هل لا يزال المواطن اللبناني يؤمن بالنظام الحالي سبيلاً لخروجه من المشاكل التي يمر بها؟

ام هناك حلول أخرى؟ الدولة المدنية نظام قد يحمل في طياته بقعة ضوء في هذا الظلام الدامس.

النشرة الدولية –

منذ تأسيس لبنان الكبير تم طرح مفهوم الدولة المدنية ومنذ ذلك الوقت يتعرض المواطن اللبناني لمذبحة عناوين عريضة وشواهد فلسفية وشعرية برّاقة لا تنتهي مآثرها في أي ظرف من الظروف بل تعلو موجتها في جميع المواسم السياسية لاسيما الانتخابات بكافة اشكالها بحيث تكون سلاح المرشحين على شاشات التلفزة وعلى اثير هواء الإذاعات.

أردنا من خلال مناقشتنا لهذا الموضوع ان نساهم ولو قليلاً بتبسيط المفاهيم والعناوين المرتبطة بالدولة المدنية كي يصبح المواطن على بَينة مما قد يُطرح امامه من أفكار او مواضيع مرتبطة بهذا الموضوع بالذات.

بداية هناك مبادئ ينبغي توافرها في الدولة المدنية والتي إن نقص أحدها فلا تتحقق شروط تلك الدولة أهمها أن تقوم تلك الدولة على السلام والتسامح وقبول الآخر والمساواة في الحقوق والواجبات، بحيث أنها تضمن حقوق جميع المواطنين.

أهمية مبدأ المواطنة والذي يعني أن الفرد لا يُعرف بدينه أو بإقليمه أو بماله أو بسلطته، وإنما يُعرَّف تعريفا قانونيا اجتماعيا بأنه مواطن، أي أنه عضو في المجتمع له حقوق وعليه واجبات، وهو يتساوى فيها مع جميع المواطنين.

في الدولة المدنية يجب عدم خَلْط الدين بالسياسة، وليس من وظائفها أيضاً مُعاداة الدين، لكن من واجباتها وضع مسافة واحدة بينها وبين الأديان، وعدم السماح باستغلال الدين أو استخدامه لأغراضٍ خاصةٍ أو سياسيةٍ، مع تأكيد الاحترام لجميع الأديان وحق الإنسان في العِبادة وممارسة الشعائر والطقوس بحريةٍ ومن دون قيود.

اولى أسس الدولة المدنية هي اللامركزية الإدارية:

اللامركزية الإدارية هي نوع من التنظيم الإداري للدولة الموحّدة يقوم على نقل صلاحيات إدارية من الدولة المركزية إلى وحدات محلية منتخبة مباشرة من الشعب تتمتع بالاستقلالين الإداري والمالي.
على الرغم من شبه الإجماع حول اعتماد اللامركزية الإدارية ولاسيّما بعد ورود هذا البند في اتفاق الطائف، لم يقرّ قانون في هذا الاتجاه لغاية تاريخه.

وتجدر الإشارة هنا ان اللامركزية تختلف عن الفدرالية، فالفدرالية نظام سياسي أما اللامركزية فنظام إداري. الفدرالية مصدرها الدستور، وتقوم على توزيع للسلطات بين الوحدات الجغرافية، أما اللامركزية فمصدرها القانون وليس الدستور وتقوم على منح الوحدات المنتخبة محليًا والتي تتمتع بالاستقلال المالي والإداري، صلاحيات إدارية واسعة.

كما هي عنوان كبير للإصلاح، اذ أصبحت اللامركزية معبرًا نحو التنمية وتطوير الحياة الاقتصادية في المحافظات والأقضية، تترك أثرًا إيجابيًا في مختلف الوحدات من تطوير السياحة والاقتصاد والزراعة وغيرها وتنمية المجتمع ونشر التوعية الاجتماعية.
أبرز مهام هذه المجالس المحلية:
– تخطيط أشغال وتنفيذها وتطوير البنى التحتية بما فيها السدود والبحيرات ومجاري الأنهر وإنتاج الطاقة، والمشاريع الخدماتية والانمائية والاستثمارية.
– حماية البيئة والثروة الحرجية.
– وضع خطة للتنمية السياحية وتعزيز الإعلام السياحي.
– وضع خطة للتنمية الثقافية وحماية التراث والإرث الثقافي والآثار.
– إنشاء الحدائق والساحات العامة والملاعب والمجمّعات الثقافية والرياضية والترفيهية.

ثانياً: الغاء الطائفية السياسية

لا تجد أحدًا، أو تكاد لا تجد أحدًا، يناصر الطائفية بل ترى كل واحد يعلن، على طريقته، التبرؤ منها، وهنا تواجهنا الأسئلة المنطقية التالية: كيف يمكن أن نبقى على الطوائف من دون أن نلغي توازن الطوائف؟ وكيف يمكن أن نلغي سياسة الطائفية من دون أن نلغي مشاركة الطوائف مشاركة متوازنة في ممارسة السلطة وتولي الأمر وباختصار: كيف يمكن أن نلغي سياسية الطائفية من دون أن نلغي شروط العيش المشترك؟

ان إلغاء الطائفية السياسية من دون إلغاء الطوائف هو الإشكال القائم بين الانتماء إلى الوطن والانتماء إلى الطائفة.
يكون الحل اولاً بعدم تخصيص أي طائفة بأي منصب، بل مداولة المناصب جميعها والتناوب عليها، فيكون اذاً التنوع والاختلاف تحت ضغط ضرورات العيش المشترك، بوصفها مصدرًا للغنى وضمانًا للحرية، وتحقيقًا لمعنى لبنان وصولاً الى الهدف المنشود.

ثالثاً: الزواج المدني الاختياري

بدأت نقابة المحامين نضالها في موضوع الزواج المدني سنة 1951 في عهد النقيب نجيب الدبس بحيث طرحت لأول مرة مشروع القانون المدني للأحوال الشخصية في لبنان. وفي عام 2014 عاد موضوع الزواج المدني يطرح على الطاولة، فشكل النقيب جورج جريج لجنة لإعداد وصياغة مشروع قانون الزواج المدني الاختياري في لبنان.

من شأن الزواج المدني ان يعزز مفهوم المواطنة التي ترتكز على مساواة اللبنانيين امام القانون في ممارستهم لكافة حقوقهم المدنية لا سيما تلك المتعلقة بأحوالهم الشخصية.

ان هذا المشروع هو احدى الركائز الأساسية لبناء دولة مدنية متطورة تحترم الاديان والحريات العامة المكرسة في الدستور اللبناني والمواثيق الدولية التي يلتزم بها لبنان ويؤسس لدولة تخول جميع المواطنين اللبنانيين وغير اللبنانيين رغم اختلاف معتقداتهم الدينية لتكريس حقهم بعقد الزواج المدني على الاراضي اللبنانية.

ختاماً نصبو التوصل الى دولة تنضوي تحت اجنحتها جميع شرائح المجتمع اللبناني على اختلاف طوائفه واديانه ومشاربه وصولاً الى الوطن النهائي الذي يحلم به جميع المواطنين والذي يكونون فيه سواسية امام القانون بحيث يسود السلام والعدل والمساواة.

زر الذهاب إلى الأعلى