اضبطوا الجودة
بقلم: أسرار جوهر حيات

النشرة الدولية –

في الكويت، نادراً ما نجد ملفاً متفقا عليه، من كل الأطراف، فغالباً ما يكون هناك خلاف في وجهات النظر والمواقف في جل الملفات الكويتية، الا انخفاض مستوى جودة أداء الجهاز الاداري الحكومي في البلاد، فيبدو لي انه الملف الوحيد المتفق عليه من كل الأطراف، حيث ان الجميع يشتكي بشكل ما، البعض من سوء الخدمات، وآخرون من بطء اجراء المعاملات، وبعض منا يشتكي المحسوبية وغيرها، وكلها شكاوى تصب في محور مستوى جودة العمل الحكومي في الجهات المختلفة.

بل ان الغريب في الأمر ان الحكومة ذاتها، تعترف وبشكل غير مباشر، بانخفاض مستوى الجودة في أداء أجهزتها، ولولا هذا الاعتراف لما ضمّنت برنامج عملها محاور لتطوير أداء الجهاز الحكومي في البلاد، وهي خطوة تشكر عليها حكومتنا الرشيدة التي لا تكاد تولد، حتى تستقيل، ثم توزر من جديد وتستقيل وهكذا.

وتقودنا الرغبة الحكومية في اصلاح أداء الجهاز الاداري وتطويره، الى اقتراح مهم للحكومة، وهو انشاء جهاز متكامل يُعنى بضبط جودة الأجهزة الحكومية، من خلال ضبط أدائها، وضبط الخدمات التي تقدمها، خاصة ان حكومتنا لديها هواية تمارسها منذ زمن وهي هواية تفريخ الأجهزة، فعلى الأقل تكون هذه المرة هوايتها بالاتجاه الصحيح ولتطوير العمل الحكومي.

ورغم اني لست قانونية لأصيغ مقترحي بشكل يتماشى مع اللوائح والتشريعات، لكن كفكرة عامة تتلخص حول انشاء جهاز اداري، يتمتع بأعلى قدر من الاستقلالية الممكنة، ويراقب أداء الأجهزة الحكومية الأخرى، لغاية ضبط الجودة، وذلك عبر تخصيص مكاتب ومراقبين في كل جهاز اداري بالدولة، مهمة هذه المكاتب متابعة الاداء، في الجهات، وتقييم مستوى الخدمة المقدمة للمواطن، ورفع تقارير بذلك.

وتتمحور الفكرة بأن يصبح هذا الجهاز الجديد، جهازاً رقابياً، ويمتلك سلطة تقييم، وكذلك محاسبة وعقاب للمقصرين، أو جزاء للمجتهدين.

ويبدو لي ان جهاز متابعة الاداء الحكومي نواة جيدة لانشاء جهاز رقابي لضبط جودة العمل الحكومي، في حال لم ترغب الحكومة في انشاء جهاز جديد، خاصة في ظل النشاط الملحوظ مؤخراً في اعداده تقارير ونشرها على وسائل التواصل الاجتماعي، حول اداء بعض الجهات، الا ان اعطاء صلاحيات أكبر مع ضمان تمكين الجهاز من ضبط الجودة في تقديم الخدمات والعمل الحكومي ستكون الآلية التي ستضمن تحسين وتطوير العمل الحكومي.

ولا يخفى على أحد، ان متابعة وضبط الجودة، هما أسلوب متبع في معظم المؤسسات والشركات العالمية بل وحتى المحلية، الخاصة، حيث دأبت الشركات التي تهتم بتطوير ادائها وضمان الحفاظ على مستوى جودة العمل، أن تراقب الجودة في عملها لهذا الغرض.

ويمكن متابعة الجودة عبر ٤ طرق رئيسة، يمكن اجراؤها جميعها أو بعضها، وهي: شكاوى ومقترحات المراجعين، الاستبيانات للجمهور، ما يعرف بالمتسوق الخفي (أو المراجع الخفي) Mystery Shopper وهي آلية متبعة لارسال موظف يجري معاملة وهمية لتقييم الاداء، وأخيرا عبر التقييم الذاتي للادارة نفسها.

وسواء ارادت الحكومة انشاء جهاز جديد، أو منح صلاحيات رقابية أكثر لجهاز متابعة الاداء الحكومي، فالمهم هو أن تضبط جودة جهازها الاداري، وتطوره، فلا تنمية دون جهاز اداري متطور وذي جودة.

زر الذهاب إلى الأعلى