جنبلاط و«التغيير» الرابح الاول والحريري «نص نص»
بقلم: جويل بو يونس
النشرة الدولية –
الديار –
انتهت «سكرة الانتخابات» واتت «فكرة الاستحقاقات»، طويت صفحة استحقاق 15 ايار التي حكي فيها وعنها الكثير وشكك كثر بامكان حصولها لكنها حصلت في النهاية ونجحت وزارة الداخلية وحكومة الرئيس ميقاتي بتنفيذ ما وعدت به وكذلك نجح رئيس الجمهورية ميشال عون بالابقاء على ما قاله بان الانتخابات ستحصل مهما حصل، انتهى استحقاق الانتخابات وتوجهت الانظار الى صورة البرلمان الجديد بالموزاييك والبازل المتلون الذي افرزته انتخابات ايار وما سيرافقه من تشرذم اكبر متوقع وخلافات تبدأ من رئاسة مجلس النواب ونيابة الرئاسة وصولا الى تشكيل الحكومة والاستحقاق الرئاسي.
بالانتظار لا بد من قراءة تقييمية لما افرزته انتخابات 15 ايار بخاسريها ورابحيها، فعلى الرغم من معركة «كسر العضم» التي خيضت بين القوات والتيار الوطني الحر في محاولة من القوات «اسقاط جبران باسيل» مقابل سعي التيار لاثبات قوته ومكانته على الساحة المسيحية، يجمع اكثر من متابع سياسي على ان الرابح الاول هو «التغيير» عبر الوجوه التي خاضت الاستحقاق والتي وثق بها عدد لا باس به من الناخبين لمجرد اعتمادها شعار «انا التغيير» من دون حتى ان يطلعوا على البرامج التي يطرحها القسم الاكبر من الوجوه المرشحة تحت شعار «التغيير» والتي تمكنت رغم عدم توحيد لوائحها من اختراق دوائر كانت عاصية سابقا عن اي خرق فحصدت 15 مقعدا تحت قبة البرلمان.
«نصف رابح ثان» عبّد الطريق امام وصول قوى التغيير الى المقاعد البرلمانية بقراره العزوف عن خوض الانتخابات وتعليق العمل السياسي راهنا، هو سعد الحريري الذي جلس يوم 15 ايار يتفرج على نسبة مشاركة سنية لم تأت عىلى مستوى امال البعض ولا سيما في عكار وطرابلس المنية الضنية، وعلى سقوط كل من خرج عن القرار وترشح باستثناء العشائر التي لها حيثيتها، وعلى سقوط رهان من حاول وراثته وهو حيا، فؤاد السنيورة، فخذله ابناء بيروت الثانية ولم تحصد اللائحة التي دعمها اي مقعد باستثناء الاصوات التي صبت لمرشح جنبلاط فيصل الصايغ ،فايقن السنيورة الا زعامة سنية الا لسعد الحريري!
في ميزان الربح ايضا يمكن اضافة ما تمكنت القوات من حصده من مقاعد، ولو باستخدام كل الوسائل من الشعارات المناهضة لحزب الله الى دعم الخارج والمال الانتخابي الذي شرّعته بالملايين فوسعت تمثيلها قبل ان تمنى بالخسارة المدوية التي احدثتها رياح الكورة التي هبت على بشري محدثة زلزالا ليليا لم يخطر يوما على بال سمير وستريدا جعجع، بعدما اظهرت نتائج فرز قلمين في حصرون وزغرتا ارتفاع حاصل لائحة التيار الوطني الحر وضمان فوز الارثودكسي جورج عطالله والاطاحة بالحاصل الرابع للقوات في الشمال الثالثة ما شرّع حكما سقوط جوزيف اسحاق في عقر دار القوات اللبنانية واختراق ملحم وليام طوق الطوق القواتي في اسوار قلعة الحكيم، فنامت القوات ليل 15 ايار على اكبر كتلة برلمانية واستفاقت ليل 16 ايار على صفعة مدوية تكاد توازي بثقلها وحجمها السياسي خسارة 10 مقاعد نيابية.
خسارة القوات المدوية في بشري اتت ثقيلة على مناصريها وحتى نوابها، فبعدما كانت الاحتفالات بنشوة النصر قد عمت معراب كما بشري، احبط الجمهور القواتي، وعاش انتكاسة لم تكن متوقعة دفعت بالنائب بيار بوعاصي «للانتفاضة» على غروب واتساب قواتي حيث كتب بحسب المعلومات رسالة مطولة تحت عوان «سمعوني منيح» يقول فيها: «يا وقفو حفلة البكي والندب يا غيرو اسم الغروب يا تركو القوات، حققنا اكبر انتصار منذ وصول بشير لرئاسة الجمهورية، بقوتنا، مبارح سكرنا اليوم رجعنا للندب».
ما بحياتي شفت مجموعة بتنتصر بعد 30 سنة معاناة وبتحول انتصارها لهزيمة. مبسوطين يكون جبران مبارح متل البسين واليوم مستغل مندبنا وعم يشمت؟ المعركة هلق بلشت، انقضوا على الفلول واقضوا عليهم قبل ما يعملوا هجوم معاكس كاسح. واكمل بوعاصي: الناس شايفتكن بعين كبيرة ما تشوفو حالكن بعين زغيرة بتزغرو، انتصرنا، هزوا الدني!
هذا الندب القواتي كان سبقه قبل اعلان فوز جورج عطالله وملحم طوق احباط عاشه الجمهور العوني لساعات سرعان ما تبدل مع الاخبار الشمالية الايجابية فحوّل «ندب» العونيين والتياريين الى نصر لمجرد كسر القوات في قلعتها وحصنها المنيع وتزامن ذلك مع تواتر الاخبار عن خسارة القوات لمقعد الاقليات في بيروت الاولى وكذلك خسارتها لاي مقعد في عكار التي اتت نتائجها في الميزان العوني لتعوض خسائر «جزين المدوية» التي مني بها التيار بصفر مقاعد متدرجا على مدى السنوات السابقة من «جزين قلعة عونية» بدءا من 3 مقاعد الى مقعدين فصفر عام 2022.
نجحت عكار حيث فشلت جزين تياريا، فاستردت عكار والكورة اكبر كتلة برلمانية للتيار الوطني الحر اذا ما اضيف لها كتلة الطاشناق ومحمد يحيى السني.
هذا مسيحيا اما شيعيا، فتمكن ثنائي امل حزب الله من الحفاظ على كتلته ولو انه كما حلفائه خرقوا وللمرة الاولى بالوجوه التغييرية فطار اسعد حردان وحط الياس جرادة ولا بد هنا من الاشارة لخسارة الحليف مروان خير الدين مقابل فوز فراس حمدان.
وحده زعيم المختارة خرج رابحا اكبر واول من استحقاق ايار ولو بكتلة اقل من حيث العدد فالزعيم الاشتراكي ثبّت انه الزعيم الدرزي الاوحد فسقط مقعد طلال ارسلان التاريخي ولم يتمكن وئام وهاب مرة جديدة من اختراق اسوار المختارة.
على اي حال وبانتظار كيف سيرسو عليه المشهد تحت قبة البرلمان فالجو العام لا يوحي باكثرية واضحة لفريق معين بل بمجموعة فرق ستجتمع وتختلف فتتشرذم عند الاستحقاقات الكبرى ولعل رئاسة مجلس النواب اولى حقول التجارب!