لاري فينك: الحرب الروسية الأوكرانية تضع نهايةً لعصر العولمة… ماذا يعني ذلك للأسواق؟

النشرة الدولية –

“ماركت ووتش” –

أعلن مؤسس شركة “بلاك روك” لاري فينك أن الحرب الروسية الأوكرانية تضع نهايةً لعصر العولمة، وأنه يجب على المستثمرين، رغم هذا، أن يضعوا في اعتبارهم أن الاقتصاد العالمي والنظام المالي لا يمكن أن يتحولا إلى جوهرة ثمينة، كما يقول المحللون.

إلى ذلك، قال كريس روبكي، كبير الاقتصاديين في اف دبليو بوندس (FWDBONDS) في مذكرة، بعدما أظهرت بيانات أميركية يوم الخميس انخفاضاً في مطالبات إعانات البطالة لأول مرة إلى أدنى مستوياتها منذ عام 1968: “يكثر الحديث عن عودة البلدان إلى الإنتاج المحلي وانتهاء عصر العولمة وسلاسل التوريد الطويلة في الخارج”، مضيفاً: “لكنّ حجر عثرة واحداً في أميركا يعترض طريق هذا النموذج الاقتصادي، وهو أنه لا أحد يعمل في المصانع لإنتاج السلع هنا على الأراضي الأميركية”.

إذاً، عندما يتحدث عن نهاية العولمة، ما الذي كان فينك يعنيه. فينك الذي هو أحد مؤسسي شركة “بلاك روك بي إل كيه” التي تعد أكبر شركة لإدارة الاستثمارات في العالم بنسبة -1.70%، مع موازنة إدارة تكاد تصل إلى 10 تريليونات دولار؟

قال فينك في رسالته السنوية إلى المستثمرين، التي صدرت يوم الخميس، إنه لا يزال يؤمن بفوائد العولمة: “إن الوصول إلى رأس المال العالمي يمكّن الشركات من تمويل النمو، ويمكن البلدان من زيادة التنمية الاقتصادية، كما يمكن المزيد من الناس من تجربة الرفاهية المالية. لكن الغزو الروسي لأوكرانيا وضع حداً للعولمة التي شهدناها على مدى العقود الثلاثة الماضية”.

لقد أدت العقوبات التي فرضتها الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وحلفاؤهما إلى طرد روسيا إلى حد كبير من النظام المالي العالمي، بينما تخلّت العديد من الشركات الغربية عن عملياتها أو علقتها في روسيا عقاباً لها على غزوها أوكرانيا. يقول فينك إن “الحرب الاقتصادية” تظهر ما يمكن تحقيقه عندما تتحد الشركات، بدعم من أصحاب المصلحة، رداً على العنف والعدوان”.

يضيف فينك أن “عدوان روسيا على أوكرانيا، وانفصالها اللاحق عن الاقتصاد العالمي، سيدفعان الشركات والحكومات في جميع أنحاء العالم إلى إعادة تقييم تبعياتها، وإعادة تحليل بصماتها في التصنيع والتجميع، وهما أمران حفّز فيروس كورونا الكثيرين على البدء في القيام به”.

 

في الواقع، اكتسب الحديث عن هذا الانفصال زخماً لأول مرة عندما خاضت إدارة الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب حرباً تجارية مع الصين، وهو اتجاه أبرزه فينك في رسائل سابقة. ويقول بعض المحللين إنه إذا كانت العولمة على وشك التراجع، فمن المنطقي الاهتمام بالاستثمارات المحلية، والتي ستشمل – بالنسبة إلى المستثمرين الأميركيين – الشركات التي تأتي الأغلبية العظمى من إيراداتها من المبيعات المحلية، والتي تتخذ أصولها في المقام الأول من الولايات المتحدة مقراً لها.

ومن المنطقي أيضاً توقع المزيد من الضغوط التصاعدية على التضخم، لأن سلاسل التوريد الأقصر ترفع التكاليف.

قد لا تصمد بعض التوقعات حول أفول العولمة أمام الواقع.

في مقابلة معه عبر الهاتف، قال إد كيون، كبير استراتيجيي الاستثمار في مؤسسة “بي جي آي إم كوليتيتيف سوليوشنز”، إنه في نهاية المطاف، ماذا سيحدث إذا عاد منافس شركة ما، في غضون عامين، إلى ممارسة الأعمال التجارية مع الناس في جميع أنحاء العالم، وبات بمقدوره التغلب على منافسيه في السعر؟ “هل نعود إلى النموذج القديم؟ إنها ليست وجهة نظر تنافسية سهلة”.

وأضاف أن القوى التنافسية من المرجح أن تحافظ على “درجة كبيرة على الأقل من استمرار العولمة”، برغم  التيارات المتقاطعة على المدى القريب. لكنه قال إنه على المدى القصير، فإن أبسط تجارة لهذا العام كانت النظر في المجالات التي شهدت نقصاً في الاستثمار لسنوات، بما في ذلك البنية التحتية للطاقة والمواد.

وقال كيون، متحدثاً عن مصالح الاستثمار في مجال السلع الأساسية ومنتجيها: “إلى أن يحدث عكس ذلك، أو إلى حين نعتمد على مصادر غير كربونية تحل محل الحاجة إلى الكربون، فإنه يبدو من المحتمل جداً أن يكون لهذا الارتفاع في السلع الأساسية بعض ما تستند إليه”.

لقد كانت الرحلة جامحة صوب أسواق السلع الأساسية، منذ غزو روسيا لأوكرانيا في 24 شباط (فبراير)، إذ ارتفعت مؤشرات عقود النفط المستقبلية بنسبة 6.57% وارتفعت مؤشرات برنت بنسبة 0.47% في أعلى مستويات لها خلال 14 عاماً، ثم تراجعت تراجعاً حاداً، وما لبثت أن تراجعت مرة أخرى إلى الاتجاه الصعودي هذا الأسبوع. ولا يزال كل من خام غرب تكساس الوسيط، وهو المعيار الأميركي، وخام برنت، المعيار العالمي، أعلى بكثير من 100 دولار للبرميل. ويعد قطاع أسهم الطاقة، الذي ارتفع بنسبة 42.25% منذ بداية العام حتى الآن، أكبر الرابحين إلى حد بعيد من بين 11 قطاعاً في مؤشر ستاندرد آند بورز 500.

تعثرت الأسهم الأميركية عموماً منذ بدء عام 2022، لكنها ارتدت من أدنى مستوياتها. ارتفع مؤشر ستاندرد آند بورز 500 بنسبة 1.8% خلال الأسبوع الماضي، فيما ارتفع مؤشر داو جونز الصناعي بنسبة 0.1% وتقدم مؤشر ناسداك المركب بنسبة 2%. وكان هذا ثاني مكسب أسبوعي على التوالي للمؤشرات الرئيسية.

 

زر الذهاب إلى الأعلى