فيديو جمال مبارك.. احتفال بالبراءة أم تمهيد للعودة إلى السياسة؟

النشرة الدولية –

الحرة –

بعد ظهور جمال مبارك، نجل الرئيس المصري الأسبق حسني مبارك، في فيديو مسجل يتحدث فيه حول رفع العقوبات الأوروبية على أسرته، ثارت التساؤلات حول مغزى الخطاب، وتوقيته، وإمكانية عودة الأسرة للسياسة.

وكان نجل الرئيس الأسبق أدين بالسجن 3 أعوام يناير 2016، في قضية معروفة باسم “القصور الرئاسية”، وأثبت فيها الادعاء أن أسرة مبارك استولت على 125 مليون جنيه (15.96 مليون دولار بسعر الصرف في ذلك الوقت) لتجديد مقار إقامتهم.

ويعاقب قانون مباشرة الحياة السياسية المصري المدانين في جرائم مخلة بالشرف من الحرمان من الترشح لأي منصب سياسي لمدة 6 سنوات.

وضجت وسائل التواصل الاجتماعي عقب ساعات من إصدار مبارك لبيان الأسرة، الثلاثاء، الذي يشير فيه إلى “الاختتام الناجح لجميع الإجراءات القضائية الدولية الخاصة بالأسرة” منذ تنحي مبارك عن السلطة عام 2011.

وانتشر هاشتاغ عبر موقع تويتر بعنوان “#جمال_مبارك_رئيسا_للجمهورية”، حيث أشار مغردون إلى أن استخدام هذه اللغة العاطفية في الخطاب توحي بإمكانية عودة جمال مبارك لميادين السياسة.

 

فيديو الانتصار

وظهر  جمال مبارك في فيديو، الثلاثاء، متحدثا باللغة الإنكليزية، قائلا: “المعركة القانونية التي واجهتها عائلة مبارك والتي استمرت عقدا من الزمن انتهت في أعقاب الحكم الأخير الصادر عن المحكمة العامة للاتحاد الأوروبي الذي أقر مرة أخرى بأن التدابير التقييدية التي فرضها مجلس الاتحاد الأوروبي على الأسرة كانت غير قانونية منذ البداية، وبعد قرار مكتب المدعي العام الاتحادي في سويسرا بتبرئة علاء وجمال مبارك بشكل كامل بعد انتهاء التحقيق الجنائي الذي دام 11 عاما”.

وأضاف: “لا يوجد دليل واحد على أن والدي الراحل أو والدتي قد امتلكا أصولا خارجية من أي نوع. ولم تثبت صحة الادعاءات بأن أفرادا آخرين من الأسرة أخفوا أصولا في الخارج. كان هناك إفصاح طوعي وشفاف عن جميع أصولنا بما يتماشى مع القوانين المعمول بها”.

وأكد أنه ينفذ رغبة والده في “شرح مثل هذه الإجراءات للعالم بأسره” معتبرا أن “الوقت قد حان لوضع الأمور في نصابها الصحيح”.

وقال جمال مبارك في الفيديو: “اليوم وبعد 10 سنوات من التحقيقات المستفيضة، بما في ذلك العديد من طلبات المساعدة القانونية الدولية المتبادلة بين مختلف السلطات القضائية والعديد من الإجراءات القضائية في دول عديدة، فقد ثبت أن جميع الادعاءات الموجهة إلينا كانت كاذبة تماما”.

وكان الادعاء العام الاتحادي في سويسرا قد أعلن الشهر الماضي أنه أغلق تحقيقا استمر 11 عاما يتعلق بالاشتباه في غسل أموال فيما يتصل بانتفاضة عام 2011 في مصر.

وقال مكتب المدعي العام السويسري في بيان “على الرغم من التحريات العديدة وتحويل 32 مليون فرنك سويسري إلى مصر في عام 2018، يتعين على مكتب المدعي العام الآن قبول أن التحقيق لم يستطع إثبات الشبهات التي تبرر اتهام أي شخص في سويسرا أو مصادرة أي أصول”، طبقا لما نقلته وكالة فرانس برس.

