العرض الأمريكي للبنان: الكهرباء مقابل الغاز من كاريش، وخيار الحرب يتقدم بسرعة
النشرة الدولية –
الثائر – اكرم كمال سريوي –
طرح لبنان على الوسيط الأمريكي عاموس هوكشتين، الذي يقود عملية المفاوضات غير المباشرة بين لبنان وإسرائيل، لترسيم الحدود البحرية، معادلة “قانا مقابل كاريش” . فعرض لبنان التنازل عن المطالبة بالخط 29 ، الذي يمرُّ بحقل كاريش، مقابل الحصول على اتفاق، يضمن للبنان ملكية كامل حقل “قانا”، الذي يقع حوالي 20% منه جنوبي الخط 23 .
بعد زيارته الأخيرة للبنان كان هوكشتين واضحاً بالقول للبنانيين: لا تبحثوا عن القانون الدولي لترسيم الحدود، واقبلوا بما يُعرض عليكم الآن، لأنه ليس لديكم شيء، وإلّا ستخسرون كل شيء.
ويعلم هوكشتين أن إسرائيل ترفض العرض اللبناني، وهي غير مستعجلة على الوصول إلى حل مع لبنان، وفقط تريد تمرير استثمارها لحقل كاريش، دون اعتراض لبناني.
وهكذا تم تقديم جزرة إلى الجانب اللبناني: هي عبارة عن تسهيلات أمريكية لمرور الغاز المصري، والكهرباء من الأردن، عبر سوريا إلى لبنان، مقابل تنازل لبنان عن الخط 29 والسكوت عن استخراج إسرائيل للغاز من “كاريش”.
وبشكل أوضح، فالمعادلة الأمريكية الإسرائيلية هي: “كاريش” مقابل الكهرباء للبنان.
خيارات لبنان:
الخيار الأول للبنان هو: الموافقة على الشروط الأمريكية، والعودة السريعة إلى مفاوضات الناقورة، وتوقيع اتفاق الحدود وفق الخط المتعرّج الذي اقترحه هوكشتين، بحيث يكون الجزء من حقل قانا، الذي يقع شمالي الخط 23 ملكاً للبنان، على أن تمتد الحدود الفاصلة بعده وفقاً لخط هوف . وهذا الخيار يستبعده المراقبون، وهو يلقى معارضة واسعة في الأوساط اللبنانية، لأنه حل مُجحف بحق لبنان.
الخيار الثاني: في حال المماطلة الإسرائيلية، وعدم الرد خلال الأسبوعين القادمين، على المقترح اللبناني، يقوم لبنان بتوقيع مرسوم تعديل الحدود رقم 6433، وإيداعه لدى الأمم المتحدة، وتأكيد ملكيتة لجزء من حقل كاريش. على ان يتبع ذلك؛ شكوى إلى مجلس الأمن، ضد اسرائيل، لإقدامها على الاعتداء على حقوق لبنان، وسحبها الغاز من حقل كاريش المشترك، والواقع في منطقة متنازع عليها، ويجب أن يتبع ذلك أيضاً، تحريك للمسار القضائي لدى محكمة العدل الدولية، بشكوى ضد اسرائيل، وشكوى أُخرى ضد شركة “اينرجين”، المالكة للباخرة الراسية فوق حقل كاريش. ويلقى هذا الخيار تأييداً واسعاً في لبنان.
الخيار الثالث: في حال استمرار إسرائيل بالعمل في حقل كاريش، يُعلن لبنان أنه يتعرض للاعتداء، وعليه العمل بمنع ذلك بكافة الوسائل المتاحة، بما فيها اللجوء إلى القوة.
وفي هذه الحالة سيتم قصف الباخرة اليونانية، لمنعها من الاستمرار بالعمل.
تُهدد إسرائيل لبنان، ويقول قادتها: بأن هذا الخيار ستكون تكلفته مُدمّرة وباهضة على لبنان. لكن في الحقيقة فإن أي حرب مع لبنان، ستكون لها أيضاً تكلفة باهضة على إسرائيل، وستفوق خسائرها ما يمكن أن تجنيه من حقل كاريش، الذي يقدر مخزونه بحوالي 1,3 مليار قدم مكعب من الغاز فقط. (ستكون حصة إسرائيل منه، أقل من ملياري دولار، بعد تقاسمها الأرباح مع الشركات) وإن القادة الإسرائيلين يعلمون ذلك جيداً.
ليست الحرب هي الخيار الأفضل، لكن إذا وجد لبنان أنها الخيار الوحيد المتبقي لديه، لمواجهة التعنّت الإسرائيلي، والمماطلة في المفاوضات، والاستمرار في سرقة ثروات لبنان، فعندها سيفعل ذلك.
من جانبه أعلن حزب الله، وعلى لسان أمينه العام السيد حسن نصرالله، الاستعداد لهذا الخيار، وقال بوضوح: ستكون المقاومة جاهزة لحماية حقوق لبنان، إذا أعلنت الدولة اللبنانية أنها تتعرض للاعتداء، والمقاومة جاهزة للرد على أي عدوان إسرائيلي، واسع النطاق على لبنان.
تحاول إسرائيل عدم إغلاق باب التفاوض، لكنها لا تريد الوصول إلى حل، وبات الوقت ينفذ أمام لبنان ولذلك هناك شبه إجماع شعبي لبناني، على ضرورة التحرك الرسمي، وعدم تفويت الفرصة وإهدار حقوق لبنان، لأنه اذا حدث ذلك، فقد تمر سنوات طويلة قبل أن يتمكن لبنان من الاستفادة من ثرواته النفطية، مع العلم أن الدراسات الدولية، للمسح الجغرافي في المنطقة الاقتصادية الخالصة، تُقدّر حجم احتياطي الغاز في المياه اللبنانية ب 750 مليون متر مكعب، بينما يُقدّر الاحتياطي في مياه فلسطين المحتلة ب 199 مليون متر مكعب فقط، وقد استولت عليها إسرائيل بالكامل.
حتى الآن يبدو أن خيار الحرب والمواجهة يتقدم على ما عداه، رغم أن كافة المعلومات تُشير إلى أن الأمريكيين غير راغبين باندلاع مواجهة في الشرق الأوسط الآن، لأنها قد تؤثر سلباً على إمدادات الغاز إلى أوروبا، التي تواجه مشكلة كبرى، بعد اندلاع الحرب في أوكرانيا.
ويرى بعض المراقبين، أن الزيارة المرتقبة للرئيس الأمريكي جو بايدن إلى المنطقة، في شهر تموز القادم، هي محاولة للتهدىة، وترتيب بعض المواضيع، خاصة المتعلقة بالغاز والنفط، ولذا يُستبعد أن يحصل الآن أي تصعيد عسكري، غير محسوب النتائج، خاصة من جانب إسرائيل.