بري يبحث عن الصوت في «كومة قش»
بقلم: جويل بو يونس
النشرة الدولية –
الديار –
انه «التشرذم» بحد ذاته الذي يصلح دون غيره من المصطلحات لتوصيف الحالة التي افرزتها نتائج انتخابات 2022 وانعكست حكما على صورة البرلمان الجديد، فها هم النواب من اكثرية واقلية، و»تغييريين» او «سياديين» او احزاب تقليدية يقفون حائرين امام اول استحقاق متمثل بانتخاب رئيس مجلس نواب ونائب للرئيس، حتى ان الرئيس بري نفسه حائرا بامره، ولو ان كتلة التنيمة والتحرير قطعت الشك باليقين ورشحته لرئاسة المجلس.
لا يختلف اثنان على ان المشهد المرتقب تحت قبة البرلمان لن يشبه بشيء ما عهدناه في السنوات السابقة، فوضع الرئيس بري غير مطمئن ولو انه المرشح الوحيد لرئاسة مجلس النواب لكن الرجل الذي حاز على لقب «استاذ البرلمان»، والمعروف عنه حنكته السياسية وخبرته البرلمانية على مدى سنوات طوال، يدرك تماما انه بمأزق جدي يجهد للخروج منه باقل الاضرار الممكنة.
انه مأزق تأمين «حاصل انتخابي وفير» يليق بالرجل الذي عهدته كل العهود، فيؤمّن له عبورا سابعا آمنا الى كرسي البرلمان بمطرقته الشهيرة، الا ان الرجل المخضرم لا يزال حتى اللحظة يبحث عن صوت من هنا، ويفاوض على آخر من هناك، تماما كمن يبحث عن» الابرة في كومة قش»، علّه يتخطى عتبة ال50 صوتا، بعدما كان يضرب على طاولة البرلمان بقوة اصوات اما تتخطى المئة او تناهز المئة في اسوأ حالاتها.
فحتى اللحظة، لا تزال الاتصالات السياسية ناشطة، بحسب ما تؤكد المعلومات لاستمزاج الآراء ومعرفة شروط كل فريق ومطالبه للسير ببري رئيسا، وضمنه حكما نيابة الرئاسة كسلة متكاملة تشمل ايضا الحكومة، ومن هنا يترقب المعنيون الزيارة المرتقبة اليوم لوفد من التنمية والتحرير لكليمنصو للوقوف على خاطر زعيم المختارة الذي اعاد تثيت نفسه «بيضة القبان» والكف المرجحة باستحقاقات عدة، بعدما احكم الاطباق على اسوار المختارة دون السماح لاي احد باختراقها.
وفي هذا الاطار، تقول المعلومات ان «اللقاء الديمقراطي» يترقب ما سيحمله معه وفد بري ليبني على الشيء مقتضاه ، على ان يعقد يوم الاربعاء اجتماعا يجوجل فيه محصلة مشاوراته لتتضح بعدها الصورة، علما ان اوساطا موثوقة في «التقدمي الاشتراكي» اكدت ان جنبلاط لا يترك بري ، نظرا للعلاقة التاريخية التي تجمع عين التينة والمختارة.
وعليه، فالارجح بحسب المعلومات، ان يسير جنبلاط ببري، لكن في اطار تفاوض مسبق على مطالب قد يحددها كما غيره من الفرقاء في الايام القليلة المقبلة ،لاسيما انه « ما في شي ببلاش هالايام» على حد تعبير مصدر سياسي متابع.
وفي اطار المشاورات والاتصالات الجارية، وعلى الرغم من ان «القوات» لم تعلنها صراحة بعد، ولم تسم مرشحا لنيابة رئاسة مجلس النواب، لكن مصادر مطلعة كشفت ان ما تحاول «القوات» القيام به هو عملية جس نبض قبل تبني مرشحها الفعلي غسان حاصباني ، وهذا الامر يستشف من كلام النائب اللواء ريفي امس الذي قال: «سنؤيد لنائب رئيس مجلس النواب بالتفاهم مع القوات اللبنانية، وسنسير بخيار غسان حاصباني اذا تم ترشيحه».
