رواية (الغريب) ل(ألبير كامو)..

May be an image of 10 people, beard and text

نسرين كريم عبد الله

النشرة الدولية –

في رواية بحدود المئة وستين صفحة، قدم الروائي الفرنسي ألبير كامو رؤيته الفلسفية للحياة على لسان شخصيته الرئيسية (ميرسو)، قدمه كبطل اتراجيدي يواجه المجتمع والقدر بصمت اللاجدوى والعبثية، يحيي من خلاله عوالم الانسان.

تبدأ الرواية في قسمها الأول بتلقي البطل خبر وفاة أمه في دار للعجزة، لنتابع بعدها أحداث الدفن ونعيش برود ردة فعله.. حضر الموت وكان حضوره بالغ العمق والكآبة، يواجه فيها البطل موت أمه بكل برود وصمت، لتشكل وفاتها خلفية للأحداث فيما بعد لتبرز مقارنته في التعامل مع قضية الموت بين موقف كل من الأوروبيين والعرب.

May be an image of ‎1 person and ‎text that says "‎ketab ألبير كامو 2015 12.9. الغريب ترجمة محمد آیت حنّا منشور ات الجمل رواية‎"‎‎

سار الروائي مع تطور الأحداث في جمل قصيرة وإفراط في الذاتية عبر ضمير متكلم يعبر فيه عن الأفكار الظاهرة على سطح وعيه.. عاش على هامش المجتمع، بعيدا عن القناعات والمعتقدات السائدة، في حياة تكاد تشبه العدم، انتقل في القسم الثاني ليسرد اخباره حول علاقة حبه مع (ماري) التي تعامل معها بذات النظرة العبثية الفاقدة للإحساس بالأشياء، ولا تقيم لها وزنا في الحياة،  تقرب من صديقه الجار ريموند نزولا عند رغبة الأخير في مساعدته على الانتقام من عشيقته العربية، ليظهر نظرته الدونية للمرأة العربية ويعكس عنها صورة الخانعة الخائنة لتتطور الأحداث نحو قتل رجل عربي من دون سبب، ودخوله السجن.

في القسم الثاني أصبح صديقنا ميرسلوت حبيس السجن، أخذ يشرح ويتكلم لنا عن اعتقاله ووقته في السجن، وجلسات المحاكمة، لينقل لنا قدرة المرء على الاعتياد والتأقلم مع مختلف الظروف والخضوع لها، وفيها إشارة ضمنية لخنوع العرب وتتالي انكسارهم واستسلامهم، وقد ظهرت نظرته الدونية لهم من خلال سياق الرواية، فالشخصيات العربية هامشيّة لا فعل لها في صيرورة الأحداث، وردت بلا أسماء ولا أوصاف، باستثناء وجود الضحيّة في عقدة الرواية. ولكن حضوره أيضاً فيه تقزيم كبير له وازدراء أكبر   وردت بلا أسماء ولا أوصاف.

لم يدافع عن نفسه ولم يشعر بالذنب وقال انها من قوة حرارة الشمس، لينقل لنا فكره حول الموت بكونه واحد اكان قتلا ام طبيعيا، ولم يستطع ببساطة أن يظهر أي مشاعر شخصية لأي عمل في حياته على الإطلاق، حكم بالاعدام، وفي انتظاره الحكم قابله قسيس ليعرض عليه العودة إلى الرب، لكن ميرسلوت قابله بالرفض الجازم، ثم انفجر ميرسولت متحدثا عن إحباطه، وحماقة وسخف وعبثية حالات البشر، والعذاب الذي لاقاه، وبدون التوقف عن عدم وجود أي معنى من الوجود، أخذ بالتعبير عن غضبه تجاه الناس والعالم، بأي حق يحكمون عليه من أفعاله التي أرتكبها، لا أحد يملك الحق في ذلك..

وثم بعد كل ذلك الحديث، وصلنا لخط نهاية ميرسولت، الذي تم تجهيزه لتنفيذ حكم الإعدام بحقه.

لا يمكن قراءة هذه الرواية بمعزل عن سياقها الزمني، حيث عاش البير كامو فترة الانهيار السياسي والاقتصادي في نهاية الحرب العالمية الثانية، عاش غريبا في فرنسا، وعومل غريبا في الجزائر، غريب عن مجتمعه بعاداته وتقاليده، فكانت ردة فعله الباردة اللامبالية تجاه ما عايشه من ألم ليعكس فكرته في أن الاعتياد على اي وضع سبب لانطفاء اي ردة فعل.. يبحث عن معنى وهدف الحياة ويعجز عن ذلك فيقابلها بالعبثية.

مناقشة الرواية مع#نادي الكتاب اللبناني

Back to top button