المعلوماتية يجب ان تكون في خدمة الإنسان
بقلم: المحامي جو عقيقي

النشرة الدولية –

منذ تسعينيات القرن الماضي، والعالم يشهد ثورة كبيرة لناحية التطور السريع في مجال التكنولوجيا لارتباطها العضوي مع شبكة الانترنت مما جعل من العالم قرية صغيرة.

وقد أدت الى نتائج عميقة على حياة الناس بحيث طاولت مختلف المجتمعات نتيجة لهذا النمو السريع الذي ساهم بشكل إيجابي في تطور حياة الانسان. لكن ومع الاسف ظهر وجه آخر سلبي تمثّل في نشوء أنواع جديدة من التعديات على الحقوق، لم تلحظها القوانين اللبنانية، التي ظلت بعيدة عن حماية المجتمع بشكل كاف وفعال، مما جعل من مرتكبي هذه التعديات بمنأى عن العقاب في بعض الحالات بسبب فقدان الرادع القانوني المناسب.

ان المعلوماتية يجب ان تكون في خدمة الإنسان، لا ان تؤدي الى الاعتداء على الهوية الإنسانية، ولا الى انتهاك حقوق وحريات الإنسان أو حياته الخاصة.

ما هي جرائم الكومبيوتر وأنواعها؟

يمكن تقسيم تلك الجرائم الى نوعين: النوع الأول يقع على جهاز الكومبيوتر نفسه وما يشمله من معلومات وأنظمة وبرامج، والنوع الثاني يتعلق بالجرائم التي تتخذ الكومبيوتر وسيلة لتحقيق مآربها الجرمية.

أولا: فيروس الكمبيوتر

أي الجرثومة التي تصيب برامج أو معلومات أو جهاز الكومبيوتر، محدثة الضرر الذي قد يصل الى حد تعطيله كلياً أو جزئياً، وينتقل هذا الفيروس، من جهاز الى جهاز آخر، ويؤدي الى تخريب أو فقدان المعلومات التي يختزنها الجهاز المصاب.

ثانياً: الاحتيال بالكمبيوتر

هو كل تصرف يهدف من خلالها المجرم الى تحقيق مكاسب مالية عبر استخدام الكومبيوتر كسحب الأموال من حسابات مصرفية عبر مناورات احتيالية، أو الاحتيال على الأشخاص أو الشركات للاستيلاء على أموالها.

ثالثاً: سرقة داتا المعلومات

عبر سرقة المعلومات والبرامج المخزنة في الكومبيوتر. فالحصول على الأسرار الصناعية لشركة كبرى بشأن سلعة معينة قد استلزم التوصل اليها الكثير من الجهد والوقت والمال، يشكل جريمة السرقة المعاقب عليها جزائياً. وهذا النوع من السرقات شائع في عمليات القرصنة التي تقع على الفيديو وبرامج الكومبيوتر.

للأسف ان قانون العقوبات اللبناني النافذ جرى وضعه في الاربعينات من القرن الماضي، والتعديلات العديدة التي أدخلت على هذا القانون لم تلحظ لغاية تاريخه اي ذكر لهذا الامر.

ولكن رغم ذلك فانه يمكن عمليا تطبيق العديد النصوص القانونية على جرائم المعلوماتية خاصة في الجرائم التقليدية التي تحصل بواسطة وسائل الكترونية.

اذ نصت المادة /281/ من قانون العقوبات:” يعاقب بالحبس من دخل او حاول الدخول الى مكان محظور بقصد الحصول على اشياء او وثائق…”

كذلك فان نص المادتين /282/ و/283/ من قانون العقوبات:” يعاقب بالحبس من يقدم على سرقة او حيازة وثائق او معلومات مثل ان تكون مسجلة على اشرطة الكترونية او اسطوانات مدمجة تستعمل في الكمبيوتر ويمكن بالتالي ان تكون مواد جرمية.

اضافة الى ذلك يمكن تطبيق نص المادة /635 /عقوبات وما يليها التي تجرم اعمال السرقة على انواعها التي تقع على اجهزة الكمبيوتر من معلومات المادية وتوابعها…

المرة الاولى التي تعاقب فيها بعض جرائم المعلوماتية بنص صريح كانت في صدور قانون حماية الملكية الادبية والفنية رقم 75 تاريخ 13/4/1999

ايضاَ قانون حماية المستهلك 659 تاريخ 4/2/2005 الذي أورد تنظيما لبعض العمليات التجارية التي يجريها المحترف عن بعد بواسطة الانترنت وفرض عقوبات على بعض المخالفات والجرائم المتعلقة بالموضوع.

كما تجدر الإشارة هنا انه يستمر ارتفاع نسب الجرائم الإلكترونية في لبنان، والتهديد بنشر صور ومقاطع فيديو غير لائقة لا سيما بحق النساء والفتيات، ويتضح ذلك من خلال الأعداد المتزايدة للقاصرات (10- 15 سنة) اللواتي يتعرضن للابتزاز.

ويعتبر الابتزاز الإلكتروني، أحد الجرائم التي تضاعفت في لبنان خلال السنوات الأخيرة بسبب جائحة كورونا والحجر الصحي، حيث يتعرض كثيرون للتهديد بفضح محادثاتهم وصورهم.

ويصف القانون اللبناني الابتزاز بالجريمة، فبحسب المادة 650 من قانون العقوبات، “يُعاقب كل شخص يهدد شخصا آخر بفضح أمر ينال من شرفه أو كرامته أو اعتباره، بالسجن من شهرين إلى سنتين، وبالغرامة المالية

يتم التعامل مع شكاوى الابتزاز والتحرش الإلكتروني من خلال إجراءات التحقيق، وصولًا إلى كشف المرتكبين وسَوقهم إلى العدالة، بناءً على الشكاوى التي تَرِد إلى مكتب مكافحة جرائم المعلوماتية، وذلك بإشراف الجهات القضائية المختصة.

لذلك لا بد من الحذر التام والعمل على حماية البيانات الشخصية بواسطة البرامج الخاصة واتباع إرشادات الجهات المختصة، وقبل كل شيء توعية الأولاد والقاصرين حول المخاطر التي قد يتعرضون لها في أثناء استخدام مواقع التواصل الاجتماعي وشبكة الإنترنت عمومًا.

وفي النهاية ُينصح أولياء الأمور دائماً ان يكونوا متيقظين وحريصين وان يكتسبوا ثقة اولادهم كي يتعاملوا مع أي حدث قد يطالهم بالطريقة الصحيحة حفاظاً على صحتهم النفسية والجسدية.

 

 

 

زر الذهاب إلى الأعلى