشامخة والمنارة المضيئة بالعلم والمعرفة والاخبار من أقدم المؤسسات الصحفية وأعرقها في الأردن، فقد نجحت في احتلال مكانة كبيرة لدى القراء في الأردن وخارجه، ولاسيما أنها كانت وما زالت تمتاز بمهنيتها ووقارها وتمكنت من أن تنال ثقة القراء والجمهور واتسمت بالصراحة والجرأة وعمق المعالجة للموضوعات بالإضافة إلى صدقيتها وانتمائها الوطني والقومي وذلك بفضل إداراتها المتعاقبة الحكيمة وبفضل مهنيتها العالية وأنها إلى جانب ذلك أنجبت أجيالا من الصحفيين المتميزين الذين يحظون باحترام القراء وتقديرهم وفي مختلف المجالات السياسية والثقافية والإعلامية والاقتصادية والاجتماعية وغيرها.
تمثل صحيفة الدستور بالنسبة لي كباحثة في الشؤون السياسية والقانونية والدولية ومحاضرة اكاديمية وكاتبة معتمدة لدى هذه السنديانة التي علمتنا معنى الشموخ والثبات والوطنية وحب الوطن والقائد، فمنذ نعومة أظافري وانا أتلذذ بتقلب وتصفح صفحاتها الورقية وتلمذت على عدد من كتابها المرموقين، وأثر ذلك على صقل شخصيتي السياسية والثقافية والاجتماعية والقانونية، وكم شعرت بالفخر مرات كثيرة وأنا التقي بكبار الكتاب والصحفيين الذين تخرجوا من بيت الدستور العريق وأنا ما زلت أبنة هذا البيت الذي يضم في طياته دستور الدولة ودستور العلم والمعروفة ودستور المحبة والاحترام، أحيي سنديانة الصحافة الأردنية في عيدها ال 56 من العطاء والتميز من عمرها الماسي، وآمل لها أن تبقى تلك المنارة وذلك الحضن الدافئ الحميم للأجيال المتعاقبة.
واكبت السنديانة منذ نشأتها الأحداث السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والرياضية والفنية التي شهدها الأردن فضلا عن تغطيتها للأحداث العربية بوصفها صحيفة يومية تحتفظ لنفسها بسبق الريادة في الاردن وبخاصة بعد نكسة حزيران عام 1967 مما جعل من صفحاتها ملاذا للأقلام الوطنية التي ترنو إلى ترسيخ قيم الخير والحرية والبناء، وهي في الوقت نفسه صحيفة مؤثرة على الساحة الوطنية تسهم في مسيرة العمل والبناء تعبر في مادتها الاعلامية عن مختلف الاتجاهات الفكرية في المجتمع، مما أسهم في توجيه المنظومة القيمية للمجتمع وجعله أكثر قدرة على التطور والحفاظ على شخصيته الوطنية وانتماءه القومي.
الدستور الترسانة العسكرية والقوة الاقتصادية والنظام السياسي للأردن، لا تقوم أي بلد على هذه العناصر فحسب، بل للصحافة أهمية كبيرة في تكوين وصياغة الشخصية القوية للدولة وابرازها على نحو حضاري رفيع، فكثير من الدول تعرف من صحافتها، كالأهرام في مصر وتشرين في سوريا والسفير والأنوار في لبنان ونيويورك تايمز في أمريكا والدستور في الأردن مع احترامي لباقي الصحف الأردنية المهمة وهي منارات في العمل الصحفي والاعلامي ونحو من ذلك من الدول.
واكبت جريدة الدستور عبر عمرها المديد، الحراك الثقافي والسياسي والاقتصادي والقانوني في المملكة، وكانت وراء شهرة الكثير من الأدباء والكتاب والمحللين السياسيين والقانونيين والاقتصاديين الذين يملأون الدنيا ويشغلون الناس بما يكتبون، والذين حظوا فيما بعد بمناصب ثقافية وسياسية وقانونية وقيادية وإعلامية ونقابية وشعبية ورسمية رفيعة، فإننا نتمنى لفرسانها الأحياء دوام النجاح والتوفيق، والرحمة لمن توفاه الله ونتمنى للجريدة دوام الازدهار والانتشار. وختاما فقد ساهمت الدستور بإنشاء أجيالا من المثقفين والسياسيين، وقامت بدورها المؤثر في تكوين الرأي العام، وأدعو لها بمواصلة دورها الريادي الإعلامي في البلاد. ونهنئ جريدة «الدستور» وأسرتها الكريمة على نجاحها الفائق ومستواها الرفيع. ونتمنى لها دوام النجاح والعطاء والتميز. وأتمنى لكل العاملين فيها دون استثناء وكذلك قراء الدستور الثابتين الذين يزدون ولا ينقصون. أتمنى لهم عيدا سعيدا وبالتوفيق والنجاح الدائمين إن شاء.