“حزب الله” يهلّل لـ…”داعش”!
بقلم: فارس خشان
النشرة الدولية –
لم يجد “حزب الله” مناسبة للتهجّم على اجتماع العقبة “التاريخي” سوى التهليل للعملية التي نفّذها تنظيم “داعش” في مدينة الخضيرة.
ولم يعطِ “حزب الله” أّيّ عناية للجهة التي نفذّت هذه العملية، لأنّ حاجته الى منصّة مناسبة للهجوم سياسياً على اجتماع إسرائيلي-أميركي-خليجي-عربي غير مسبوق، مخصّص لاستشراف الآليات التنسيقية في مواجهة “الحرس الثوري الإيراني” وأذرعه في المنطقة، أكثر إلحاحاً.
وتُظهر مراجعة بيان “حزب الله” الذي أبقاه على مواقعه الرسمية ،حتى بعد ثبوت هويّة “مرتكبي” العملية، أنّ الحزب وضع تنظيم “داعش” الذي يعلن عداءه ومحاربته له، في مصاف تنظيمات المقاومة الفلسطينية، إذ اعتبر أنّ “هذه العملية هي عملية القرار الفلسطيني المقاوم والمستقل، وهي أهم وأبلغ رد عملي على لقاءات التطبيع الشائنة والخيانية التي تقوم بها بعض الأنظمة العربية مع كيان العدو، وهي لقاءات عديمة الأهمية فاقدة التأثير، لأنّ القرار الحقيقي هو قرار الشعب الفلسطيني الذي يؤكد كل يوم أن لا مكان للصلح والتطبيع مع هذا العدو المجرم، بل هي مواجهة بطولية متصاعدة حتى النصر والتحرير الكامل”.
وقد ضمّ اجتماع النقب الذي انعقد في منزل دافيد بن غوريون، أوّل رئيس وزراء إسرائيلي وأحد أبرز مؤسسي دولة إسرائيل، وزراء خارجية إسرائيل والولايات المتحدة الأميركية والإمارات العربية المتحدة والبحرين ومصر والمغرب.
وهو يأتي، عقب قمة ضمّت، قبل أسبوع، في شرم الشيخ، الرئيس المصري عبد الفتّاح السيسي وولي عهد دولة الإمارات العربية المتحدة الشيخ محمّد بن زايد، ورئيس الوزراء الإسرائيلي نفتالي بينيت.
ومن الواضح أنّ “أبو ظبي” تشكّل، بدعم من القاهرة، العمود الفقري لهذا التنسيق المتصاعد مع إسرائيل، في ترجمة ميدانية للأبعاد الحقيقية لاتفاقيات إبراهيم.
وهنا تكمن مشكلة “حزب الله”، إذ إنّ الدولة التي تلعب الدور الرائد في “لقاءات الخيانة الشائنة والتطبيعية” هي الدولة نفسها التي يهرول إليها، عند أدنى إشارة، رئيس النظام السوري بشّار الأسد فيما تكون إيران تفرش للمسؤولين فيها، عندما يرتؤون زيارتها، السجّاد الأحمر.
ولو أنّ المحور الذي ينتمي إليه “حزب الله” جاد في محاربة التطبيع مع إسرائيل، لكان، أقلّه، قاطع الدول العربية والخليجية التي عقدت إتفاقيات إبراهيم، لكنّه ليس كذلك، فهو محور غارق في محاولات إنقاذ نفسه من “جرائم ضد الإنسانية” أرتكبها بحقّ شعبه، كما هي عليه حال بشّار الأسد، ومن خيارات استراتيجية خاطئة، سبّبت الكوارث لشعبه وشعوب عدد من دول المنطقة، كما هي عليه حال الجمهورية الإسلامية في إيران.
ولأنّ “حزب الله” ينتمي إلى محور تتناقض أفعاله مع أقواله، في كلّ ما يتّصل بالعلاقات العربية-الإسرائيلية، فهو يفتّش عن أيّ مناسبة ل”فش خلقه” بلقاءات تعقدها دول مهمة في المنطقة يعرف أنّها، في المحصّلة، وإن عملت ما يمكنها لإنقاذ النظام السوري ولتخفيف التوتّر مع الجمهورية الإسلامية في إيران، فهي لن تستكين بما لها من تحالفات وقدرات، قبل أن تحجّم قدرات أذرع “الحرس الثوري الإيراني” يتقدّمها، وفق وزير الخارجية البحريني عبد اللطيف بن راشد الزياني، “حزب الله” و” الحوثي”.
ولهذا السبب، ونظراً لحاجته إلى حدث يختبئ وراءه، لم يتوانَ “حزب الله” عن إعطاء أبعاد “مقاوميّة” لعملية ثبت أنّها من صناعة “تنظيم داعش” الذي يخوّن “حركة حماس” ويساوي بينها وبين “فتح” على اعتبار أنّ “كلّاً منهما عند مصالحه الشخصية وقّاف، وبعضهم عميل للصليبيين والصفويين”.
من الواضح أنّ التطورات في الإقليم تتلاحق، وهناك مساع حثيثة لإعادة تشكيلها استراتيجياً، بما يتلاءم مع الموجبات الجيو-سياسية الناجمة عن حرب روسيا على أوكرانيا واقتراب المفاوضات مع إيران حول ملفها النووي من “نهاية النهاية”.
وإذا كانت أذرع “محور الممانعة” تأمل أن تنعكس هذه التطوّرات لمصلحتها، على اعتبار أنّ كلّ “ترييح” لإيران والنظام السوري يريحها هي الأخرى، فإنّ المواجهة التي تتولّاها إسرائيل بالتفاهم مع أغنى الدول العربية وأقواها، من شأنها أن تقلب المكاسب الى نكسات.
إنّ مخاوف “حزب الله” من أن تحقق إسرائيل وهذه الدول العربية مبتغاها، تجعله يُهلّل ل”داعش” اليوم ويتواطأ معه، غداً تماماً كما سبق أن فعل بالأمس هو وسائر القوى التي تشترك معه في “محور الممانعة”.