وجوه كويتية في عالم المكتبات
بقلم: حمزة عليان
النشرة الدولية –
وفاة أول أمينة مكتبة نسائية المرحومة عزيزة البسام فتحت الباب أمام تساؤلات مستحقة: أين موقع المرأة الكويتية في عالم المكتبات؟ وأين مساهماتها في هذا الجانب؟ ولماذا التركيز على دور «الرجال» وتهميش المنجز النسائي، فالذين كتبوا عن تاريخ العمل المكتبي بمعناه الشاسع استبعدوا ما قدمته المرأة ومروا عليها لماماً؟
عزيزة البسام، يحسب لها أنها السباقة في خدمة «المكتبة النسائية» وإن كانت هذه التسمية لم تعد موجودة، لكنها تتوافق مع ظروف المجتمع حينما أنشئت عام 1966، ومع ذلك أضافت لخبرتها الميدانية والمهنية تخصصاً علمياً، فهي خريجة ليسانس تاريخ وبكالوريوس مكتبات، أي أنها جمعت الخبرة العملية مع التخصص الأكاديمي، وكانت بذلك إحدى السيدات اللواتي التصق تاريخهن الوظيفي بالمكتبات إلى جانب أعمال ثقافية وتطوعية أخرى، وأمضت أربعة عقود من حياتها متنقلة بين مكتبة الشامية (1966– 1990) ومكتبة الرميثية بعد التحرير، وأنتجت كتاباً سجلت فيه تجاربها بعنوان «ذكريات الحب والصمود والحرية».
تزخر الكويت بالعنصر النسائي الذي رفد عالم المكتبات وكانت لهن أياد بيضاء وما زلن يمارسن أدوارهن على مستويات عدة، ومن أولى السيدات اللواتي تخصصن في علوم المكتبات المرحومة وفاء الصانع التي تولت منصباً قيادياً في المكتبة الوطنية، وعلى المستوى الأكاديمي خطت جامعة الكويت نحو إنشاء برنامج الماجستير في المكتبات والمعلومات عام 1996، وأسندت إدارة هذا البرنامج إلى د. تغريد القدسي وكان يدرّس باللغة الإنكليزية ثم أصبح قسماً يعمل تحت مظلة كلية العلوم الاجتماعية عام 2003 وما زال.
أما في الهيئة العامة للتعليم التطبيقي فتأسس قسم المكتبات بكلية التربية الأساسية عام 2016 على يد سيدات كويتيات متخصصات في علوم المكتبات، منهن د. نهلة الحمود، ثم د. إقبال العثيمين التي طورت الكثير في المناهج والأدوات المتبعة، وهذا القسم يمنح شهادة الليسانس في علوم المكتبات، وقد نال الاعتماد الأكاديمي من المنظمة العالمية ومقرها في لندن، وكان أول قسم على المستوى العربي يحصد هذا الامتياز.
استقطب هذا التخصص (المكتبات والمعلومات) العنصر النسائي بشكل بارز إذ يشكلن 70% من الدارسين، وفي المناصب القيادية حظيت المرأة الكويتية بمواقع متقدمة وقدمت السيدات الكويتيات نماذج ناجحة سواء في التدريس أو الوظائف بعدما حصلن على الشهادات العلمية الممزوجة بالخبرات.
وفي سجل السيدات الكويتيات صفحات مضيئة في عالم المكتبات، نذكر منهن، مع الاعتذار ممن لم يذكر اسمها فالذاكرة قد تغفو عن تذكر البعض، إسهامات فريال الفريح من خلال المركز الوطني للمعلومات في معهد الكويت للأبحاث العلمية والمكتبة العلمية التي أضافت إليه عنصراً فاعلاً في مجالات الأبحاث، وإيمان العوضي وغيرهن ممن توالين على إدارة المركز والمكتبة.
ومن لا يعرف تاريخ ودور سعاد العتيقي ابنة مكتبات جامعة الكويت، والآن في إدارتها وإشرافها على مكتبة البابطين المركزية للشعر العربي وتميزها في هذا القطاع، وإذا استذكرنا جامعة الكويت منذ أيام سليمان كلندر نتوقف أمام السيدتين ضياء الجاسم، وتهاني كلندر، فلهما سنوات طويلة من الخبرة بعد أن نالتا تخصصهما العلمي من جامعة الكويت، وحصلتا على الماجستير في علوم المكتبات.
هناك مجموعة لا بأس بها من العاملات في حقل تدريس علوم المكتبات بالتعليم التطبيقي منهن: هناء مدوه، وعادلة التركيت ورابعة العيسى وأخريات لم تحضرني أسماؤهن، ولا شك بوجود أسماء أخرى، لست في مقام عمل جردة بمواقعهن أو تخصصاتهن، لكن رغبتي تكمن في إعطائهن حقهن من التقدير والمكانة على الأعمال التي قمن بها أو يمارسنها، سواء في إدارة المكتبات أو تدريس هذا التخصص، أو عمل الكشافات والفهرسة والببليوغرافيات.
الرحمة على الفاضلة عزيزة البسام والعزاء لأسرتها وعائلتها، والتي غادرتنا إلى باريها وهي ترفل بثوب العطاء والتطوع والإنسانية.