«رجال الظل» خلف عالم النشر والكتاب
بقلم: حمزة عليان

النشرة الدولية –

أكثر الأعمال استدامة في عالم المكتبات هو عمل الكشافات والببليوغرافيا، فهو مفتاح البحث والوصول إلى المعلومة، وبدون هذه الأداة سيكون وضع الدارس أو الباحث كمن يبحث عن قشة في عرض المحيط، وأفضل الخدمات التي يقوم بها المكتبيون تلك التي تعرف بالكشافات التحليلية، أشبه بالدليل الذي يوصلك إلى مبتغاك.

صحيح أن «العم غوغل» وأدوات البحث خطفت الناس إليه، لسهولة استعماله، لكن الموضوع أبعد بكثير مما يقدمه صاحبنا «غوغل»، لنفترض أنك دخلت إلى أي مكتبة أو دار محفوظات، وأردت أن تبحث عن موضوع معين من خلال الصحف أو المجلات أو المحاضرات أو الندوات، أو من خلال الكتب فمن سيساعدك في معرفة تواريخ وأماكن النشر؟ هذا ما قصدت توضيحه حول أهمية وجود «كشاف تحليلي» أو «ببليوغرافيا» .

لنأخذ على سبل المثال أن أحدهم أصدر كتاباً عن مذكرات أو كتب السيرة الذاتية، وأراد معرفة ما إذا كانت كتب سابقة صدرت في هذا الجانب تحديداً عن الشخصيات الكويتية في مجال الإعلام والصحافة، هنا تظهر أهمية الببليوغرافيا والتي تقدم حصراً بالكتب والإصدارات الخاصة بهذه الفئة، أي عنوان الكتاب واسم الناشر وسنة النشر واسم المؤلف بحيث يتسنى لك الوصول إلى المصدر بسهولة.

طبعاً هناك أعمال الفهرسة الشاملة لأي مطبوع تبقى هي حجر الزاوية والأساس، لكننا بصدد الحديث عن موضوع آخر وهو الكشافات التحليلية، كأداة من أدوات البحث.

مناسبة هذا الكلام أنني أطلعت على جهود الصديق– أبو يوسف- عبدالرحيم يوسف التلالوة، وهو من الرجالات الذين أفنوا عمرهم في عمل الفهارس والكشافات في مكتبة الكويت الوطنية، والمعاصر لمعظم الشخصيات والوجوه الأدبية والفكرية التي عرفتها الكويت.

أسميه «رجل الظل» الذي يلتزم الصمت فأعماله تتحدث عنه، يكفي أن توجه إليه سؤالا حتى يمطرك بوابل من الحكايات والروايات ويعدد لك المصادر والأشخاص الذين عاصرهم أو كانت لهم علاقة بالموضوع.

لقد وجدت المكتبة الوطنية (المركزية سابقا) أن من أهم مهامها الشروع بعمل الببليوغرافيات والكشافات الموضوعية الخاصة والعامة، لأن الكشف وسيلة مهمة من وسائل البحث الجاد والشامل.

من الأعمال التي أنجزها «الكشاف التحليلي لمحاضرات رابطة الإجتماعيين» 1967-2005 والصادر عن مكتبة الكويت الوطنية، وكتاب آخر بالاشتراك مع جمانة عبدالرسول أبل «الببليوغرافيا الكويتية» سجل الإنتاج الفكري الكويتي لمرحلة ما قبل الاستقلال.

قد لا يعطي البعض قيمة لهذا النوع من الأعمال، لكن تخيل نفسك أمام محاضرات وحلقات نقاشية شهدتها رابطة الاجتماعيين، وتريد أن تعرف ماذا عملت الرابطة في موضوع الإسكان في الكويت! سيكون الوضع عسيراً ومضنياً وسيستهلك البحث أياماً إن لم يكن أسابيع في الحالات الطبيعية، لكن «الكشافات التحليلية» ستعطيك الإجابة بالسنة والتاريخ واسم المحاضر والصفحات بأقل من دقيقة، بمجرد أن يتوافر لك الكشاف بين يديك.

وهذا ما فعله أبو يوسف بعد أن قام بتحليلها موضوعياً وترتيبها هجائياً للاستفادة منها، ورتب كل محاضرة أو ندوة أو حلقة نقاش بالموضوع.

في مقدمة الكشاف يكتب السيد عبدالرحيم يوسف التلالوة أنه لمس من خبرته في مضمار العمل المكتبي كيف يشاهد الكثير من الباحثين، وبالذات طلبة الدراسات العليا وهم يترددون على المكتبات، ومنها مكتبة الكويت الوطنية بحثاً عن الموضوعات التي تهمهم في أبحاثهم والتي توجد في بطون الكتب التي جمعت بها المواسم الثقافية في الرابطة، من هنا جاءت الحاجة إلى وجود الكشاف أو الدليل الذي يرشدهم إلى مبتغاهم.

أجد نفسي فخوراً بكل من ساهم أو عمل في إعداد وفهرسة وحفظ الإنتاج الفكري بكل أشكاله والببليوغرافيا والكشافات، فهؤلاء نرفع لهم القبعة للجهود التي يبذلونها لحفظ التراث الوطني الكويتي والإنتاج الفكري، ويستحقون التكريم فعلاً لا قولاً .

***

هنا أجد لزاماً على نفسي التنويه بجهود وموقع وتاريخ الزميلة الفاضلة موضي السيف التي لها باع طويل في عالم المكتبات، فهي أمضت سنوات من عمرها في مكتبات جامعة الكويت والحاصلة على الماجستير في علوم المكتبات من جامعة «لونغ أيلاند» في نيويورك عام 1981.

زر الذهاب إلى الأعلى