جدري «القردة» يحطّ رحاله في لبنان… هل نحن أمام وباء فتّاك؟
النشرة الدولية –
الديار – شانتال عاصي –
إنّه عام الفيروسات بامتياز، فكلّما قرّرنا تجاوز الفيروس الأول يظهر الثاني كي يحبط عزيمتنا ويثير القلق في نفوسنا من جديد. بعد انتشاره في بلدان عدّة، وصل «جدري القردة» إلى لبنان، وأعلنت وزارة الصحة تسجيل أول إصابة في البلاد الإثنين، مما أثار مخاوف من تفشي المرض. إلّا أن الوزارة طمأنت في بيان صحافي، أن الحالة وافدة من الخارج، وتتبع حالياً العزل المنزلي، ووضعها مستقر من الناحية الطبية، مشيرة إلى أنها تعمل على تحديد ومتابعة المخالطين المقربين.
وفي حديث خاص لـ «الديار»، عرّف الاختصاصي في الأمراض الجرثومية والمعدية الدكتور جاك مخباط، عن «جدري القردة» قائلاً: «هو مرض فيروسي حيواني المنشأ يظهر بشكل رئيسي في مناطق الغابات الاستوائية المطيرة في وسط وغرب إفريقيا وينتقل أحيانًا إلى مناطق أخرى. وتشابه أعراضه كثيرا تلك التي شوهدت في الماضي لدى مرضى الجدري، على الرغم من أنها أقل خطورة من الناحية السريرية. وظهرت أولى الحالات المنتقلة إلى الإنسان في سبعينات القرن الماضي، عن طريق السفر وانتقال الحيوانات من بلد إلى آخر».
أما اللافت هذه المرّة، فكان تزايد عدد هذه الحالات الناجمة عن احتكاك مباشر بين الأشخاص، والعلاقات الجنسية المتعددة، حتى باتت بمثابة حلقة تزايدية سريعة بسبب هذا الإحتكاك المباشر والحميم.
أما مرض الجدري المياه المتعارف عليه، فشدد البروفيسور جاك مخباط أن ليس له أي علاقة بمرض جدري القرود أو أي نوع آخر من أنواع الجدري، كما أن نسبة الوفيات فيه ضئيلة جداً.
اعراض الفيروس
وبحسب مخباط، تبدأ الأعراض بالظهور على الشخص بعد مرور أسبوعين أو ثلاثة على إصابته بالفيروس، أهمّها: حمى – آلام في العضلات – صداع – بثور وطفح جلدي – تورم العقد الليمفاوية.
وكشف مخباط أنه في حال عدم ظهور أي أعراض على الشخص فلا يعتبر معدٍ، حتى ولو كان في فترة حضانة الفيروس. فتحصل العدوى من خلال الرذاذ التنفسي في حال كانت البثور قد بدأت بالظهور في فم المصاب، وكانت المسافة بينه وبين الشخص الآخر تقلّ عن متر واحد، مشدداً على أهمية ارتداء الكمامة لحماية أنفسنا من التقاط عدوى جدري القردة.
فيمكن للمريض ان ينقل الفيروس إلى الآخرين بمجرد بدء ظهور البثور، لكن وعندما تجف هذه البثور وتتساقط كاشفة عن بشرة سليمة أسفلها يصبح الفيروس غير معدي.
«جدري القرود» لا يشبه «كورونا»
هذا وأشار مخباط إلى أن هذا الفيروس بطيء الانتشار بعكس فيروس «كورونا»، وفرص انتقاله من شخص لآخر ضئيلة، لأنه يتطلّب التلاصق الجلدي الحميم مع البثور التي تحمل الفيروس. وتابع: « جدري القرود لا يشبه كورونا أبداً، فلا داعي للقلق، ولكن علينا الانتباه».
الإجراءات الوقائية
ولأن «الوقاية خير من قنطار علاج»، يترتّب على الجميع الالتزام بالإجراءات الوقائية للحدّ من تفشّي الوباء والبقاء في وضع صحي آمن نوعاً ما. إليكم إذاً أبرز الإجراءات الوقائية التي نصح بها مخباط لتطبيقها:
– تجنب ملامسة الحيوانات التي يمكن أن تحمل الفيروس، وتجنّب ملامسة أي أدوات لامسها حيواناً مريضاً.
– عزل المرضى المصابين بالفيروس عن الآخرين المعرضين لخطر الإصابة.
– غسل اليدين بالماء والصابون واستخدام معقّم اليدين المكوّن من الكحول.
– إستخدام أدوات الوقاية الشخصية كالكمامات والقفازات عند رعاية المرضى.
– التعامل السليم مع ملاءات الأسرة والإنتباه عند استخدام فوط الإستحمام لأن الفيروس يعيش لمدة طويلة عليها.
ماذا عن العلاج؟
بالنسبة للعلاج، لفت مخباط إلى أنه ما من علاج لجدري القردة حتى الساعة، بل يكمن العلاج من خلال تخفيض حرارة المريض والسيطرة على جفاف الجسم من خلال إعطاء المريض السوائل.
أما نسبة الوفيات فهي ضئيلة جداً ولا تزيد عن نسبة حالةٍ بالألف وبخاصّة في البلدان التي يتمتّع شعوبها بنظام غذائي جيّد، فيمكن للجهاز المناعي أن يقاوم الفيروس وبالتالي يشفى الشخص المصاب.