القدس لا تحتفل بيومها الإيراني
بقلم: طوني فرنسيس
طهران تستعرض صواريخ ميليشياتها وتتنبأ مجدداً بزوال إسرائيل!
النشرة الدولية –
الصلاة في القدس ليست فقط فعلاً دينياً، إنها فعل تمسك بالأرض والهوية، وهذا ما يمارسه الفلسطينيون والمقدسيون بقوة، في المسجد الأقصى وفي كنيسة القيامة وسائر الأماكن المقدسة الأخرى.
وفي القدس تتجمع عناصر القوة المعنوية الفلسطينية في مواجهة الاحتلال. فيها يتخذ الاحتلال والاستيطان أبعاده القصوى، وفيها تستيقظ ذاكرة شعب يعي أن أولى انتفاضاته ضد الانتداب البريطاني والهجرة الإسرائيلية انطلقت منها، وفيها التأم المؤتمر الوطني الفلسطيني الأول (1919) الذي رفع مطالب ثلاثة:
1- رفض وعد بلفور والهجرة الصهيونية.
2- اعتبار فلسطين جزءاً لا يتجزأ من سوريا.
3- استقلال فلسطين ضمن الوحدة العربية.
كانت القدس دائماً في قلب النضالات الوطنية الفلسطينية، وهي لا تزال عنواناً قادراً على تحريك وتوحيد العرب الفلسطينيين، كما حصل قبل عام عندما اندلعت المواجهة ضد ترحيل العرب من منازلهم في الشيخ جرّاح، وشارك فيها أبناء الضفة وغزة وعرب 48.
لم تنتظر القدس يوماً في السنة خصصته القيادة الإيرانية للاحتفاء بها وبنضالاتها، وهذا العام أيضاً لم يلتفت مصلو الحرم في “الجمعة اليتيمة” الأخيرة من شهر رمضان إلى الاحتفالية الإيرانية وشعاراتها المكرورة عن تحرير القدس وتدمير الكيان الصهيوني. احتشد أكثر من 160 ألف مصل في صلاة الجمعة ونحو 250 ألفاً أحيوا قبلها ليلة القدر، وهؤلاء حضروا على الرغم من حواجز الاحتلال ومضايقته من المدينة والضفة ومن الجليل والمثلث والنقب والساحل الفلسطيني. اصطدموا بالمستوطنين وبجنود الاحتلال، لكنهم كرسوا كما في كل يوم أنهم أبناء الأرض وليسوا شعاراً للاستثمار في يد أنظمة عربية، كما حاولت أنظمة المواجهة المخادعة في السابق، ولا في يد إيران التي ورثت عن تلك الأنظمة عباءة فلسطين وتجهد باسمها لتحرير البلدان العربية من قدراتها وثرواتها ووحدتها المجتمعية.
لم يحظ “يوم القدس” الإيراني بأكثر من صدى تقليدي لدى المنظمات التابعة لإيران في اليمن ولبنان والعراق وغزة، أما في إيران فتكررت الخطابات والاستعراضات نفسها مع إضافات جديدة تؤكد المؤكد في مشروع الأممية الإيرانية المذهبي العربي. وتمثلت هذه الإضافات في العرض الصاروخي بشوارع طهران، حيث ظهرت صواريخ إيرانية مسماة على اسم الميليشيات التي يدعمها ويمولها الحرس الثوري الإيراني في ترتيب مقصود على النحو التالي:
1- صاروخ “حماس”: “عياش 250”
2- صاروخ “الجهاد الإسلامي”: “قاسم”
3- صاروخ “حزب الله”: “فاتح 110”
4-صاروخ الجيش السوري: “تشرين”
5- صاروخ “النجباء العراقية”: “جمال 69”
6- صاروخ الحوثيين: “قدس 2”
7- صاروخ الحرس الثوري: “سجيل”
كان ينقص اللائحة صواريخ “زينبيون” و”فاطميون” وميليشيات أخرى أفغانية وغيرها ليكتمل مشهد الجيوش الإيرانية وصواريخها. لكن بدا أن إيران اختارت للقدس في يومها السنوي تنظيمات عربية احترفت القتال داخل بلدانها وضد الجيران العرب، وتخصصت في ترداد مواعظ النظام الإيراني عن تحرير الوطن السليب.
وما جاء في كلمات خطباء الميليشيات المذكورة في المناسبة يكاد يكون نسخة حرفية عما ورد في خطابات القادة الإيرانيين. ردد قائد الحرس الإيراني اللواء حسين سلامي ما قاله أسلافه، فتوجه إلى الإسرائيليين قائلاً، “إذا تصورتم أنكم ستكونون في مأمن… فلقد شاهدتم انطلاق آلاف الصواريخ في عمليات سيف القدس (هددت حماس في اليوم نفسه بإطلاق 1111 صاروخاً دفعة واحدة)، وتشاهدون أبطال حزب الله وقد نصبوا أسلحتهم مقابل الأراضي التي احتليتموها شمال فلسطين (لم يذكر لبنان)… ولم تعد أميركا سنداً بعد أن أصبحت كبيت العنكبوت…”
والتقى نائب سلامي في قيادة الحرس العميد علي فدوي مع خليفة قاسم سليماني في قيادة فيلق القدس إسماعيل قآني على التنبؤ بزوال إسرائيل، وفيما رأى قآني أن “الكيان نحو الزوال ومن الأفضل عودة الصهاينة إلى بلدانهم”، كان فدوي أكثر طموحاً عندما جزم أن “هذا الكيان الموقت لن يرى عامه الثمانين بكل تأكيد”.
على تحرير القدس أن ينتظر ست سنوات إذاً، ليس بانتظار حرب تحرير إيرانية، وإنما التزاماً ربما بالروايات اليهودية التي تتداول قصة عدم صمود مملكتي اليهود، مملكة داوود و”مملكة الحشمو يائيم” أكثر من ثمانية عقود. وكان بإمكان القادة الإيرانيين أن يُبدوا تفاؤلاً أكبر فيتبنوا نبوءة “الإسلامي” بسام جرار، وفيها أن إسرائيل ستنتهي نهاية يونيو (حزيران) المقبل أو آخر العام الحالي 2022 على أبعد تقدير.