هل يُغرقُ “زورق الموت” الانتخابات النيابية اللبنانية؟

النشرة الدولية  –

لبنان 24 –

عاد الحديث عن إمكان تأجيل الانتخابات النيابية ليتصدّر النقاشات في الاوساط اللبنانية، وفيما حذّرت بعض الأحزاب السياسية من نوايا لتأجيلها، أكّد رئيس مجلس الوزراء نجيب ميقاتي احترام الاستحقاقات الدستورية جازماً بأن الانتخابات سوف تجري في موعدها المحدّد ما بدّد كل الشكوك المتداولة حول إرجائها.

وعقب حادثة غرق “زورق الموت” في مدينة طرابلس والتحريض الذي رافقها ضدّ الجيش والتوترات الأمنية التي اشتعلت، عاد القلق ليخيّم على المشهد الداخلي حيث تمدّد وقع الفاجعة الى معظم المناطق اللبنانية، وإن بوتيرة منخفضة، وازدادت الهواجس على المستوى الشعبي وكثرت معها الأسئلة حول احتمال تأجيل الانتخابات النيابية.

الإجابة على هذه الأسئلة تحمل جانباً سياسياً مرتبطاً بالواقع الإقليمي وبإصرار كل القوى السياسية الداخلية على حصول الانتخابات في موعدها على اعتبارها مطلباً لبنانياً أساسياً وخطوة ديمقراطية نحو التغيير المنشود. إضافة الى ذلك، فإن التحركات الدولية تترقّب حصول الانتخابات في الخامس عشر من شهر أيار المُقبل رغم كل ما يُشاع حول رغبة أميركية بتطيير الانتخابات ربطاً بالمعطيات التي تشير الى أن “حزب الله” وحلفاءه سيفوزون مجدداً بالاكثرية النيابية، إذ إن واشنطن تستعجل إنجاز هذا الاستحقاق للذهاب نحو ما يمكن وصفه بالتسوية الداخلية والانتهاء من ملفّ ترسيم الحدود واستخراج النفط وإرساء أجواء من التهدئة في الاقليم وذلك يدخل ضمن استراتجيتها الجديدة.

لكن كل التطمينات المنطقية تواجَه بالأحداث الأمنية المتسارعة، حيث يُستحضر السؤال عن الانتخابات ومدى جدية حصولها في موعدها المقرر، الأمر الذي تبرز حوله وجهتا نظر؛ الاولى تقول بأن الانفلات الامني بات وشيكاً من دون أن تكون للقوى السياسية يداً، عمليا، للوصول الى هذا المستوى من التأزّم الذي قد يؤدي الى تطيير الانتخابات. وبمعنى آخر، فإن الانفجار الاجتماعي لا ينتظر قراراً سياسياً وهذا الأمر، في حال حصوله، سيتسبّب بعراقيل كبيرة أمام إجراء الانتخابات، إذ إن الاحتجاجات المتنقلة في المناطق اللبنانية لا تحتاج سوى شرارة قد تندلع في أي لحظة وتؤدي الى فشل الدولة وأجهزتها في ضبط الوضع الأمني، ما سيؤدي بالتوازي مع تردّي الواقع اللوجستي للانتخابات، سواء على مستوى التغذية بالتيار الكهربائي، او على مستوى تأمين المندوبين او حتى على مستوى الإضراب القضائي وغيرها من المشكلات، الى تبديد فُرص حصول الاستحقاق النيابي وبالتالي يفتح البلد على كل الاحتمالات.

اما وجهة النظر الثانية، فتؤكد أن حصول الانتخابات تَعزّز اكثر بعد أحداث طرابلس الاخيرة، ما سيظهر جلياً بعد “عيد الفطر” لجهة الجدية المطلقة في تعاطي القوى السياسية والمرشحين وأجهزة الدولة وكل المعنيين بهذا الاستحقاق الدستوري المفصلي، وذلك لأن فرصة وقوع الانفجار الاجتماعي قد فُتحت على مصراعيها بعد احداث طرابلس، حيث بدا التحشيد الاعلامي في ذروته، لكنّ ذلك لم يؤجّج الاحتجاجات في المناطق، حيث تمكنت القوى الامنية من ضبط الوضع واعادته نسبياً الى نصابه، وبالتالي فإن حجم التفلّت لن يرتقي في الاسابيع القليلة المتبقية على موعد الانتخابات الى مستوى إلهاب البلد وتطيير الانتخابات.

زر الذهاب إلى الأعلى