فضائح المعاقين وتخلُّف الإداريين
بقلم: أحمد الصراف

النشرة الدولية –

لا أعتقد أن هناك دولة في العالم، مثل الكويت، تعطي المعاق كل هذه المزايا المادية والنقدية، وتحرص في الوقت نفسه على إذلالهم وإهانة ذويهم!

أكتب ذلك عن خبرة تقارب الثلاثين عاما مع هيئة المعاقين، فابننا «طارق» مصاب بـ«إعاقة شديدة ودائمة»، لكني تجنبت انتقاد الهيئة كيلا أُتَّهم بأنني أسعى لمنفعة شخصية، ولكن يبدو أن مشاكل أو خراب الهيئة في تزايد مستمر، والضغط من أحبة للكتابة عن مشاكلهم معها في ازدياد، علما بأن السبب في تدهور وضعها لا يعود لإداراتها المتهالكة فحسب، بل لانعدام الوازع الخلقي في المجتمع أيضًا، الذي يتمثل في العدد الكبير من «ادعياء الإعاقة» بسبب الكرم في المزايا التي يحصل عليها المعاق، التي أقرت الحكومة جزءا منها وبالغت فيها ضغوط نواب من نوعية «خذ ما اتخذ»، وهذا زاد من عدد «مدعي الإعاقة»، ودفع غيرهم لإحداث إصابات دائمة بأنفسهم أو بأبنائهم، دون مبالغة، أو الإصرار على إنجاب أطفال معاقين بغية الحصول على مخصصات المعاق المالية الشهرية الضخمة، وبعضهم يُعرف عنهم «ازدواج التبعية، من واقع أرقام سياراتهم، الذين لا يراجعون الهيئة إلا لتجديد بطاقات أبنائهم أو لقبض «المقسوم»!

***

تقوم لجان هيئة الإعاقة، التي يكون أعضاؤها غالبا أصحاب خبرة وتخصص «طبي»، أو هكذا يفترض، بتحديد إعاقة الطالب أو رفض طلبه. كما تقوم بتحديد درجة الإعاقة، وتحديد المكافأة المالية والعينية التي يستحقها. وقد حصل، على مدى سنوات تلاعب كبير، وكبير جدا في تقارير بعض هذه اللجان. وعلى الرغم من أن الهيئة تعلن سنويا تقريبا، عن إحالة بعض مدعي الإعاقة، أو ذويهم للنيابة، بغية استرجاع ما حصلوا عليه من أموال كبيرة بالغش والتزوير، إلا أنني شخصيا لم أسمع يوما عن إحالة أي عضو لجنة للنيابة، لأنه زوَّر في المحاضر الرسمية، فالمعاق لا يحصل على التعويضات من نفسه، بل من خلال اللجان «المتخصصة»(!).

كما من الغريب جدا، وهذا ما ألمسه شخصيا، إصرار إدارة الهيئة على قيام المعاق بمراجعتها سنويا تقريبا، بالرغم من أن حالته مصنفة على أساس «شديدة ودائمة»، فهل يعتقدون أن «دائمة» تعني مؤقتة، أو أن ثقتهم بصحة شهاداتهم «مؤقتة»؟ فالأطباء الأعضاء في لجان تحديد الإعاقة يعلمون، أو هكذا يفترض، أن العلم الحقيقي لم يجد حتى اليوم علاجا لمرض الـMS، أو التصلب العصبي المتعدد، أو التخلف العقلي الذي يوصف بالدائم، فما سبب إصرار الهيئة على تجديد بطاقات الإعاقة لهؤلاء وغيرهم من أصحاب الإعاقات الدائمة… سنويا!

ولماذا لا تزال الهيئة، ومنذ سنوات، تشكو من نقص كبير في ملصقات الإعاقة الخاصة بسيارات المعاقين، الذين عليهم انتظار تجديدها أحيانا لشهرين أو أكثر.

***

أؤمن بأنني لو قمت بمراجعة هيئة الإعاقة لسؤال مسؤوليها عن سبب «كل شكوكهم» في المعاق، لأغرقوني بحالات الغش والتلاعب الغريب التي تعرضوا لها، والكم الكبير من تدخلات بعض النواب في أعمالهم، وتهديداتهم، وسماع الوزير المعني بالهيئة لشكاوى النواب بحقهم، واضطرار الإدارة غالبا لتلبية تلك الطلبات خشية إحالتهم للنيابة، أو التحقيق والعزل!

نريد نائبا شريفا يهتم بوضع الهيئة ويطالب بتعديل أوضاعها، من خلال إصدر قرار من رئيس الوزراء شخصيا، بمنع النواب من دخولها والتدخل في شؤونها! وإلى أن يأتي ذلك اليوم سنستمر على تخلفنا واعتقادنا أن تجميع ألف امرأة للصلاة أهم وأكثر بركة وأهمية من إصلاح مؤسسة فاسدة أو وضع مقلوب أو القبض على فاسد!

زر الذهاب إلى الأعلى