لماذا تعثر توحيد المؤسسة العسكرية في ليبيا؟
النشرة الدولية –
تجدد الحديث في ليبيا عن ضرورة توحيد المؤسسة العسكرية وكان ذلك موضوع اجتماع الأربعاء الماضي في طرابلس بين رئيس المجلس الرئاسي الليبي محمد المنفي ورئيس الأركان العامة للجيش الليبي بحكومة الوحدة الوطنية الفريق أول ركن محمد الحداد.
ومنذ ديسمبر، تناولت عدة اجتماعات ذلك الموضوع يبقى أهمها اجتماع مدينة سرت الذي جمع لأول مرة القطب العسكري الشرقي والذي يمثله الفريق عبد الرازق الناظوري بالقطب العسكري الغربي الذي يقوده الفريق أول ركن محمد الحداد.
ويعتبر توحيد المؤسسة العسكرية من أهم مطالب الشعب الليبي بعد أن أخفقت جميع الحكومات المتعاقبة على ليبيا منذ اندلاع ثورة فبراير عام 2011 في تحقيق ذلك الهدف.
ويرجع عدد من الخبراء في الشأن الليبي استمرار انقسام الجيش الليبي إلى “عدم الاستقرار السياسي”، بينما يؤكد آخرون أن “دولا بعينها تقف وراء استمرار هذه المعضلة ليتسنى لها تنفيذ مخططاتها التوسعية”.
“السلاح و المرتزقة”
ويمر توحيد المؤسسة العسكرية بتوحيد القرار السياسي الذي يستوجب بدوره تطبيق مخرجات الاتفاق السياسي، وفق ما يؤكده المحلل السياسي إبراهيم لاصيفر.
وأوضح لاصفير في تصريح لـ”أصوات مغاربية” أن عدة عراقيل فاقمت المشكلة وعلى رأسها انتشار السلاح بيد تشكيلات غير تابعة للمؤسسة العسكرية بشقيها الغربي والشرقي.
وتشير تقارير أممية تعود لعام 2020 إلى أنه تنتشر في ليبيا حوالي 29 مليون قطعة سلاح، وهو ما يجعل البلاد “أكبر مخزن للسلاح في العالم”.
كما عزا المتحدث غياب جيش منظم وموحد في ليبيا إلى عدم وجود سلطة سياسية تبسط هيمنتها على كامل البلد، وتطبق برنامج فرز شامل للعناصر المسلحة لتكوينها وإدماجها في الخدمة العسكرية الوطنية.
وأضاف لاصفير أن توحيد الجيش الليبي يتعذر في ظل انتشار المرتزقة، قائلا إن “وجود قوات أجنبية يرتبط دوما بمخططات جهات خارجية تعمل على تقويض أي محاولة لتكوين مؤسسة عسكرية موحدة”.
وأكد لاصفير أن خروج القوات الأجنبية سيكون خطوة نحو توحيد الجيش الذي سيرتب قواته لمجابهة خطر تنامي الجماعات الإرهابية والجريمة المنظمة التي قوضت السلم والأمن الاجتماعي سيما بمدن الجنوب الليبي.
من جهته، أوضح الباحث في المركز الليبي للدراسات الاستراتيجية بطرابلس مصطفى رحاب أنه لا يمكن الحديث عن جيش منظم بينما ليبيا تخضع لنفوذ دولي (فرنسا وروسيا) يغذي مختلف التشكيلات المسلحة بشقيها الغربي والشرقي بالأسلحة والمرتزقة.
وتابع رحاب في حديث لـ”أصوات مغاربية” أن “هذه التدخلات الدولية تتم في الغالب عبر أطراف محلية منخرطة في الحسابات السياسية لصالح الأطراف المتصارعة وأصبحت بمثابة “كتائب مسلحة تسهر على حماية أفراد بعينهم ثبت تورطهم في جرائم جنائية وهم محل طلب من محكمة الجنايات الدولية”.
وأشار رحاب إلى أنه كان هناك برنامج لإنهاء الانقسام العسكري وفق مسار زمني بالاتفاق مع البعثة الأممية في ليبيا، إلا أن “المجلس الرئاسي والحكومة الوطنية وأطرافا أخرى لم تستجب لهذا البرنامج بل وتم العمل ضده لأسباب تتعلق بخضوعهم (المجلس الرئاسي والدبيبة) منذ دخولهم، طرابلس لحماية هذه العناصر المسلحة”.
وأضاف الباحث أن الحكومة الحالية لم تقاوم سيطرة هذه التشكيلات المسلحة وأصبحت تعتمد عليها في إبراز قوتها على الأرض، وذلك رغم التحذيرات المحلية والدولية بشأن التعامل مع هيئات أمنية خارج المنظومة العسكرية.
ولاحظ المتحدث أن “بروز حكومة فتحي باشاغا فتح فاقم الانقسامات الأمنية فأصبح الجيش منقسما بين الحكومتين المتصارعتين على السلطة وتحولت بذلك المؤسسة العسكرية إلى مجرد منفذ لأوامر الأطراف السياسية المسيطرة على مقاليد الحياة في ليبيا اقتصاديا وأمنيا.
وخلص رحاب إلى أن “المجتمع الدولي غير جاد في مساعدة ليبيا على الخروج من أزمتها العسكرية حيث لم يعمل على وضع خطط لسحب المرتزقة والقوات الأجنبية وفق جدول زمني دقيق ولم يسع لفرض عقوبات دولية على الدول التي ثبت تورطها في تغذية الانقسام العسكري في البلد”.