مصر وتونس مثالان.. الحرب على أوكرانيا “تفاقم” ديون العالم النامي
النشرة الدولية –
الحرة –
قالت صحيفة وول ستريت جورنال الأميركية إن الحرب على أوكرانيا “فاقمت” مشكلات الديون في جميع أنحاء العالم النامي، حيث تكافح العديد من الحكومات المثقلة بالديون لسداد مدفوعاتها إلى الدائنين الأجانب وسط ارتفاع التضخم وأسعار الفائدة.
وقالت الصحيفة إن هذه المخاطر “تغذي المخاوف من حدوث أزمات محتملة قد تهز الأسواق وتضعف الانتعاش الاقتصادي العالمي”.
وكانت العديد من هذه البلدان مثقلة بالفعل بـ”جبال” من الديون خلال العقد الماضي عندما كان التضخم وأسعار الفائدة منخفضة، وفي العامين الماضيين عندما كانت التكاليف المرتبطة بجائحة كورونا في ارتفاع.
ثم أدى الغزو الروسي والعقوبات الغربية إلى ارتفاع أسعار المواد الغذائية والطاقة، في وقت كانت فيه العديد من البنوك المركزية الكبرى ترفع أسعار الفائدة لكبح جماح التضخم.
“والآن، من إسلام أباد إلى القاهرة إلى بوينس آيرس، يعاني المسؤولون الحكوميون بسبب ارتفاع أسعار الاستيراد وفواتير الديون، بالإضافة إلى استمرار الجائحة” وفق الصحيفة الأميركية.
“كل شيء ممكن”
وقال كينيث روجوف، الاقتصادي بجامعة هارفارد، خلال حلقة نقاشية أجراها صندوق النقد الدولي مؤخرا: “ستكون هناك حالات تخلف عن السداد. ستكون هناك أزمات. عندما نتعرض لصدمات كهذه، يكون كل شيء ممكنا”.
وفي حين أن صندوق النقد الدولي لا يتوقع حدوث أزمة ديون عالمية في هذه المرحلة، قالت سيلا بازارباسيوغلو، مديرة الاستراتيجيات والسياسات والمراجعة في الصندوق: “إنها مخاطر كبيرة جدا نشعر بقلق بالغ بشأنها”.
وذكرت أن الاقتراض العالمي المجمع من قبل الحكومات والشركات والأسر قفز 28 نقطة مئوية ليصل إلى 256 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2020.
وهذا مستوى “لم نشهده منذ الحربين العالميتين” خلال النصف الأول من القرن العشرين، وفق المسؤولة.
وفي حين أن الدول الغنية لا تواجه مشكلات كبيرة في التعامل مع ديونها المتزايدة بفضل معدلات الفائدة المنخفضة والنمو الاقتصادي القوي، فإن العديد من الاقتصادات النامية تشعر بمزيد من الضغط.
وحوالي 60 في المئة من البلدان منخفضة الدخل تعاني من مشكلات في سداد الديون، ارتفاعا من 30 في المئة في عام 2015، وفقا لصندوق النقد الدولي.
وبلغت حصة الصين من الديون الخارجية المستحقة على 73 دولة فقيرة مثقلة بالديون 18 في المئة في عام 2020 من 2 في المئة في عام 2006، بينما ارتفعت نسبة مساهمة القطاع الخاص في الإقراض إلى 11 في المئة من 3 في المئة.
وقالت مسؤولة النقد الدولي إن وزراء المالية ومحافظو البنوك المركزية في “مجموعة العشرين”، الذين سيحضرون اجتماعات الربيع لصندوق النقد الدولي، الاثنين، سيناقشون معرفة كيفية توسيع وتسريع إطار التخلص من ديون الدول النامية.
مصر وتونس مثالان
ويقول التقرير إن أوضح الأمثلة على المخاطر التي تواجهها البلدان النامية الأضعف هما سريلانكا وباكستان، فكلاهما غارق في أزمات سياسية واقتصادية منذ غزو أوكرانيا.
وتضاءل احتياطي النقد الأجنبي لكلا البلدين إلى درجة أنهما يكفيهما ما قيمته شهرا أو شهرين فقط من الواردات، وفقا لبيانات البنك المركزي ومحللين وصندوق النقد الدولي.