وفي هذا السياق، تقول المعلومات ان تواصلا حصل بالساعات الماضية على خط معراب كليمنصو عبر اتصال اجراه رئيس حزب «القوات» سمير جعجع باحد نواب «اللقاء الديمقراطي» تم خلاله الاستفسار عن امكان سير جنبلاط بحاصباني لنيابة رئاسة مجلس النواب عبر السؤال: «شو رح تعملو بنيابة الرئاسة»؟ الا ان رد النائب «الاشتراكي» كان واضحا: «علاقتنا ببري تحتم علينا بعض الاعتبارات التي لا يمكن الخروج منها»، وانتهى الاتصال بعدم اعطاء «الاشتراكي» اي كلمة نهائية لـ «القوات» بانتظار لقاء اليوم.
وبين اسمي ملحم خلف وغسان حاصباني، يعلق مصدر سياسي مطلع بالقول: «حظوظ ملحم قليلة، فالاحزاب لن تعطيه هذه الهدية «ع بلاش» ولن تتمكن من «تقريش «تسميته في البورصة السياسية، اضف الى ذلك ان المجتمع المدني منقسم حيال اسمه، ما يجعل من حظوظه تتراجع في بورصة المرشحين الفعليين للمنصب.
يبقى حاصباني والياس بوصعب الذي لم يعلق حتى اللحظة باية كلمة، علما ان بعض زملائه كالنائب الآن عون كان واضحا عندما قال في اكثر من تصريح ان بوصعب هو مرشحنا الطبيعي لنيابة رئاسة مجلس النواب، ما اثار حفيظة البعض داخل التكتل، لاسيما ان التكتل لم يحسم قراره بعد بشأن الرئاسة والنيابة، ولو ان رئيس التيار كان واضحا عندما رفض اية مقايضة بين الرئاسة والنيابة، علما ان اوساطا مطلعة من خارج التكتل وصفت كلام باسيل بالمناورة بحد ذاته بانتظار حسم الشروط المطلوبة، وسط معلومات رجحت انعقاد اول اجتماع للتكتل اليوم تطرح على طاولته الامور كلها.
وبالانتظار، فالعين على التيار الوطني الحر لحسم اتجاه رئاسة مجلس النواب ونيابة الرئاسة، فهل يترك الحرية لنوابه للتصويت لبري او بورقة بيضاء ويدعم ترشيح الاورثوذكسي الياس بوصعب لنيابة الرئاسة، او يتنصل من دعم بوصعب على قاعدة: «نحنا ما بنعمل مقايضات» … فيما الافضل كما يقول مصدر مطلع من خارج التكتل القول: «نحنا ما بنعمل مقايضات على موقع نيابة الرئيس… فقط»!
وتابع المصدر نفسه بالقول: لا يمكن للتيار ان يعتبر الحصول على نيابة رئاسة مجلس النواب هو «مقايضة» ، في الوقت الذي يطرح فيه، ولديه مطالب تتعلق بهيئة مكتب مجلس النواب واللجان ورؤساها، وبالتالي فمجرد الدخول بطلبات وتفاهمات تشمل «السلة الكاملة»، فهذا بحد ذاته مقايضة، لان اي تفاهم على هذا الموضوع يتطلب الحصول على تصويت الفرقاء الآخرين، وهذه طبيعة العمل البرلماني.ويختم المصدر السياسي من خارج التكتل بالقول: هذا الامر مستبعد، فجميع الكتل ستدخل بتفاهمات وشروط وشروط مضادة لتحصل ما امكن تحصيله ، فكيف يمكن اذا اعتبار طلب نيابة الرئاسة مقايضة؟!