كذبة أبريل… من دبي إلى الدوحة!
بقلم: سعد بن طفلة العجمي
كانت الجولة في أجنحة المعرض إكسبو بمثابة رحلة فنية ثقافية تنقلك من قارة إلى أخرى ومن بلد إلى آخر
النشرة الدولية –
بعد ساعات من كتابة هذا المقال، يكون معرض إكسبو دبي 2020 قد انتهى وبنجاح كبير. كان يفترض أن يفتتح المعرض في أكتوبر (تشرين الأول) عام 2020، لكن جائحة كورونا حالت دون ذلك، فتأجل حتى الأول من أكتوبر 2021، واستمر ستة أشهر كما كان مقرراً له.
وللمرة الأولى، يتم تنظيم هذا الحدث العالمي الكبير في منطقتنا العربية، وقد جمع الإكسبو 192 دولة عرضت أجنحتها وثقافتها وبعض منتجاتها، كما شاركت عشرات المنظمات والهيئات الدولية في هذا الحدث العالمي الكبير. كان المعرض بحق تظاهرة عالمية هائلة، وتجمعاً حضارياً جمع كافة أطياف البشر في منطقتنا العربية، التي نمّطها أعداؤها وسفهاؤها بالإرهاب والتخلف والحروب والاقتتال. لكن إكسبو كان رسالة مخالفة للصورة النمطية عن منطقتنا، وستبقى آثاره بعد انتهائه لزمن طويل. إكسبو دبي 2020 هو عملية أنسنة لهذه المنطقة تمت على مدى ستة أشهر، وستبقى آثار هذه الرسالة بائنة للعيان لوقت أطول من ذلك بكثير.
كنت في المعرض حين أعلن السيد نجيب العلي-المدير التنفيذي للمعرض- أن عدد الزوار وصل إلى 20 مليون زائر يوم الخميس 17 مارس (آذار) 2022. يُذكر أن المنظمين كانوا يتوقعون عدد الزوار في حدود 12 مليوناً ونصف المليون بسبب الجائحة، لكنه تجاوز العشرين مليوناً قبل انتهائه بأسبوعين.
شعور بالفخر ينتاب كل عربي تجوّل بين أجنحة الإكسبو، وتصعب الكلمات في وصف حسن التنظيم وسلاسة تدفق الجموع والاحترازات الأمنية والصحية التي اتسم بها المعرض. فلقد كان التنظيم يعكس حسن تفكير وتخطيط المنظمين والقائمين على المعرض التاريخي. كانت الجولة في أجنحة المعرض بمثابة رحلة فنية ثقافية تنقلك من قارة إلى أخرى، ومن بلد إلى آخر، وكأنما تدور “حول العالم في بضعة كيلومترات مربّعة” هي مساحة المعرض. ولعل شهادة الأمين العام لجناح اليابان- أيكو يابوناكا- الذي ستنظم بلاده إكسبو 2025 في أوساكا، تختزل الانبهار بالتنظيم وجودة هذه الفعالية النادرة، إذ قال:
“هناك عِبَر مهمة سنأخذها معنا من نجاح إكسبو دبي 2020، خصوصاً الإجراءات الصحية والأمنية وسلاسة الإدارة في وقت الجائحة، فمن خلال الإكسبو أقمنا علاقات مهمة وتعلمنا دروساً مفيدة، وكان حقاً مصدر إلهام لنا جميعاً”.
يصادف اليوم الأول من أبريل (نيسان) 2022 ويقوم الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا) بعمل قرعة الفرق والمجموعات المشاركة في كأس العالم نهاية هذا العام في قطر، ويا لها من مصادفة! ربما ظنّها الواحد منا قبل عقود قليلة بأنها “كذبة أبريل”. انتهى معرض إكسبو دبي 2020، لتبدأ الدوحة التحضيرات النهائية لتنظيم كأس العالم لكرة القدم للمرة الأولى في بلد عربي أو إسلامي، وكأنما دبي تسلّم شعلة الأولمبياد الشهيرة إلى الدوحة، من عاصمة عربية- خليجية إلى أخرى.
ليست كذبة أبريل، بل شعلة نجاح تنتقل من دبي إلى الدوحة، إنها مفخرة أخرى تضاف إلى مفاخر جهود أنسنة هذه المنطقة التي أنهكتها الحروب والقلاقل، ودمرتها الأطماع والرعونة السياسية. ومن نجاحات إكسبو دبي 2020، نتطلع إلى نجاحات الدوحة في تنظيم أكبر تظاهرة رياضية في العالم، وإذا كان اليابانيون أشادوا بنجاح إكسبو 2020 وقالوا إنهم تعلّموا منه الكثير لمعرضهم المقبل، فالواحد منا يتطلع بفخر إلى إشادة أميركية- كندية- مكسيكية من الدول التي ستنظم كأس العالم لكرة القدم 2026 بالتنظيم القطري لكأس العالم 2022.