“حزب الله” مرتاح… هل يستفيد من عودة السعودية الى لبنان
بقلم: ايناس كريمة
النشرة الدولية –
لبنان 24 –
لعلّ احدى أهم الاحداث السياسية التي تحصل في لبنان في هذه المرحلة، وبمعزل عن الاستحقاق النيابي، ما يُحكى عن تقارب خليجي جدّي مع لبنان، الامر الذي عبّر عنه رئيس مجلس الوزراء نجيب ميقاتي وأوحت به بعض التسريبات من دول الخليج، إذ باتت العودة الديبلوماسية الخليجية مؤكدة بغض النظر عن حجم الاندماج السياسي الخليجي، وتحديدا السعودي في الساحة اللبنانية والفترة الزمنية اللازمة لبلوغ هذه المرحلة، لكن التقارب الرسمي بات محسوماً ويبدو أن المياه ستعود الى مجاريها بين البلدين.
من هنا تشعّبت الاسئلة حول سبب العودة الخليجية الى لبنان وما إذا كانت مرتبطة بالانتخابات النيابية حصراً او بالواقع اللبناني عموماً او بالرغبة الخليجية بتغيير مسارها مع ساحات المنطقة؟ اما السؤال الأساسي الذي بدا مُلحّاً يدور حول كيفية تعامل القوى السياسية اللبنانية مع الاندفاعة الخليجية وتحديداً “حزب الله” باعتباره الخصم الأبرز للمملكة العربية السعودية ودول الخليج.
لا تزال الضبابية تسيطر على حقيقة الهدف من التقدم السعودي مجددا تجاه لبنان وما إذا كان يؤشر الى رغبتها في الانخراط بعملية الإنقاذ المرجوّة ام انّ الحديث عن استعادة المملكة لدورها في لبنان لا يعدو مجرّد كونه أملاً مرتبطاً بواقع البلاد الايجابي في ظلّ دعم السعودية في الماضي القريب.
ثمة من يرى ان العودة السعودية الى لبنان هي عودة شكلية مرتبطة بالتسوية التي بادر بها الفرنسيون ، غير أن ليونة الخطاب السعودي تجاه لبنان هو نقطة تحوّل يمكن البناء عليها للمرحلة المُقبلة، لا سيّما وأن هذا الخطاب أظهر في الاونة الاخيرة سلاسة حول كل ما يخصّ قضايا المنطقة وملفاتها العالقة.
قد تكون العودة السعودية الى لبنان هي عودة ودية تهدف الى ترتيب العلاقة المضطربة مع لبنان والتي تعود أسبابها، بحسب مُجمل التصريحات، الى استعلاء بعض القوى السياسية واستفزازاتها المتواصلة واصرارها على لغة التصعيد لتأكيد هيمنتها على لبنان ما تسبب بقطيعة عربية ألقت بتداعياتها القاسية على الساحة المحلية، لذلك فإن كل التوقعات ترجّح عدم رغبة الرياض بالتدخل في الانتخابات النيابية، بل تسعى الى استعادة العلاقات الطبيعية مع لبنان ولا تنوي الانخراط في الحياة السياسية بخطوات متسرّعة بل ترغب بالابقاء على الامور كما هي عليه حتى اعلان نتائج الانتخابات النيابية وما يمكن استشرافه في ما بعد حول مسار العلاقة ومدى انغماسها في الواقع اللبناني.
من جهة اخرى، فإن السؤال حول موقف “حزب الله” من العودة السعودية يبدو الأهم على الاطلاق، إذ إنّ “الحزب”،وفق مصادر مطّلعة، اكّد على عدم نيّته تقديم أي تنازلات سياسية من اجل تسهيل هذه العودة، وبمعنى آخر فإنه لن يهادن المملكة في القضايا الخلافية التي تشكّل ثوابت لديه، بل على العكس، سيتمسّك بنبرة خطابه السياسي ومضمونه حتى لو أدّى ذلك الى عرقلة التقارب الخليجي تجاه لبنان، غير أنه ينفي في الوقت نفسه انزعاجه من عودة المملكة العربية السعودية الى لبنان تحت أي مُسمّى كان.
وتشير المصادر الى أن “حزب الله” قد يجد نفسه اكثر ارتياحاً مع عودة دول الخليج، اذ انه يفضّل الحفاظ على التوازن الداخلي في لبنان مهما بدا شكلياً، ويهمّه تحقيق هذا التوازن داخل السلطة أيضاً لأنه بذلك يحافظ على نفوذ الخصوم بشكل او بآخر ما يمنع مظاهر سقوط البلد في حضنه ويحمّله مسؤولية كاملة هو بغنى عنها في هذه المرحلة.
لذلك، ترى المصادر أن عودة السعودية، وبغض النظر عن غاياتها، تخدم الواقع السياسي العام ولن يتصدّى لها “حزب الله” لأنه سيبدو مستفيداً منها بشكل غير مباشر.