ويعاني الاقتصاد المصري أيضا من تبعات تأثير الوباء على قطاع السياحة، والآن ارتفاع التضخم وخروج الاستثمار الأجنبي بعد الغزو الروسي.
ويقول جيمس سوانستون، محلل الأسواق الناشئة في كابيتال إيكونوميكس في لندن: “كانت الحرب في أوكرانيا نقطة التحول… لقد احتاجوا إلى خفض قيمة العملة لاكتساب بعض القدرة التنافسية الخارجية والقدرة على تصدير المزيد”.
واقترضت مصر حوالي 20 مليار دولار من صندوق النقد الدولي منذ عام 2016، مما جعلها في المرتبة الثانية بعد الأرجنتين في الحصول على مساعدات من الصندوق منذ الثمانينيات.
وفي عامي 2020 و2021، أنفقت الحكومة المصرية أكثر من 40 في المئة من إيراداتها في خدمة ديونها، ومن المتوقع أن تستمر في ذلك في 2022.
وبعد المساعدات التي حصلت عليها من دول خليجية وأوروبا بعد فترة وجيزة من خفض قيمة العملة، يرجح خبراء اقتصاديون أن تسعى مصر للحصول على مزيد من الدعم من صندوق النقد الدولي.
وتسعى تونس أيضا للحصول على المساعدة بعدما “أفرغت رفوف البقالة مؤخرا من السكر والدقيق وغيرهما من الإمدادات الغذائية الضرورية وأجلت الحكومة دفع رواتب موظفي الخدمة المدنية”، حسب الصحيفة.
وحصلت الحكومة على تمويل بقيمة 400 مليون دولار الشهر الماضي من البنك الدولي وتأمل في الحصول على مساعدة ضرورية من صندوق النقد الدولي.
وقال روبرتو سيفون أريفالو، كبير المسؤولين التحليليين للتصنيفات السيادية في وكالة ستاندرد آند بورز للتصنيفات الائتمانية: “كل دولة لديها ديون تقريبا الآن أكثر مما كانت عليه في عام 2008”. ويوضح أن بعض الدول “في وضع صعب للغاية”.
كانت المديرة العامة لصندوق النقد الدولي، كريستالينا غورغييفا، حذرت الخميس الماضي من أن الحرب في أوكرانيا أثرت سلبا على التعافي الاقتصادي وأدت إلى تباطؤ النمو المتوقع في معظم دول العالم.
وأكدت غورغييفا في كلمة ألقتها قبيل اجتماعات الربيع لصندوق النقد الدولي والبنك الدولي “نواجه أزمة فوق أزمة أخرى… التداعيات الاقتصادية للحرب تنتشر بسرعة وبعيدا، إلى الجيران وأبعد من ذلك وتضرب خصوصا أكثر الشعوب ضعفا”.
وتتجه روسيا نحو التخلف عن سداد ديونها الخارجية، لأول مرة منذ الثورة البلشفية قبل أكثر من قرن، نتيجة العقوبات التي جمدت حوالي نصف احتياطياتها من العملات الأجنبية البالغة 640 مليار دولار.
والسبت الماضي، خفضت وكالة التصنيف المالي “إس أند بي غلوبال رايتينغز” تصنيف روسيا بالنسبة لمدفوعات العملات الأجنبية إلى مستوى “التخلف عن السداد الانتقائي”، بعد أن سددت موسكو بالروبل ديونا بالدولار في وقت سابق من هذا الأسبوع.
وانخفض تصنيف الوكالة بالنسبة للمدفوعات بالعملات الأجنبية مثل الدولار إلى “أس دي”، بينما بقي التصنيف عند “سي سي” للمدفوعات بالروبل، بحسب بيان صحفي صادر عن الوكالة، التي أعلنت أيضا وقف تصنيفاتها لروسيا فورا، وفقا لمتطلبات الاتحاد الأوروبي.
وليس هناك سوى درجة واحدة أقل من “أس دي” على مقياس الوكالة، وهي الدرجة “دي” للتخلف عن السداد.