الأحمدية والصباح.. قصة وطن
بقلم: أحمد الصراف

النشرة الدولية –

تلقيت من صديق صورة لمبنى أول مدرسة درست بها في أوائل خمسينيات القرن الماضي، وهي مدرسة الصباح، فأرسلت الصورة بدوري للبعض وتلقيت ردودا طريفة، فكان هذا المقال.

***

افتتحت مدرسة الصباح في نهاية عقد الأربعينيات، مع التوسع في افتتاح المدارس الحديثة للمرحلتين الابتدائية والمتوسطة، مع زيادة موارد الدولة النفطية بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية، وربما التحقت بالصباح بين 1954 و1955، ولا أزال أتذكر وجوه غالبية مدرسي تلك المرحلة، والكثير من أصدقائي فيها، ومنهم الشيخان مبارك الجابر الأحمد، والمرحوم خليفة العبد الله، إضافة لفيصل الجاسم، وصالح المسلم، وعدد من أبناء الحرز والقطان والعبدالمحسن، والمتروك، والمطوع، والجناعات والمزيدي، وسيد عابد، والموسوي، والصايغ والفهد والإبراهيم ومعرفي وآخرون.

ومن المدرسين الذين لا أزال أتذكر وجوههم جيدا، والذين رحلوا عن دنيانا، الوكيل الأستاذ مجيد، والأساتذة حمد الرجيب وأيوب حسين وأحمد المهنا وعيسى عبيد وأحمد اللباد، وصالح شهاب، ومحمد علي وغيرهم.

***

كما أخبرني صديق أعتز بعلمه قصة تأسيس المدرسة الأحمدية، والتي بدأت فصولها مع تناقص الموارد المالية للمدرسة المباركية، أول مدرسة نظامية في تاريخ الكويت، وأثّر ذلك في مستوى التعليم فيها فألغي تدريس بعض المواد مع رفض تدريس اللغة الإنكليزية فيها، والاكتفاء بالمواد الدينية والحساب، فأثارت تلك القرارات حفيظة مستنيرين من أمثال الشاعر ورجل الدين يوسف بن عيسى والشاعر صقر الشبيب، والمؤرخ عبد العزيز الرشيد فذهبوا يشكون الأمر للحاكم، الشيخ أحمد الجابر الصباح، طالبين منه التدخل وفرض تدريس العلوم الحديثة والإنكليزية في المباركية، وإسكات المعارضين المتشددين من أولياء أمور ورجال دين، ولكن الشيخ أحمد، ولأسباب معروفة وحساسة، سبق أن تطرقنا لها في مقالين سابقين، طيب خاطرهم وعرض عليهم افتتاح مدرسة جديدة يقومون من خلالها بتدريس ما يشاؤون من مواد، وهذا ما تم بالفعل، حيث تداعى عدد من خيرة الرجال المعروفين بحبهم للعلم وجمعوا مبلغ 13 ألف روبية، يتكرر دفعها كل عام، وشاركهم الحاكم في التبرع بمبلغ ألفي روبية، يتكرر أيضا دفعها في السنوات التالية، وتم تكليف المصلح يوسف بن عيسى بتولي إدارتها، وسميت بـ «المدرسة الأحمدية» تيمنا باسم الشيخ أحمد الجابر، وبدأ البناء عام 1921، وكان موقعها على البحر في منطقة جبلة، قريبا من المتحف الحالي.

***

لم تنجُ مناهج المدرسة «الليبرالية» نوعا ما من النقد الشديد من غلاة رجال الدين والمحافظين، لأنها جعلت تدريس العلوم الحديثة واللغة الإنكليزية ضمن مناهجها. ولم يرضوا عن تعيين يوسف بن عيسى ناظراً لها، علما بأنه كان أيضا أول ناظر للمباركية، لشكهم في نواياه في تطوير التعليم! ولا يبدو أن الأمور تغيرت كثيرا اليوم عما كانت عليه قبل 100 عام، بالتمام والكمال، فقوى التخلف والتحجر لا تزال تعمل لتعطيل تقدم الدولة، لعلمها بأن أي تقدم ليس في مصلحتها!

زر الذهاب إلى الأعلى