رحلة السعادة والسلام في سفينة شباب عُمان

النشرة الدولية –

أثير –

No description available.

 يمينة حمدي صحافية وكاتبة تونسية مقيمة في لندن –

لم يسبق لي السفر بحرا، لكن بمجرد أن وطأت قدماي “سفينة شباب عُمان الثانية” الشراعية التي رست بمرسى “ويست إنديا دوك في لندن”، وقعت في حب السفر عبر البحر، بعد أن عشت نهاية أسبوع غير اعتيادية، ليس فقط لأنني تحررت من الروتين اليومي لوتيرة الحياة السريعة في لندن، بل لأني ألقيت نظرة غير منحازة على الثقافة العُمانية وتاريخها العريق، من مكان مُفعم بمشاهد الحياة، وتأملت اللوحات الفنية والتحف اليدوية المختلفة للحضارة العمانية، وكأنني مسافرة عبر الزمن، لا مجرد زائرة لسفينة.

رغم أنني لم أسافر جغرافيا، ولكنني خضت تجربة مثيرة بالشغف، بعد أن جلست على دفة قيادة أكبر السفن الشراعية المزودة بأحدث الأجهزة الملاحية وأنظمة الاتصالات الحديثة، والتقنيات المتطور التي تعزز من سرعتها القصوى، ووقفت بجانب أشرعتها العملاقة، وتجولت بين أروقتها الموزعة على أسطحها الثلاثة، التي تحتوي على وسائل حديثة لخدمة البحارة وتسهيل معيشتهم أثناء رحلاتهم الطويلة، واكتشفت أجزاء وتجهيزات السفينة، وأنظمة التواصل وأجواء العمل على متنها.

صعودي على متن سفينة “شباب عمان الثانية”، غمرني بسعادة تكفي لكي تبقى راسخة في ذاكرتي، مثلما أتاح لي الفرصة لألتقي بشباب في مقتبل رحلتهم الملاحية لشق عباب البحار بسفينة شراعية، ولكنهم كبارا بأفكارهم وطموحاتهم وإنجازاتهم وتطلعاتهم نحو المستقبل.

وتعلمت أمورا كثيرة عن التسامح والحكمة، والشجاعة، والاحترام مستقاة من بيئة عُمان المتسامحة والمنفتحة على العالم، تعلمتها من أجيال أصغر سنا من شيوخ الحكمة التاريخية في السلطنة. أجيال تستمد حماستها من جرأة الرحلات البحرية المليئة بالمغامرات والصعاب، خاصة بعد أن دخلت مع بعضهم في نقاشات تناولت موضوعات مختلفة.

وكأن البحر قد لقن هؤلاء الشباب دروسا، في كيفية الإقدام على المجازفات والمخاطر، وأطلق العنان لقدراتهم الإبداعية، ومنحهم فرصة للتدريب والتجريب والمتعة والاستكشاف.

بدأت رحلتهم من السلطنة، في استعارة تاريخية تجسد علاقة عُمان بالملاحة البحرية التي تعود إلى أقدم العصور، ومرت السفينة بموانئ في دبي وأسبانيا وفرنسا وكرواتيا وبلجيكا وشقت طريقها إلى هولندا، بعد أيام من الرسو في لندن.

لكن رسالة “سفينة شباب عُمان الثانية” تمتد إلى ما هو أبعد من السفر والترحال، لتنشر ثقافة السلام من الخليج إلى المحيط، وتوثق أواصر الصداقة والإخاء بين سلطنة عُمان ومختلف دول العالم، وتعرّف بالثقافة العُمانية الأصيلة في مختلف المحطات الدولية للرحلة ومسارها نحو القارة الأوروبية.

ولا شك أن السلام، لغة عامة تعكس الثقافة الأشمل للشعب العماني وإن اختلفت طرق التعبير عنها بين الأجيال، ولكنني أدركت بعد صعودي على متن “سفينة شباب عمان الثانية” أن هذه النقطة التي أقف عليها على ضفاف نهر التايمز ومن على سطح السفينة التي حملت اسم “عُمان أرض السلام”، ليست سوى همزة وصل لعالم ضخم يربط العرب بالغرب.

زر الذهاب إلى الأعلى