وأكد الادعاء السويسري أنه سيفرج عن المبلغ المتبقي الذي جمده والبالغ 400 مليون فرنك سويسري (429 مليون دولار).

وفي ذلك الوقت، أشادت أسرة مبارك بالقرار السويسري. وقال جمال مبارك في بيان إن “قرار مكتب الادعاء الاتحادي السويسري اليوم يؤكد صحة موقفنا بعد أكثر من عقد من التحقيقات المزعجة والعقوبات وتبادل المساعدة القانونية”.

وأضاف: “أصولنا وأنشطتنا كانت وما زالت مشروعة ومعلنة بالكامل للسلطات المصرية المعنية. ويعتبر القرار خطوة مهمة في جهودنا لتأكيد حقوقنا وإثبات براءتنا من المزاعم الكاذبة الموجهة لنا منذ 11 عاما”.

11 عاما من المعارك القضائية

يأتي قرار الادعاء السويسري بعد حكم المحكمة العامة للاتحاد الأوروبي في السادس من أبريل بتأييد إلغاء عقوبات فرضها الاتحاد على مبارك وأسرته وفك تجميد أصولهم.

وذكر حكم الاتحاد الأوروبي أن هذه العقوبات كانت غير قانونية وأمر المجلس الأوروبي بدفع تكاليف التقاضي التي تحملتها أسرة مبارك.

فبعد الإطاحة بمبارك فبراير 2011 في أعقاب ثورة 25 يناير، قدمت الحكومة المصرية عدة طلبات لسويسرا للحصول على مساعدة قانونية من أجل استعادة الأموال وطلب مسؤولون سويسريون الأمر نفسه من القاهرة، لكن هذه القضايا انتهت دون نجاح في 2017، وفقا لوكالة رويترز.

وتضمنت القضية الجنائية “المعقدة” في البداية 14 مشتبها من بينهم نجلا مبارك، علاء وجمال، بالإضافة إلى 28 شخصا و45 كيانا قانونيا تمت مصادرة أصوله، بحسب رويترز.

ومنذ عام 2015، أنهت اتفاقيات المصالحة والعديد من أحكام البراءة في مصر القضايا المتعلقة بالأطراف الرئيسية، وسحبت مصر مطالباتها المتعلقة بهؤلاء الأشخاص. ودفع ذلك السلطات السويسرية إلى إغلاق جزء من التحقيق وإعادة 32 مليون فرنك إلى مصر عام 2018.

وبحسب وكالة أسوشيتد برس، تم الإفراج بالفعل عن أكثر من 210 مليون فرنك سويسري في مرحلة مبكرة من القضية لعدم ثبوت المزاعم.

ولطالما كانت البنوك السويسرية على مر السنين ملاذا مفضلا للعديد من الأجانب الأثرياء، بما في ذلك أباطرة الصناعة الغربيين، والأوليغارشيون الروس، والمستبدون وغيرهم من القادة وعائلاتهم وأصدقائهم من مناطق عدة مثل أفريقيا والشرق الأوسط وآسيا.

وتوفي الرئيس الأسبق، محمد حسني مبارك، الذي حكم البلاد 30 سنة، في فبراير عام 2020 عن عمر يناهز 91 عاما.

وكان اسم علاء وجمال ابنا الرئيس المصري الراحل قد ورد اسمهما في تحقيق “كريدي سويس” اللذان أسسا إمبراطوريات تجارية في مصر كما تقول صحيفة “الغارديان“.

وذكرت الصحيفة البريطانية في فبراير الماضي أن علاء وجمال افتتحا أول حساب مشترك لهما في المصرف السويسري عام 1993، فيما كان رصيد أحد الحسابات باسم علاء مبارك قرابة 138 مليون دولار.

ويضم تسريب “كريدي سويس” الذي تم الكشف عنه قبل أشهر من قبل وسائل إعلام عالمية تفاصيل حسابات أكثر من 30 ألف عميل لدى ثاني أكبر مصرف في سويسرا.

وكان لدى الأخوين مبارك 6 حسابات في مصرف “كريدي سويس”، بما في ذلك حساب مشترك تضخم إلى حوالي 196 مليون دولار في عام 2003، وفقا للبيانات المسربة التي أوردتها صحيفة “نيويورك تايمز“.

دوافع سياسية

ومع ذلك، يرى محللون أن الخطاب الذي ذاعه جمال مبارك عبر يوتيوب باللغة الإنكليزية ليس سوى رسائل سياسية تمهد بإمكانية عودة عائلة مبارك للسلطة بعد أكثر من عقد.

ويعتقد أستاذ العلوم السياسية بجامعة بور سعيد، جمال زهران، أن الخطاب بهذا الشكل يشير إلى أن “جمال مبارك يجهز نفسه لمعركة قادمة”.

وقال لموقع قناة “الحرة” إنه “من الواضح أنهم لا يريدون غلق الصفحة السياسية وهذا يأتي بتشجيع داخلي وخارجي ليؤكد مدى ترابط الأوضاع الإقليمية والدولية” مع الداخل المصري.

وأشار إلى أن اللغة الإنكليزية المستخدمة في الخطاب توضح أنه يخاطب الخارج “لإثبات وجوده بالمشهد السياسي بدعم من أجهزة مخابرات خارجية … إن كان يحترم الشعب المصري تحدث باللغة العربية”.

بدوره، قال الكاتب الصحفي، علاء بيومي، إن الخطاب جاء وكأنه استفتاء على شعبية الرئيس المصري الحالي، عبدالفتاح السيسي.

وكتب في تويتر: “خطاب جمال مبارك بدأ ما يبدو وكأنه استفتاء على شعبية السيسي ونظام يوليو ٢٠١٣ على وسائل التواصل. والنتيجة هي كما ترونها. وبالمناسبة الاستفتاء يأتي بعد أن اتضحت معالم النظام وسياساته وشخصياته بعد ٩ سنوات في الحكم”.

وقال بيومي إن استخدام اللغة الإنكليزية “واضحة وقوية للغاية” يشير إلى ان الخطاب موجه للخارج، وخاصة الاتحاد الأوروبي.

وأضاف: “الكلمة مكتوبة بعناية وبلغة إنكليزية راقية كما أن الأداء فيه تمكن شديد من اللغة الإنكليزية ومن يستمع لها يشعر بالقدرات الخطابية لجمال مبارك”.

في المقابل، يذهب المحلل السياسي، محمود إبراهيم، في اتجاه مخالف بقوله إن استخدام اللغة الإنكليزية يشير إلى أن مبارك يرد على وسائل الإعلام الدولية التي تبنت التهم الموجه ضد الأسرة.

وقال لموقع “الحرة” إن الداخل المصري “غير مخاطب أصلا” في بيان البراءة المثير للجدل. وقلل من حجم تأثير الخطاب على المشهد المصري العام.

وأشار إلى أن الخطاب لا يعدو كونه مجرد إثبات براءة لأسرة مبارك من التهم الموجهة لهم في الخارج، مضيفا أن “أقرب التفسيرات الصحيحة هي رغبة الأسرة في تبرئة نفسها”.

وقال إن “هذا الخطاب من المفترض أن يلقيه حسني مبارك دفاعا عن نفسه … لكن رأيت في الطريقة واللغة أسلوب مبارك”.

وبينما يقول إبراهيم إن هذا البيان “سيتم استغلال بشكل أكبر من محتواه” من خلال استخدام “كل خصوم السيسي لهذا الخطاب للإشارة باحتمالية ترشح جمال مبارك للرئاسة”، يعتقد زهران أن مسألة ترشح نجل الرئيس الأسبق تبقى واردة.

وقال زهران الذي سبق أن شغل مقعد المعارضة بمجلس الشعب خلال الفترة ما بين عامي 2005 إلى 2010، إن التكهن في مستقبل جمال مبارك السياسي داخل البلاد صعب، على الرغم من أن الخطاب يسبب “حالة اضطراب سياسي في مصر”، على حد قوله.

وأوضح أن “الظهور المفاجئ (لجمال مبارك) تسبب في استياء شعبي عبر وسائل التواصل الاجتماعي وكأن الشعب مخطئا بالخروج في ثورتين آخر 10 سنوات”.

Back to top button